ترك برس
وفقا للمحلل الأمني، متين غورجان، فإن تركيا لا تشعر بالقلق من دخول مواجهة عسكرية مع مصر على الأراضي الليبية، بالنظر إلى ضعف القوات البرية المصرية، ولكن التحدي الأكبر بالنسبة لتركيا يبقى المعركة الجوية.
ويقول غورجان في تحليل بموقع المونيتور الأمريكي، إن التخطيط الاستراتيجي في أنقرة يركز على ثلاثة عوامل: قدرات مصر البرية والجوية والبحرية، واستعدادها الفعلي للتدخل، والسياق الدولي.
تعتقد أنقرة أن القوات البرية المصرية ضعيفة للغاية بالنسبة لعملية برية واسعة النطاق، لكن المصادر الأمنية التركية التي قابلتها المونيتور رفضت هذا الاحتمال.
تشير أوجه القصور في مصر في القتال ضد تنظيم داعشف شبه جزيرة سيناء، حسب تقديرات أنقرة، إلى أن قواتها البرية تفتقر إلى الكثير من القدرات في النزاعات منخفضة الحدة أيضًا.
وجهة النظر السائدة الأخرى هي أن الجيش المصري تلاحقه "صدمة استراتيجية" بشأن المغامرات الخارجية بعد تدخله الفاشل في اليمن في الستينيات، والذي يشار إليه غالبًا باسم "فيتنام مصر".
ويخلص غورجان إلى أنقرة فيما يبدو تستبعد بثقة عملية برية شاملة من قبل مصر في ليبيا.
ويلفت إلى أن أي عملية عسكرية مصرية واسعة النطاق في منطقة ذات صحاري شاسعة مثل ليبيا ستحتاج إلى درجة معينة من التفوق الجوي والدعم الجوي الوثيق. ومن ثم، فإن أنقرة مشغولة بما إذا كانت مصر ستتلقى دعمًا جويًا مفتوحًا أو سريًا من الإمارات حليفها الرئيسي في ليبيا، وروسيا.
التحدي الجوي
ويرى غورجان المشاكل الأمنية في سيناء والنزاع مع الجيران قد تؤثر في القاهرة، لكن حملة جوية مصرية إماراتية محدودة يمكن أن تمنع قوات طرابلس المدعومة من تركيا من الاستيلاء على مدينة سرت الساحلية ذات الأهمية الاستراتيجية والجفرة أكبر قاعدة جوية في ليبيا.
ووفقا لغورجان، فإن العمليات الجوية التركية للاستيلاء على سرت والجفرة، يمكن أن تستند نظريًا على ثلاث أرجل رئيسية:
الأول سيكون نشر طائرات حربية في ليبيا أو في بلد ثالث مثل مالطا، والتي يمكن أن تصل منها الطائرات إلى ليبيا بدون تزويد الطائرات بالوقود الجوي، لتقديم دعم جوي قريب للقوات البرية.
والثاني هو استخدام أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك صواريخ أرض جو، ووسائل الحرب الإلكترونية لمنع القوات المعارضة من الوصول إلى مسار الهجوم.
والثالث سيركز على تأمين ممرات لوجستية جوية وبحرية بين تركيا وليبيا. وبالمثل، فإن هذه المناطق الثلاث ستكون الأهداف الرئيسية للقوات الجوية المصرية والإماراتية.
وبالنظر إلى الهجوم على قاعدة الوطية، ترى أنقرة احتمالا كبيرا بأن تحاول الطائرات الإماراتية منع هجوم على سرت، بدعم لوجستي من مصر والطيران الروسي.
ويوضح أن استخدام الطائرات الإماراتية القواعد والقواعد المصرية سيكون ميزة كبيرة لها، حتى لو لم تشارك القوات الجوية المصرية في القتال. قد تؤدي هذه الميزة إلى زيادة الضغط على قوات طرابلس المدعومة من تركيا وتسهيل تويجه ضربات في عمق طرابلس التي تفتقر ع إلى الدفاع الجوي المناسب.
وبالمثل، قد تحاول القوات المصرية والإماراتية تعطيل الطرق اللوجستية الجوية والبحرية بين تركيا وليبيا التي تفصلها مسافة 2300 كيلومتر. وسيكون استمرار الإمدادات ونقل القوات وعمليات الإجلاء مهمة لوجستية صعبة لتركيا على هذا الطريق الطويل.
ويخلص المحلل الأمنية إلى أن بُعد القوة الجوية هو الأكثر تحديًا لأنقرة.
نقاط تصب في صالح تركيا
تعتقد أنقرة أن موقف القاهرة هو في الغالب للاستهلاك المحلي، ويهدف إلى صرف الانتباه عن فشلها في ردع إثيوبيا في نزاع مائي على النيل وسوء التعامل مع جائحة كوفيد 19. ووفقًا لتقييم أنقرة، فإن مصر التي تكافح للتعامل مع عدد قليل من الجماعات الإرهابية في سيناء لا يمكن أن تخاطر في ليبيا، وحتى لو فعلت ذلك، فإن هزيمتها المحتملة يمكن أن تعجل بنهاية نظام السيسي.
ويضيف أنه على عكس اليمن وسوريا، تتمتع حكومة الوفاق الوطني بالشرعية الدولية، مدعومة بسلسلة من الانتصارات العسكرية الأخيرة التي تمنع فعليًا التدخل المدعوم من السيسي من إراقة الدماء.
وعلاوة على ذلك، تعتقد أنقرة أن رغبة السيسي وحدها ليست كافية. قد يكون السيسي حريصًا على التدخل، على أمل تعزيز شعبيته في العالم العربي والحفاظ على الدعم المالي للإمارات، لكن أنقرة تشك في أن الجيش المصري يشارك حماسه. ووفقًا للتقييمات التركية، فإن الجيش المصري سيتردد في المشاركة في حملة عبر الحدود ذات أهداف عسكرية غامضة وخسائر تنطوي على مخاطر قد تضر بمصداقيته وتذكي الخلافات الداخلية.
على الصعيد الدولي، تدرك أنقرة جيدًا أنها بحاجة إلى دعم سياسي أوروبي، وخاصة من إيطاليا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا، والدعم اللوجستي من دول مالطا والمغرب العربي للتحرك على سرت بالإضافة إلى الدعم الأمريكي لموازنة روسيا في ليبيا. وكثفت جهودها الدبلوماسية ساعية للاستفادة من الخلافات بين دول الاتحاد الأوروبي بشأن ليبيا ومخاوف الجيش الأمريكي بشأن الوجود الروسي في البلاد.
من وجهة نظر أنقرة، سوف ينظر الليبيون إلى التدخل المصري على أنه غزو. دول الجوار مثل الجزائر وتونس التي بقيت خارج النزاع حتى الآن، سوف تنفر أيضًا من التدخل المصري بسبب المخاطر الأمنية واحتمالات موجات الهجرة.
وقبل كل شيء، تعتقد أنقرة أن مصر لا يمكنها التدخل بدون موافقة من واشنطن - وهو أمر تعتبره احتمالًا بعيدًا بسبب تحالف مصر مع روسيا.
قد تواجه القاهرة سلبيات أخرى من حيث القدرة. يجب أن تؤخذ في الاعتبار المسافة بين مصر وليبيا، ومدة التحمل واستمراريته، والحاجة إلى كسب الدعم العام والدولي. وقد اعتمدت جهود السيسي لتعزيز القدرات العسكرية لمصر على المشتريات الأجنبية، وهو جانب سلبي مهم. أي عقوبات تفرضها الدول الغربية أو روسيا يمكن أن تضعف من استمرارية التدخل واستمراريته.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!