سيفيل نورييفا – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
إن الإجابة عن سؤال "إلى أي مدى يمكن أن نقترب من أهدافنا بالاتفاق مع روسيا إيران؟" هي بسيطة جداً، إذ رأينا خلال الأشهر السابقة تحذيرات الأشخاص الذين يزعمون أنه لا يمكن الاتفاق مع روسيا أو تسليم منطقة لإيران، وكذلك سنجيب عن السؤال الذي طرحه الأشخاص الذين يشيرون إلى ملاحظات حول ثقة تركيا تجاه روسيا وإيران فيما يخص اتفاق حلف الشمال الأطلسي، في الواقع يجب التركيز على قناعة إنشاء المستقبل بناء على علم السياسة وليس الثقة بالآخرين، ويجب أن نسعى للخروج من هذه الأحداث من خلال الإدراك الصحيح للوضع والحيلولة دون الشعور بضرورة الصراع ضد الآخرين وتقديم الخسائر في هذا الصدد، إذ تُمارس هذه السياسة من قبل أمريكا وروسيا وإيران وإنجلترا، كما يجب التركيز على أنه قد حان الوقت لإنشاء استراتيجية دائمة على المدى الطويل بدلاً من الانشغال بمتابعة الأحداث اليومية، وأنا أؤكد أن هذا هو بالضبط ما تقوم به تركيا اليوم، إذ أصبحت قدرة تركيا على تصميم العلاقات الدولية من دون الاعتماد على أي جهة أخرى بمثابة جوهر تقاليد الدولة التركية، لكن ظلت هذه التقاليد تحت سيطرة العوامل الدولية لمئات السنين، وهذا الوضع المعتاد هو السبب في استمرار طرح البعض لسؤال "كيف يمكن لتركيا أن تواجه أمريكا العظمى؟".
أصبح العالم في دوامة تسببت بها سياسة الدولة الأمريكية التي تعتمد على دفع الجميع إلى الحرب، وهذه السياسة تكمن خلف جميع الحروب الجديدة بما فيها الحرب الروسية-الأوكرانية، إذ أصبح الشعور بضرورة صناعة الحروب بمثابة الهواء والماء بالنسبة إلى أمريكا، مهما يتم تصوير الصين على أنها معادية لأمريكا إلا أن الصين أيضاً لا ترغب في دخول حرب جديدة، بل تسعى الأخيرة لسرد مدوناتها التقليدية للانتصار في الحرب دون الحاجة لخوضها، إذ لا تملك الصين القدرة على أن تصبح الزعيم العالمي على الرغم من أنها تشكل قوة اقتصادية عظمى، وبصرف النظر عن الأسباب التاريخية لذلك يجب التركيز على مسألة هامة وهي "عندما لا تملك أي قوى القدرة على التركيز في مفهوم مساهمة حضارتها في لمحة الإنسان العالمية فإنها تفقد القدرة على أن تصبح قوة عظمى"، وهذا هو بالضبط السبب الكامن خلف فقدان الثقة بواشنطن، إذ سيؤدي وصول موقف أمريكا إلى درجة تدمّر الإنسان ما بين موقفها عند نقطة البداية وموقفها الحالي إلى ردعها عن البقاء على عرش السلطة العالمية.
على الرغم من أن روسيا لا تريد الاعتماد على نفسها والدخول في حرب جديدة إلا أنها لم تستطع ردع نفسها عن الإشارة إلى أنها جاهزة للحرب، الصين لا تحارب ولكن روسيا تفعل، ولا يمكن للمشاكل الاقتصادية أن تقف في وجه ذلك، كما سنشهد لاحقاً على ضرورة تغيير الأطروحات الأمريكية في الساحة في حال إقرار السلام في سوريا.
حققت تركيا وروسيا وإيران الاتفاق حول المسائل الرئيسة فيما يخص القضية السورية، إذ يجب أن لا يوصلنا هذا الوضع إلى رخاء عدم وجود أي مسألة لم يتم الاتفاق في خصوصها بين هذه الدول، لكن يبدو أنها متفقة في خصوص المسائل الخطيرة، روسيا وإيران تدعم نظام الأسد في سوريا، يجب عدم تقييم موقف روسيا تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية بناءً على رغبة روسيا في إبقاء الجميع ضمن صفوفها، لكن من الواضح أن روسيا ستظهر حساسيتها من خلال عدم تجاهلها لتحذيرات تركيا في هذا الخصوص، ومن الواضح أيضاً أن إيران تنظر إلى هذه المنظمات الإرهابية على أنها أداة يمكن استخدامها في سبيل تحقيق رغبة التوسع الإيراني في المنطقة، لكن ستنتهي هذه النظرة عندما يصل خطر هذه المنظمات الإرهابية إلى أبواب طهران، في حين تمنع هذه الحالة الدورية رؤية إيران لهذا الواقع، وفي هذا السياق اقتربت وجهات النظر تجاه المنظمات الإرهابية من مطالب تركيا، لكن لا يبدو أن روسيا وإيران قد تتراجع فيما يخص بقاء الأسد، روسيا تهتم بالنظام السوري أكثر من اهتمامها بالأسد، أما إيران فإنها مهتمة بالأسد، في الوقت الراهن يبدو أن الاتفاقات أجريت على أساس الأحداث المحتملة والواقعية.
تستغل كرملن شتى الوسائل لمنع اقتراب أمريكا من الحدود الروسية، يشكل وجود تركيا وموقفها الحالي المفتاح الأهم للحل بالنسبة إلى موسكو، في حين أن وضع روسيا الحالي يعتبر بمثابة ورقة رابحة في يد تركيا، يبدو أنه لا توجد أي دولة من الدول الثلاث تركيا-روسيا-إيران على استعداد للتخلي عن مواقفها ونفوذها في المناطق الجغرافية، وعلى الرغم من ذلك إن كانت هذه الدول تسعى إلى الاتفاق في بعض المسائل فهذا يشير إلى أن هذا الاتفاق هو السبيل لتحقيق السلام، ومن المتوقع أن إدخال أمريكا في فترة الاتفاق سيؤدي إلى زيادة نسبة ضمان تحقيق السلام، لكن إدخال أمريكا في هذه الفترة يعتمد على مدى استجابة واشنطن لمطالب حكومات الدول الثلاث، في حين أن أمريكا ترغب بوضع رغباتها فقط ضمن أجندة الاتفاق، ونستطيع إدراك ذلك من خلال الأسلحة المدعومة لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية.
روسيا أمرت جميع شركاتها الصناعية المسؤولة عن صنع السلاح بالاستعداد للحرب في أي لحظة، وهي على دراية بأن أمريكا تحاول تعزيز هذه الحرب، حتى وإن كانت تحاول كسب مدة أطول إلا أن هذا لا يغير واقع أنها لا تغض النظر عن هذه الحرب، وبذلك توجه لواشنطن رسالة استعدادها للحرب عند قدوم أمريكا، نعم.. أمريكا تريد هذه الحرب منذ البداية، وتؤمن بأن تحقيق توازن عالمي جديد يعتمد على نشوب حرب عالمية جديدة، لأن الحرب ستدفع العالم بأكمله إلى حالة من الفوضى والانهيار الاقتصادي، وبذلك سيفوز تجار المال الأمريكيين الذي يرغبون بإعادة تشكيل عالم من جديد، لذلك الآن هو وقت الانتصار دون الدخول في الحرب، وذلك ممكن من خلال الاستعداد للحرب في أي لحظة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس