إبراهيم كيراس - صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
تعتمد السياسة بشكل كبير على تبادل الرسائل... يعمل السياسيون على الوصول إلى أهدافهم من خلال الرسائل التي يرسلونها إلى بعضهم البعض أو إلى الفعاليات الاجتماعية المؤثرة سياسياً. وإذا ما فازوا بدعم الفعاليات الاجتماعية فإنهم سيصلون إلى هدفهم المتمثل بموافقة الأكثرية من الشعب. ولذلك فإن إرسائل الرسائل الصحيحة بالشكل الصحيح مهم لسير العملية السياسية في الطريق الصحيح.
المقدمة كانت نظرية بحتة على الأغلب ولكن لا تخافوا, سنأتي بالموضوع إلى آخر الأخبار. بسبب الانتخابات التي أصبحت قريبة فإن أهمية الرسائل السياسية المتبادلة بين الفعاليات السياسية اكتسبت أهمية مضاعفة وبالتالي فإن مسألة التحكم بهذه الرسائل من قبل أصحابها أيضاً أصبحت على قدر كبير من الأهمية. مثلاً يعبر حزب الشعب الديمقراطي الممثل للحركة السياسية الكردية منذ فترة عن أنه يريد الدخول في الانتخابات كحزب وذلك لأن المرشحين المستقلين لم يحققوا النتائج المرجوة سابقاً بسبب مسألة الحد الأدنى من الأصوات. وكما تعلمون فإن مرشح هذا الحزب حصل على ما يقارب الـ 10 بالمئة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. علماً أن نفس الحزب لم يستطع الحصول على أكثر من 6 بالمئة من الأصوات في الانتخابات المحلية التي شارك فيها والتي أقيمت قبل انتخابات رئاسة الجمهورية بأشهر. وإذا ما أخذنا في الحسبان الناخبين الأساسيين الذين يمثلهم هذا الحزب في منطقته والأصوات التي حصل عليها فإنه من الواضح أنه يجب عليه الانفتاح إذا ما أراد النجاح في الانتخابات العامة.
كان هناك ديناميكية تعتمد على شرطين أساسيين في الانتخابات الرئاسية: أولهما هو المناخ الاجتماعي والسياسي العام للانتخابات المذكورة . حيث يُعلم أن بعض ناخبي حزب الشعب الجمهوري الذي دخل الانتخابات ضد طيب أردوغان بمرشح مشترك مع حزب الحركة القومية ومع الحركة الدينية اليمينية أدلوا بأصواتهم لصلاح الدين دميرتاش الذي رأوه أقرب إليهم في تصرف يعتبر ردة فعل في المعنى الثقافي على اختيار حزبهم لذلك المرشح. أما الشرط الآخر فكان الرسائل التي تبادلها دميرتاش وحزبه في تلك الانتخابات مع أطراف العملية السياسية الآخرين. لم يتخذ دميرتاش وحلفاؤه المسألة الكردية كأساس لحملتهم الانتخابية. وفوق ذلك لم يدخلوا في نقاشات في مواضيع مثل الحكم الذاتي و الفيدرالية وما شابهها. بالعكس من ذلك فقد طوروا خطاباً سياسياً يتسم بالاقتراب من مشاكل الطبقات الاجتماعية المختلفة ومحاولة عرض حلول لها . علاوة على ذلك فقد أثر الوجه الباسم للمرشح واعتماده على تبادل الرسائل الصحيحة في الوصول إلى نتيجة مرضية.
ولكي يحصلوا على نتائج مشابهة في الانتخابات القادمة فلا بد أن يتم تهييء شروط مشابهة للسابق. ولذلك فإن دميرتاش يحاول من جهة أن يسمي مرشحاً كقادر إينان ومن جهة أخرى يحاول أن يرسل برسائل إيجابية لأنصار حزب الدعوة الحرة. ولكن من جانب آخر لا يقصر بإرسال رسائل تحتوي على التهديد من مثل إذا لم نتجتز الحاجز الأدنى للأصوات فلتتحمّل الدولة النتائج. يقول أحمد تورك الذي يعتبر من المؤثرين في الحركة السياسية الكردية: "إذا لم نجتز الحد الأدنى من الأصوات فإن وبال ذلك سيكون على الدولة. وسنقوم بكتابة قدرنا بأنفسنا. ولتفكر الدولة بالحلول."
والآن ماذا سيفكر المجتمع الكردي في المدن الكبيرة والذي يحتاج دميرتاش لأصواته وأنصار حزب الشعب الجمهوري من اليساريين أو العلويين؟ هل سيقولون "إذن إذا لم نصوت لهم ونؤمّن وصولهم للحد الأدنى من الأصوات فإن هؤلاء سيحرقون البلد. ولذلك فلنصوت لهم" ؟
ونرى مشكلة مماثلة في الرسائل من بعض المتحدين باسم حزب العدالة والتنمية. تعلمون أن رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان استقال ليكون عضواً في مجلس الشعب. وقد أفاد رئيس الجمهورية أردوغان بأنه لا يرى هذا القرار صائباً في إجابته لأسئلة الصحفيين. وقد أفاد نائب رئيس مجلس الوزراء بولنت أرينتش بأن قرار فيدان بترك رئاسة جهاز الاستخبارات غير منطقي نظراً لأنه ليس لديه الفرصة في أن يكون رئيساً لمجلس الوزراء. والواقع أنني أوافقهم الرأي. ولكن ما مدى صحة أن يتمسك بعض الذين يعرفون في الإعلام على أنهم متحدثون باسم حزب العدالة والتنمية بتصريحات أدروغان وآرينتش وجعلها مادة للنقاش في نشرات الأخبار اليومية؟
علماً أن فيدان قد اتخذ قراره منذ اليوم, واستقال من رئاسة جهاز الاستخبارات. والمفترض بعد ذلك أن تكون محاسبة فيدان على قراراته ونقده من عمل المعارضة وليس من عمل حزب العدالة والتنمية. لأن فيدان أحد أهم الوجوه التي سيدخل حزب العدالة والنتمية الانتخابات بها. ويعتبر إظهار حزب العدالة والتنمية أنه يدير العملية السياسية بعناصر قوية بعد أن أصبح العديد من الأسماء المؤثرة مضطراً لاعتزال العملية السياسية – بسبب قاعدة الفترة الثالثة- يعتبر من أهم عوامل النجاح. ولذلك فإن جعل فيدان موضوعاً للنقاش والنقد في الأخبار من قبل بعض الأنصار والمتحدثين باسم حزب العدالة والتنمية, علماً أن ذلك منتظر من المعارضة, ما هو إلا إرسال رسائل خاطئة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس