ترك برس
رأى تقرير بجريدة "القبس" الكويتية للباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية علي حسين باكير، أن السبب الحقيقي في إيقاف تركيا عملية "درع الفرات" شمال سوريا، يعود في جزء كبير منه إلى التفاهم الأمريكي - الروسي.
وتحدث التقرير عن لقاء وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يوم الخميس الماضي، بعدد من المسؤولين الأتراك وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، في أول زيارة رسمية رفيعة المستوى لمسؤول سياسي أميركي من إدارة ترامب إلى تركيا.
وأشار التقرير إلى أن الجانب التركي عبّر خلال هذه الاجتماعات بصراحة تامّة عن الملفات الخلافيّة بين البلدين ومن بينها التطورات في سوريا وعملية الرقة ودعم الإدارة الأميركية لميليشيات (PYD/YPG) الكرديّة وموضوع تسليم فتح الله غولن.
كما تمّ التطرق خلال الزيارة إلى المواضيع الخلافيّة المستجدّة والمتعلقّة باعتقال السلطات الأميركية لنائب الرئيس التنفيذي لبنك خلق عند وصوله إلى الأراضي الأميركية، بالإضافة إلى موضوع الحظر المفروض على الأجهزة الإلكترونية على متن الخطوط الجويّة التركيّة في رحلاتها إلى أمريكا.
ووفقًا للتقرير، ترى السلطات التركية أنّ اللقاء كان مهمّاً وضروريّاً، خاصّة أنّ الجانب التركي كان متفائلاً دوماً في إمكانية أن تكون العلاقات الأميركية – التركية في عهد الرئيس دونالد ترامب أفضل بكثير ممّا كانت عليه إبّان عهد إدارة باراك أوباما السابقة، إلا أنّها لم تخرج بانطباع أكيّد حول وجود تغيّر جذري في موقف الإدارة الأميركية بالشكل الذي من الممكن له أن يسمح بتحسين العلاقات الأميركية- التركية بالشكل المطلوب.
ولفت إلى أن هذه الملفات الخلافية القائمة عدا عن تلك المستجدة تسببت بخيبة أمل كبيرة لدى الجانب التركي، فعلي سبيل المثال، يعتقد المسؤولون الأتراك أنّه كان بالإمكان إخطار السلطات التركية مسبقاً بشأن نائب الرئيس التنفيذي لبنك خلق والتنسيق بهذا الشأن بحيث يتم إرساله طوعاً للإدلاء بما لديه من معلومات بدلاً من أنّ يتم الاعتقال بهذه الطريقة ويتم عرقلة التواصل الدبلوماسي معه.
وهو أمر يرى الجانب التركي أنّه يحمل معه أجندة سياسية تماماً كما هو الحال بالنسبة إلى الحظر على الأجهزة الإلكترونية، حيث كان بإمكان السلطات الاميركية أن تنسّق مع نظيرتها التركية أو تخطرها بشكل مسبق بالأمر.
وأضاف التقرير: "مثل هذا السلوك الأميركي لا يقتصر على هذه المواضيع، إذ اعتبر مجلس الأمن القومي التركي قبيل زيارة وزير الخارجية الاميركي الى أنقرة أنّ عملية درع الفرات قد انتهت بنجاح تام بعد تحريرها عددا من المدن والبلدات في الشمال السوري وطرد تنظيم داعش منها.
ولا شك أن الجانب التركي كان قد نجح عبر هذه العملية في تعطيل تقدّم الميليشيات الكردية المدعومة أمريكيا وروسيا من اقتطاع كامل الشمال السوري، لكن السبب الحقيقي في إيقاف العملية يعود في جزء كبير منه إلى التفاهم الأميركي- الروسي".
وتابع: "خلال الشهر الماضي، قامت الولايات المتّحدة بإعطاء الضوء الأخضر لميليشيات (PYD/YPG) الكرديّة التي تدعمها في سوريا لعقد اتفاق منبج مع نظام الأسد وهو اتفاق رعته موسكو، وذلك دون اطلاع الجانب التركي على الأمر بشكل مسبق لا من قبل أميركا ولا من قبل روسيا مما أدى في النهاية إلى تعطيل العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا.
هذه الخطوة بالتحديد رسّخت من القناعة التركية أن لا تحوّل في الموقف الأميركي، وفي الوقت الذي كانت تأمل فيه أنقرة الاستفادة من تقارب إدارة ترامب مع بوتين وتوظيف هذا الأمر في مصلحتها، بدا انّ العكس هو الصحيح، إذ يحاول الطرفان الاستفادة منها في أجندَتهما الخاصة".
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من الإعلان رسمياً عن انتهاء عملية درع الفرات، إلا انّ السلطات التركية كانت قد أبقت الباب مفتوحاً أمام إمكانية إطلاق عملية عسكرية أخرى في مراحل مختلفة، كما انّ القوات المسلّحة التركية كانت قد أعلنت أنّها ستمنعُ إقامة أي كيانات إقليمية جديدة في الأراضي السورية في إشارة إلى إمكانية قيام كيان كردي تابع لميليشيات (PYD).
وهناك من يشير بالفعل الى أنّ التحضيرات جارية لإطلاق عملية عسكرية في الشمال السوري حال ورود قرار نهائي من واشنطن بشأن الاعتماد على الميليشيات الكردية في عملية الرقّة.
أمّا الهدف المرجّح للعملية، فهو إحداث خرق ثاني للخط الشمالي الذي احتلّته الميليشيات الكرديّة، وأعادت سكّانه من العرب إليه بحيث يضمن الجانب التركي عدم قيام كيان كردي، كما يقلّص من عملية التغيير الديموغرافي التي تتّبعها هذه الميليشيات في المناطق الشمالية.
وبحسب التقرير، لم يتخل الجانب التركي حتى الآن عن جهوده في محاولة استقطاب الإدارة الأميركية الجديدة، لكن من الواضح أنّ تفاؤله بامكانية فتح صفحة جديدة من العلاقات مع إدارة ترامب قد بدأ يتراجع شيئا فشيئا، وهو أمر لا يمكن أن يتمّ تغييره ما لم يحصل أي تطور ايجابي في موضوع تسليم فتح الله غولن أو التخلي عن دعم واشنطن للميليشيات الكردية.
وفي حين يرى البعض أنّه من الصعب جدا تحقيق الأمر الثاني، يشير آخرون الى أنّ الإدارة الأميركية ستدرسُ ربما خيار فرض إقامة جبرية على فتح الله غولن أو حتى تسليمه إلى الجانب التركي، وذلك لضمان عدم تفاقم الخلاف مع تركيا مستقبلا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!