محمد عزت ابوسمرة - خاص ترك برس
ليست في البعد وطول المسافات، الغربة شعور بالوحشة وافتقاد الأنس والألفة، وهذا قد يقع وأنت بين أحضان أمك وعلى تراب بلدك التي تركتها سعيا وراء لقمة العيش أو هجرة من أجل طلب العلم أو فرارا من الظلم.
الغربة مفروضة منذ ذلك الحين الذي تركت فيه قريتك الصغيرة لأنه ليس فيها مدرسة إعدادية أو ثانوية تكمل فيها تعليمك الأساسي، منذ ذلك الحين الذي تركت فيه محافظتك الكبيرة لأنه ليس فيها الجامعة التي تريدها أو الكلية التي اخترتها، الغربة مفروضة منذ ذلك الحين الذي قررت فيه أن تحيا لقضية عظيمة الناس لها منكرون أو أن تعيش لغاية نبيلة ومن حولك عنها غافلون.
ألم تسمع قول النبي: "بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ".
وأي قضية أعظم من الإسلام، وأي هدف أنبل من أن تعيش من أجل رفعته ونصرته وعزة المؤمنين به، فلا تكن محاميا فاشلا وتخسر قضية ناجحة.
إن افتقاد بلادنا للحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية هو الذي يصدِّر لنا شعور الغربة ويدفعنا إلى البحث عن الحنين، إما إلى ماضي القرية وألعاب الصبا، وإما إلى تاريخ مجيد عريق كانت بلاد الدنيا كلها لنا وطنا.
في الغربة دروس خصوصية تدفع ثمنها من مشاعرك الوجدانية لتخرج منها محملا بمجموعة من الخبرات المعرفية والمهارية حيث تدرك أنه لا بد لك من هدف تسعى إلى تحقيقه مهما كانت المشكلات التي تواجهك صعبة ومعقدة، فما هي إلا تحديات يجب أن تتغلب عليها من أجل الوصول إلى ما تريد.
كما تتعلم حسن التوكل على الله وتتعرف عليه كونه هو المعين الذي يمدك بما تحتاج نفسك تلك النفس التي يقوى الاعتماد عليها في الغربة، حتى تغدو في نهايتها أكثر وعيا للكون والإنسان والحياة من ذي قبل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس