ترك برس
حذر عمر لامراني، كبير المحللين العسكريين في معهد ستراتفور للأبحاث الأمنية والسياسية الأمريكي، من أن انسحاب تركيا من حلف شمال الأطلسي أو تقليص مشاركتها في أنشطته، يمكن أن يقوض الحلف، وسيسمح لروسيا بالهيمنة على البحر الأسود.
جاء تحذير لامراني في سياق تقرير مطول نشرته صحيفة "بيزنيس إنسايدر" حول تداعيات الخلاف بين الولايات المتحدة وتركيا بسبب امتلاك الأخيرة لمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس 400، ومدى تأثير ذلك على الحلف.
وقال لامراني إن تسلح تركيا بالاسلحة الروسية سيؤدي إلى تآكل قابلية التشغيل البيني، وهو أمر ضروري للغاية للعمل مع أعضاء آخرين في الناتو وللتركيز المشترك والهدف المشترك.
وأضاف أن تركيا لا تحتاج إلى الانسحاب من حلف الناتو لإضعافه، لأن قلة التعاون التركي فحسب يمكن أن يقوض التحالف في منطقة ذات أهمية استراتيجية.
وأوضح أن تركيا تتحكم في مضيقي البوسفور وجناق قلعة. وتسيطر على الدخول والخروج من البحر الأسود. وقد ساعد ذلك تاريخيًا في إبعاد الروس عن مناطق النفط الحيوية في الشرق الأوسط.
وقال لامراني إن "تركيا تمتلك أكبر بحرية في البحر الأسود، حتى بالمقارنة مع البحرية الروسية؛ ولذلك فهي توفر وصولًا حاسمًا لحلف الناتو في منطقة البحر الأسود".
ويذكر التقرير أن تركيا بوصفها دولة مطلة على البحر الأسود ملزمة باتفاقية مونترو التي تحد من عدد وحجم السفن التي يمكن لدول غير البحر الأسود إرسالها إلى البحر وطول المدة التي يمكن أن تكون هناك، ومن بينها البحرية الأمريكية.
ووفقا للامراني، فإن "الناتو إذا لم يستطع الاعتماد على تركيا عندما يواجه روسيا، فسيكون قد فقد فعليًا أهم لاعب بحري في البحر الأسود، حيث البحرية التركية أكثر أهمية من البحرية الأمريكية، لأن الأخيرة مقيدة في كمية الحمولة وكمية السفن الحربية التي يمكن أن ترسلها إلى البحر الأسود في أي وقت من الأوقات".
وأضاف بالقول "إذا لم تعمل تركيا معك، فإن البحر الأسود سيصبح بحيرة روسية."
وأردف أنه في إطار سيناريو تبقى فيه تركيا داخل الحلف، لكنها لا تشارك أو تتعاون معه، فإن وجود الناتو في البحر الأسود وقدرة الحلف على دعم الأعضاء هناك سوف تتضاءل بشدة.
وقال لامراني "أعتقد أنه إذا استبعدت تركيا من المعادلة، ولم تعد روسيا تشعر بالقلق بشأن تركيا بعد الآن في مناورات التحالف، فإنها ستشعر بالثقة في أنها تمتلك مفتاح البحر الأسود".
وبحسب لامراني، فإن قوات الناتو في البحر الأسود التي تتكون من رومانيا وبلغاريا وقواتها البحرية الجوية صغيرة للغاية، ولا تشكل أي تهديد على الإطلاق لروسيا التي ستكون المهيمنة في تلك المنطقة، مضيفًا أن "التهديد الحقيقي الوحيد للروس في البحر الأسود هو تركيا".
وبيّن أنه مع غياب تركيا وتقييد الناتو، فستشعر رومانيا وبلغاريا أنهما لا يمكنهما تحدي روسيا كما كانتا من قبل.
ورأى أن انسحاب تركيا من الناتو سيكون له تداعيات كارثية على جورجيا وأوكرانيا الضعيفتين، حيث سيتفاقم وضع جورجيا بسبب انسحاب تركيا من الحلف.
ومع استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم وقدرتها على إملاء الحركة في بحر آزوف، حيث يقع ميناء ماريوبول الأوكراني، فإن البحرية الأوكرانية الصغيرة بالفعل تقلصت.
تشترك أوكرانيا في حدودها الغربية مع عدد من دول الناتو، لكن روسيا تواصل دعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا ولا تزال تتمتع بنفوذ في مولدوفا ومنطقة ترانسنيستريا الانفصالية، التي تقع على حدود جنوب أوكرانيا.
وقال لامراني إن غياب تركيا عن الناتو قد لا يغير قواعد اللعبة بالنسبة لأوكرانيا نظرًا لوقوعها على حدود دول للناتو، ولكن من الناخية البحرية، فهي قضية خاسرة.
ولفت الباحث إلى أن انسحاب تركيا من الحلف سيكون سلاحًا ذا حدين بالنسبة إلى اليونان، فمن ناحية ستستفيد اليونان من عدم تعاون تركيا مع الحلف، لكنها من ناحية أخرى سيتزايد صدامها مع تركيا في مناطق الخلاف بينها.
وأوضح أن الاحتكاك المتزايد يمكن أن يؤدي إلى اشتباكات محتملة بين تركيا واليونان، والتي ستكون مشكلة كبيرة للغاية، لأنهما دولتان قويتان للغاية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!