ترك برس
ظهرت أولى الساعات الميكانيكية في إسطنبول في أواخر القرن الخامس عشر. وقبل ذلك، كانت “الموقِّت خانة” (غرفة التوقيت) هي المكان الرئيسي لمعرفة أوقات اليوم، وكانت تُحسب أوقات الصلاة من خلال وسائل فلكية.
ازداد شغف السلاطين العثمانيين بآلات قياس الوقت في القرن السادس عشر، مع تقديم الساعات القيّمة للبلاط العثماني من قبل الوفود الأجنبية.
حتى ذلك الوقت، كانت الثقافة تؤدي دورًا كبيرًا في تنظيم الأوقات. ومن اللافت للنظر، أن بعض بيوت المولوية في ميدان يني كابي وميدان غالاطة كانت تختص بالساعات الميكانيكية. وما زال عدد من الساعات من ذلك العهد التي لا تُقدّر بثمن موجودًا في قصور إسطنبول.
قـصـر دولـمـا بـهـتـشـة
متحدّيًا الوقت والبلى، يضم متحف الساعة في حديقة قصر دولما بهتشة ساعات عثمانية مُنمّقة، تمّ ترميمها على مر السنين بعد إخراجها من المخازن للعرض. هو أول متحف للساعات في تركيا، كان في السابق مبنى للمالية، وقد فتح أبوابه للزوار لأول مرة في عام 2010.
تضم مجموعة المتحف ساعات إنجليزية ذاتية الحركة تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، مثل ساعة صانع الساعات الشهير جورج بريور، وساعات ميكانيكية مصمّمة من أمر صانعي الساعات في فرنسا.
بعض ساعات المتحف التي يزيد عددها عن السبعين، بتصميمات إيطالية وإلمانية ونمساوية. كما يُعجب مشاهدو المجموعة بعمل صانعي الساعات المولوية العثمانية مثل أحمد إفلاكي ديدي، وميهميت شوكرو، وميهميت محسن. كما تحوي المجموعة ساعة فلكية من صنع سيّد سليمان وساعة عشرية من صنع عثمان نوري.
كان أحمد إفلاكي ديدي عالمًا دينيًا صوفيًا من القرن التاسع عشر، وقد صمّم تسع ساعات في حياته. آخر هذه الساعات موجودة في مجموعة المتحف. أُرسل إفلاكي إلى باريس من قبل البلاط العثماني لاكتساب مهارات جديدة في صناعة الساعات بعد تعلّمه في الصنعة في بيت المولوية بميدان يني كابي. تتميز ساعة ديدي بزخارفها المعقّدة وصندوق موسيقي يعزف معزوفات تقليدية.
وتتميز كل الساعات التاريخية في المتحف بتفاصيل مشغولة بدقّة، تجعلها نماذج فريدة من نوعها. وقد بُنِي قصر دولما بهتشة في القرن التاسع عشر في عهد السلطان عبد المجيد، ويستقبل القصر الزوار في كل أيام الأسبوع عدا الاثنين والخميس من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الرابعة مساءً.
قـصـر تـوبـكـابـي
تتراوح تواريخ تصنيع الساعات في قصر توبكابي بين القرنين السادس عشر والعشرين، وتُعد واحدة من أندر مجموعات الساعات حيث كانت تستخدم في عهد الدولة العثمانية. وتتنوع ساعات القصر بين الألمانية والفرنسية والروسية والسويسرية، وتضم 380 ساعة ميكانيكية.
لكل ساعة من مجموعة قصر توبكابي قصة خاصة بها، مثل ساعة حيوان الغرفين، التي أُهديت للسلطان عبد الحميد الثاني في عام 1901 من قبل القيصر الروسي نيقولا الثاني. وساعة حائط وساعة جيب ألمانيتين أهداهما للسلطان عبد الحميد الإمبراطور الألماني ويلهيلم الثاني.
كما تضم المجموعة سلسلة من الساعات الفريدة لصانع الساعات السويسري بريغيت، ذات الميناء الغني والألوان البراقة والتصميم النيوكلاسيكي لساعات بريغيت التقليدية. وقد أُهديت للسلطان محمود الثاني في مطلع القرن الثامن عشر مجموعة ساعات مُرصّعة بالأحجار الكريمة. وفي تلك الفترة بدأ صانعو الساعات السويسريون والفرنسيون والإنجليز يملؤون ميدان غلاطة في إسطنبول، وأصبح أبناء الطبقة المخملية في المدينة زبائن لديهم.
وتُعد غالبية ساعات المجموعة إنجليزية الصُّنع. وفي القرن التاسع عشر، صمّم صانعو ساعات إنجليز ساعات موسيقية وساعات بأرقام عربية. ومن أبرز هذه الماركات ماركويك مارخام، وبيرغال، وبوريل، وريكوردون.
بـيـت غـلاطـة مـولـوي
كان في السابق بيتًا للصوفية، وهو الآن متحف للثقافة الأصيلة للدراويش والباحثين الصوفيين. بُني في عام 1491 كجزء من مجمع كبير يضم أقسامًا للصلاة، ومطابخ، ومكتبة وميادين مخصصة للدراويش. ويضم المتحف غرفة للساعات، وقد دُفِن في مقبرته عدد من أبرز صانعي الساعات المولوية.
أيـن تـجـد الـسـاعـات الـعـتـيـقـة
يُنصح عشاق الساعات ممّن يزورون إسطنبول بزيارة سوق البرغوث في فيريكوي (Feriköy flea market) وميدان تشوكورما (Çukurcuma).
يفتتح السوق في أيام الأحد، وتُعد أسعاره غالية بالمقارنة مع الأسواق المحلية الأخرى في إسطنبول، لكن الباعة فيه يملكون في العادة ساعات عتيقة ثمينة يعرضونها على رفوفهم. وبمحالّه العتيقة، يُعد تشوكورما مكانًا جيدًا للعثور على الساعات الأثرية، التي ربما يصل سعر بعضها إلى 5 آلاف ليرة تركية تُعادل ألفًا و324 دولار
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!