حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

إذا أردتم معرفة الإجرام الذي ارتكبته الإمبريالية بحق الإنسانية عليكم زيارة إفريقيا، لأن قارة إفريقيا هي قارة منهوبة ومسروقة من قبل الغرب، ولا يتم سرقتها ونهبها دولة فدولة، وإنما بصورة جماعية كقارة كاملة.

لم يكتف المستعمرون بسرقة الخيرات الطبيعية لتلك القارة، وإنما نهبوا كل شيء حتى النور الذي يخرج من عيون الناس هناك، وما زال المستعمرون مستمرون بنهب تلك الخيرات تحت أقنعة جديدة، فهنا تجد انجلترا وفرنسا وإيطاليا، وبعد ذلك جاء الدور إلى الصين، والآن في كل مكان في هذه القارة تجد الصين أمامك.

نحن الآن في اليوم الثالث لجولة اردوغان نحو شرق القارة الإفريقية، وقد انتقلنا من إثيوبيا إلى جيبوتي، ومن هنا سنصل إلى الصومال لاحقا. خطاب اردوغان في البرلمان الجيبوتي كان خطابا رمزيا هاما جدا، وكان أكثر ما لفت نظرنا في ذلك الخطاب هو تركيز اردوغان على الديمقراطية والبرلمان وعلى إرادة الشعب.

"... جيبوتي اليوم تسير بخطوات ثابتة نحو الديمقراطية الحقيقية، فهي اليوم تضم تحت قبة البرلمان ممثلي مختلف أطياف الشعب باختلاف وجهات نظرهم، وكل من يتواجد هنا يحظى بثقة الشعب ودعمه، لهذا لا يوجد شيء لا يستطيع هذا البرلمان تحقيقه، ما دام الشعب يدعمه، لهذا أنا أؤمن جدا بأنّ جيبوتي بمثل هذا البرلمان، ستستمر في النهوض والتطور".

كانت هناك جموع غزيرة أمام البرلمان في انتظار اردوغان، وكانوا يرفعون الشعارات، لكن أكثر ما لفت انتباهنا هو يافطة كُتب فيها :"زيارتكم لجيبوتي كانت حلما، وأصبحت حقيقة، أيها الرجل الشجاع".

اردوغان الذي وجه كلامه لشعب جيبوتي قائلا :"نحن هنا ليس من أجل خيراتكم الطبيعية، نحن هنا لأننا إخوة"، وبالتالي تجد صدى محبة اردوغان من قبل الشعوب الإفريقية واضحة المعالم.

تعتبر جيبوتي من أكثر الدول الإفريقية أهمية من حيث الإستراتيجية الجغرافية، لهذا تجد فيها قواعد عسكرية لدول عدة، على رأسها فرنسا واليابان، لكن تركيا تسعى لإنشاء قواعد اقتصادية في جيبوتي بدلا من قواعد عسكرية كما تفعل الدول المستعمرة، ويرى المختصون أن جيبوتي ستصبح في يوم من الأيام هونغ كونغ الخليج.

النظر لتركيا من الخارج

عند خروجكم مع اردوغان إلى الخارج تستطيعون إدراك قوته القيادية بصورة أفضل، فالناس في أديس أبابا وفي جيبوتي وفي بغداد يتنافسون من أجل مشاهدة اردوغان ولمسه، ولهذا حصل الانفجار في الصومال من أجل إيصال رسالة عبر أيادي القوى العظمى مفادها "لا تأتي هنا يا اردوغان".

اردوغان اشتكى أمام البرلمان الجيبوتي من الامبريالية الغربية، حيث اعتمد خطاب اردوغان على مبدأ "الأفارقة هم من سيحلون مشاكلهم بأنفسهم"، مشيرا إلى أهمية تعاون دول القارة السمراء مع تركيا الأفروآسيوية لتحقيق أهداف الطرفين سويا.

عن ماذا تبحث تركيا في إفريقيا؟

يريد اردوغان رفع مستوى انفتاح تركيا على العالم، وزيادة ثقلها في المنطقة.

هناك عدة زيارات مفاجئة ستكون خلال مثل هذه الجولات الخارجية، فبعد الصومال هناك كوبا.

تريد تركيا بناء سياسة خارجية جديدة تعتمد على التصالح مع تاريخها في إفريقيا.

اعتاد اردوغان على دعوة رجال أعمال للسفر معه، حيث يهتم بهم فردا فردا لحل مشاكلهم وللاطلاع على أعمالهم.

يمثل اردوغان أمل المظلومين والمحرومين، وزعيما لجبهة عصيان ضد ظلم الغرب.

نلاحظ في أزقة إفريقيا عبق تركيا واردوغان، فتركيا أصبحت نموذجا للديمقراطية العلمانية.

تركيا بانفتاحها على الخارج تقلل من أهمية المشاكل الداخلية، لأنها تسعى لتحقيق قيم عليا في العالم ولشعوب المنطقة.

يقولون أن القرن الواحد والعشرين سيكون قرن إفريقيا، لهذا تبحث تركيا عن ماضيها في القارة السمراء، لبناء مستقبلها ومستقبل تلك الشعوب.

 

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس