ترك برس
حيثما حلّت أزمة أو كارثة على الإنسانية بشكل عام وعلى المسلمين بشكل خاص، تكون تركيا أولى الحاضرين هناك بمنظماتها الإغاثية وفرقها الأخرى، كي تمدّ يد العون وتغيث من يحتاج إلى الإغاثة، مستمدة فعلها هذا من إرثها التاريخي العثماني في رعاية شؤون الإنسانية والمسلمين.
في هذا الإطار يتساءل الكاتب الفلسطيني محمود سمير الرنتيسي، أنه لو سألنا سؤالا لأي مواطن عربي أو مسلم عن أكثر دولة تعمل لأجل مصالح المسلمين وتعمل على التخفيف من معاناة المسلمين في البقاع التي يتعرضون فيها للأذى والاعتداء فإن أول دولة تتبادر للذهن على الأغلب في هذا الإطار هي تركيا ولهذا السبب تتزايد شعبية قائدها الرئيس رجب طيب أردوغان في استطلاعات الرأي التي تقوم بها مراكز الأبحاث مثل استطلاع مركز "بيو" الذي أجري في الفترة بين 27 فبراير/ شباط و25 أبريل/ نيسان الماضيين وأُعلن عنه خلال شهر ديسمبر 2017. حيث أظهر الاستطلاع أن 63 في المئة من المشاركين أجمعوا على أن تركيا هي الدولة الثانية الأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط بعد روسيا.
جاء ذلك في مقال كتبه الرنتيسي تحت عنوان "تركيا والعالم الإسلامي" تناول فيه قضايا العالم الإسلامي في أجندة الساسة الأتراك وعلاقة السياسة التركية حول مد يد العون بالإرث العثماني في هذا الشأن.
يقول الرنتيسي، إنه عند النظر إلى الأجندة التركية وخاصة ما يتعلق منها بالعالم الإسلامي، نجد أنها تتصدر الدفاع عن أهم القضايا المركزية في العالم الإسلامي وهي القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى، وهذه القضية لوحدها تعتبر مقياساً مهما في تحديد اهتمام الدول ومكانتها في العالم الإسلامي. مبيناً أن تركيا تبنت موقفا قويا على المستوى الشعبي والرسمي وحثت الكثير من دول العالم على اتخاذ موقف معارض لقرار ترامب بشأن القدس.
ويشير الكاتب إلى المساعي التركية للدفاع عن مسلمي الروهينغا، والوفود الرسمية والشعبية التركية التي توجهت إلى منطقة أراكان وإلى بنغلاديش من أجل العمل على وقف المعاناة الإنسانية، وآخرها كانت زيارة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم إلى بنغلاديش ومناقشته مع المسؤولين هناك أوضاع مسلمي الروهينغا، فضلاً عن تحذير الخارجية التركية حكومة ميانمار من الاستمرار في العنف ضد المسلمين، ناهيك عن استقبالها لأكثر من 3 ملايين لاجيء من السوريين وأعداد كبيرة من اللاجئين من العراق وأفغانستان وقد أكد مسؤولون أتراك أن توفير الأمن لهؤلاء اللاجئين مهمة عظيمة يتشرفون بالقيام بها.
ويرى الرنتيسي أن دور تركيا في العالم الإسلامي لا يقتصر على مساعدة المتضررين والدفاع عن المظلومين فحسب، بل تقوم ببناء المساجد فعلى سبيل المثال افتتحت تركيا مسجد موسكو الكبير في 2015، وبنت مسجد عبد الحميد خان في جيبوتي في 2016، ومسجد بلال الحبشي في البرازيل في 2017، كما بدأت في بناء مسجد في كوبا، كما بنت مسجدا في 2013 في جامعة كامبردج ببريطانيا، وبنت أيضًا مسجدا دمره الصرب في البوسنة، وفي ألبانيا بنت أكبر مسجد في البلقان. وفي العاصمة الرومانية بوخارست قامت ببناء مسجد جديد.
ويلفت إلى أن هذا الاهتمام التركي بمعاناة المسلمين والعمل على رعاية أحوالهم يكرس دور تركيا الريادي في عقول وقلوب المسلمين في كافة أنحاء العالم، موضحاً أن هذا الدور الذي تقوم به أنقرة له علاقة بميراث دولة الخلافة التي كانت ترعى شؤون المسلمين كما له علاقة بمستقبل المسلمين حيث ينظرون إلى تركيا من بوابة الأمل بمزيد من القوة لها لكي تدافع بشكل أكبر عن مصالح المسلمين. وفيما تبتعد تركيا عن الغرب رويدا رويدا وتقترب من الشرق فإنها تصبح هدفا لحملات الإسلاموفوبيا.
ويختتم الكاتب الفلسطيني مقاله بالإشارة إلى النظرة الإيجابية للشعوب العربية والإسلامية إلى الدور التركي، بينما يوجد هناك من الأنظمة العربية والإسلامية من ينظر إليه نظرة منافس أو خصم، ولعل دور تركيا في قضية القدس مؤخراً كان له انعكاس على العلاقة مع السعودية والإمارات حيث لم تقم هاتان الدولتان بالدور اللازم والمفترض في الأوضاع الطبيعية خاصة أن السعودية كانت تحتل مكانة جيدة في العالم الإسلامي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!