ترك برس
حظيت الانتخابات المحلية التركية بتغطية واسعة من وسائل الإعلام المحلية والدولية، بالنظر إلى التنافس الشديد الذي شهدته، وأهميتها بالنسبة إلى المستقبل السياسي لتركيا. ولكن هل كانت وسائل الإعلام الغربية منحازة في تغطيتها؟ سؤال طرحه مايكل أرنولد، الباحث الكندي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط.
يلفت أرنولد في مقال نشره موقع TRT الدولية إلى أنه من الصعب النظر إلى الانتخابات المحلية في تركيا إلا على أنها عرض لثقافة سياسية نابضة بالحياة وممارسة نموذجية في الديمقراطية.
لكنه يستدرك بالقول بأنه إذا اعتمد المرء فقط على وسائل الإعلام الغربية الرئيسية في تأطيرها للانتخابات في تركيا، فتلك فرصة جيدة تجعل المراقب العادي يخرج بانطباع بأن الأتراك يعيشون في ظل حكم ديكتاتوري لا يتسامح مطلقا مع أي شكل من أشكال المعارضة السياسية.
ويشير إلى أن دراسة للتغطية الإعلامية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت العام الماضي، قد كشفت أن "إطار الديكتاتورية" كان موجودًا في 56 بالمئة من المقالات التي تم أخذ عينات منها. ولم تخرج الانتخابات المحلية عن هذا الإطار.
ويذكر أرنولد أن المخاطر في هذه الانتخابات المحلية كانت مرتفعة بشكل غير عادي. ونتيجة لحالة عدم اليقين الاقتصادي التي تفاقمت بسبب الضغوط الخارجية والبيئة الجيوسياسية غير المستقرة إلى حد كبير، نظر الكثيرون داخل تركيا وخارجها إلى نتائج هذه الانتخابات باعتبارها نقطة تحول في الاتجاه السياسي المستقبلي الذي قد تتخذه البلاد.
وفي الانتخابات عالية المخاطر، يناور المنافسون بطرق يعتقدون أنها ستمنحهم أكبر ميزة. وهذا ينطبق على الانتخابات الأمريكية والكندية والبريطانية وكذلك في تركيا.
لكن لأسباب تتجاوز الاهتمام الظاهري بالديمقراطية، يتم النظر إلى أي شيء في تركيا بطريقة تختلف عن أي مكان آخر في العالم، حيث ينظر إليها على أن االحكومة تمثل بطريقة أو بأخرى تهديدًا متأصلًا للعملية الديمقراطية.
ويضرب أرنولد مثالا على ذلك بما نشرته وسائل الإعلام التركية في 16 آذار/ مارس الماضي، حيث نقلت صحف حرييت وبوستا وقناة سي إن إن تورك تصريحا للرئيس المشترك العام لحزب الشعوب الديمقراطي سزاي تملي، قال فيه إن حزبه هو من سيدير بلديات إسطنبول وأنقرة وليس حزب الشعب الجمهوري.
وعلى الرغم من أن كثيرا من وسائل الإعلام التركية سارعت إلى نفي أن يكون هذا التصريح قد صدر عن تملي، فإن الإعلام الغربي سعى إلى تأطير هذه الحادثة بوصفها جزءا من مؤامرة الحكومة لتقويض تحالف المعارضة، بدلا من النظر إليها على أنها تحدث في أي ديمقراطية أخرى.
ويضيف الباحث الكندي أن هذه الحادثة المألوفة في سياق لعبة السياسة عالية المخاطر والتي نظر إليها بوصفها دليلًا على أن الحكومة تسيطر على الإعلام التركي، تدل على مستوى الهستيريا التي هيمنت على تقارير الإعلام الغربي عن تركيا خاصةً منذ محاولة الانقلاب الساقط في تموز/ يوليو 2016.
وأوضح أن أي شخص يمضي وقتا ضئيلا في تركيا، ويراقب عن كثب الديناميات السياسية فيها، يعرف أن مثل هذه الادعاءات تمثل تبسيطًا مخلا في أحسن الأحوال.
وفيما يتعلق بالتغطية الغربية لنتائج الانتخابات، فقد سيطر عليها، وفقا للباحث الكندي، منظور يسعى إلى تأطير الانتخابات باعتبارها هزيمة كبرى لأردوغان. وعلى الرغم من أن خسارة العاصمة أنقرة وربما إسطنبول تمثل بلا شك نكسة لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس أردوغان، فإنه أبعد عن أن يكون "هزيمة كبرى"، حيث حصل الحزب وحلفاؤه على أكثر من 50 في المئة من الأصوات في جميع أنحاء البلاد.
وعلاوة على ذلك، فإن حقيقة أن حزب العدالة والتنمية حقق مكاسب كبيرة في المناطق ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق البلاد، تعامل معها الإعلام الغربي أيضا على أنها غير ذات أهمية إلى حد كبير لأنها لا تتناسب مع سردية قمع الأكراد السائدة في وسائل الإعلام الغربية.
ويخلص أرنولد إلى أن التغطية الإعلامية الغربية للانتخابات المحلية في تركيا كانت ضئيلة مقارنة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت في الصيف الماضي، ومع ذلك فقد سيطرت عليها النغمة الهستيريّة والتبسيط المخل في كثير من الأحيان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!