هاكان جليك – صحيفة بوسطا – ترجمة وتحرير ترك برس
عقب أزمة إسقاط المقاتلة توجهت العلاقات التركية الروسية نحو شفير الهاوية، بيد أنها عادت لتدخل مرحلة التطبيع بجهود استثنائية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ثم واجهت العلاقات امتحانًا عسيرًا مع اغتيال السفير الروسي في أنقرة. لكن تركيا وروسيا تمكنتا من إدارة هذا الحادث المرعب بهدوء.
عقب تجاوز هاتين الأزمتين الكبيرتين دخل البلدان مرحلة تطبيع سريعة وأقدما على خطوات هامة في سلسلة من المجالات بما فيها المشاريع العملاقة.
وبقرار استراتيجي، اشترت تركيا منظومة إس-400 الدفاعية من روسيا، على الرغم من الاعتراضات الشديدة من الولايات المتحدة والناتو.
وتستمر روسيا ببناء مفاعل نووي لتركيا، التي تعتمد من جهة أخرى بشكل كبير على روسيا بخصوص استيراد الغاز الطبيعي.
بلغ عدد السياح الروس القادمين إلى تركيا 7 ملايين، وبدأ البلدان مبادرات من أجل إلغاء التأشيرة بينهما. أما أردوغان وبوتين فهما من الزعماء الأكثر التقاءً في العالم.
بينما أقدمت تركيا على خطوات التقارب الجدية هذه مع روسيا على الصعيد الاستراتيجي، لايمكن القول إن موسكو اتبعت السياسة نفسها.
فموقف الحكومة الروسية يصيب أنقرة بخيبة أمل عميقة بخصوص قضيتين تمسان أمن تركيا مباشرة. فروسيا لا تعتبر "ي ب ك" تنظيمًا إرهابيًّا، بل إنها تستخدمه من حين لآخر.
رغم كل الضغوط التي مارسها أردوغان لم يغير بوتين سياساته بحيث يلبي التطلعات التركية. الأمر الأخطر والأسخن هو الدعم الروسي اللامحدود للأسد.
رغم قيام الأسد بقتل وإجبار الملايين على الهجرة، تواصل موسكو الوقوف إلى جانبه. ترعى روسيا النظام السوري إلى درجة أنه لا يمكن الإقدام على أي خطوة لإيقافه حتى في هذه الأيام التي حوصر فيها ملايين المدنيين من نساء وأطفال على حدود تركيا.
استنفرت تركيا كل إمكانياتها حتى اليوم من أجل السوريين، لكن لم يعد من الممكن أن تفتح أبوابها مرة أخرى بعد أن امتلأت عن آخرها باللاجئين.
روسيا دولة كبيرة، والدول الكبيرة تمتلك رؤية بعيدة المدى. العلاقات التركية الروسية لا تقتصر على سوريا فقط. نتحدث عن بلدين يمتلكان إمكانيات تعاون حيوي في الكثير من المجالات.
تقاربت أنقرة على جميع الصعد مع موسكو، مع أن الثمن كان تباعدها مع الناتو. أتمنى ألا تصر روسيا على موقف غير عقلاني لا يكترث لمصالح تركيا، في سبيل حماية ديكتاتور تلطخت يداه بدماء الأبرياء.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس