ترك برس
أكّد خبراء ومحللون أتراك بأن تركيا تخطط لطرح حقوقها في بحر إيجه على الأجندة الدولية في إطار الاتفاقيات ذات الصلة على خلفية انتهاكات يونانية في الجزر منزوعة السلاح.
وتواصل كل من اليونان والجانب الرومي من جزيرة قبرص وبعض بلدان المنطقة، اتخاذ خطوات أحادية فيما يخص مناطق الصلاحية البحرية. وفق تقرير أعدته وكالة الأناضول التركية.
وبحسب التقرير، يتزامن ذلك مع عدم تجاوب تلك الدول مع عرض تركيا للتفاوض حول المسائل المتعلقة بشرق البحر المتوسط وبحر إيجة، وإنجاز حلول عادلة للمشاكل.
وعملت اليونان على تسليح العديد من الجزر في بحر إيجة، ولا سيما جزيرة ليمنوس- ساموثريس، منذ عام 1960، بحجة معاهدة مونترو لعام 1936 كأساس يعطيها الحق في ذلك.
كما عمدت اليونان إلى تحويل جزر إيجة إلى مخازن أسلحة، رغم أن "معاهدة لوزان" وغيرها من الاتفاقيات الدولية نصت على نزع السلاح من الجزر.
مقابل ذلك أكدت تركيا على أن تسليح تلك الجزر من قبل اليونان يشكل تهديدا للأمن القومي.
وأحدث مثال على ذلك، جزيرة ميس، وهي منزوعة السلاح بموجب "اتفاقية باريس للسلام" عام 1947، لكن اليونان ترسل إليها حاليا حشودا عسكرية.
وترتكب اليونان انتهاكات جسيمة للقوانين الدولية، بشكل لا مثيل له في العالم، فيما يخص الأجواء فوق بحر إيجة.
وتزعم أن أجواءها تمتد لـ10 أميال ومياهها الإقليمية لـ 6 أميال، أي أنه بالنسبة لأثينا، فإن السفينة العسكرية الراسية على مسافة 6 - 10 أميال عن سواحلها، لا تنتهك سيادتها، بينما تحليق مروحية من السفينة نفسها، تنتهك الأجواء اليونانية!.
ويقول خبراء أكاديميون، إنه لا يوجد سند قانوني لليونان لكي تقوم بتسليح الجزر الاثني عشر (جزر منتشه) بشكل يخالف معاهدة لوزان 1923، واتفاق باريس للسلام عام 1947.
ويوضح الخبراء، أن تركيا ستطرح حقوقها على الأجندة الدولية من جديد، في إطار الأرضية الخاصة باتفاقيات لوزان وأوشي ومونترو.
** جزر منزوعة السلاح
البروفيسور إلياس طوبصقال، نائب رئيس جامعة "إسطنبول"، يقول للأناضول، إنه "في مؤتمر باريس الذي انعقد في 27 يونيو (حزيران) 1946 بعد الحرب العالمية الثانية، تُركت الجزر الاثني عشر لليونان بدعوى أن غالبية سكانها من الروم".
ويوضح أن "مسألة الجزر الاثني عشر قد بدأ التنازع عليها بين تركيا واليونان بين الأعوام 1932 و1952".
ويضيف طوبصقال، أن "بدء اليونان في تسليح الجزر بشكل يخالف معاهدتي لوزان وباريس، أدى إلى توتر العلاقات بين أنقرة وأثينا".
ويردف أن "هذه المواقف وما شابهها تحولت إلى صراع على السيادة في مركز بحر إيجة بين اليونان وتركيا منذ ستينيات القرن الماضي، وقد بدء تسليح الجزر من قبل أثينا بشكل علني بعد هذه الفترة".
ويشير إلى أن "تصريحات اليونان التي تقول أنها تقوم بتسليح الجزر استناداً إلى اتفاقية مونترو للمضائق الموقعة عام 1936 تخالف القانون الدولي".
ويلفت إلى أن "معظم الجزر الخاضعة لسيادة اليونان تم نزع سلاحها من خلال المعاهدات الدولية التي تم توقيعها، ووضعت تحت الحماية".
ويوضح أنه "تم نزع السلاح عن جزر بوغازأونو (ليمني وسيماديرك) طبقاً للمادة الثامنة من معاهدة لوزان للمضايق، كما تم نزع السلاح عن جزر شرق إيجة المركزية (ميديللي وصاقيز وسيصام وإيقاريا) وفقاً للمادة الثالثة عشر من معاهدة لوزان للسلام".
ويضيف الأكاديمي التركي، أنه "وفقاً للفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة لاتفاق باريس للسلام 1947، تم نزع السلاح عن الجزر الاثني عشر".
ويردف طوبصقال، أنه "بهذه المعاهدات، تم النص على عدم بقاء أي قوات مسلحة في الجزر، باستثناء قوات الأمن (الشرطة)، وعدم إقامة أي تحصينات".
** اليونان تحتل الجزر الإثني عشر
من جهته، يشير البروفيسور سليمان قيزيل طوبراق، عضو هيئة التدريس بجامعة "معمار سنان" للفنون الجميلة، أن الجزر ظلت تحت حكم إيطاليا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.
ويضيف الأكاديمي التركي في حديثه للأناضول، أن "هذه الجزر انتُزعت من إيطاليا، ومُنحت لليونان في مؤتمر باريس عام 1947".
ويردف قيزل طوبراق، أنه "وفقًا للمادة 14 من اتفاقية باريس التي وقعتها 21 دولة، كان على اليونان نزع السلاح وإخلاء الجزر المعنية من الجنود، مع إبقاء عدد قليل من الدرك، وقوات الشرطة لإقرار الأمن".
ويشير قيزل طوبراق، إلى أنه "إذا ما تم إضافة الجزر الصغيرة والمناطق الصخرية الموجودة في بحر إيجة إلى الجزر، فسيصبح هناك حوالي 3 آلاف جزيرة، وتشكيلات صخرية".
ويقول: "إذا ما أرسلت اليونان 100 جندي لكل منها، فإنها تحتاج إلى 300 ألف جندي، وهذا يفوق بكثير الموارد البشرية والقدرة العسكرية لليونان".
ويوضح أن "منح الجزر الإثني عشر لإيطاليا في معاهدة لوزان عام 1923، ولليونان بموجب اتفاقية باريس عام 1947، يعد أمراً مخالفاً للمادة 108 من معاهدة الأمم المتحدة لعام 1945، والعديد من المواد الخاصة باتفاقية قانون معاهدات فيينا لعام 1969".
ويردف أن "القاعدة الأساسية في تغيير أحكام المعاهدات المتعددة الأطراف تنص على الإجماع أو الحصول على أغلبية ثلثي الأصوات".
ويلفت قيزل طوبراق، إلى أن "المادة الخامسة عشرة من معاهدة لوزان التي شاركت فيها ثماني دول مع تركيا قد تم تغييرها عند إبرام معاهدة باريس بمشاركة خمس دول كانت طرفاً في لوزان وهي (إنجلترا وفرنسا واليونان ويوغسلافيا وإيطاليا) و17 دولة لم تكن طرفاً في معاهدة لوزان".
ويقول إنه "وفقاً لذلك، فإنه ليس من المشروع أن يتم منح اليونان جزر الإثنى عشر"، مشيرًا أن ذلك "يخالف القانون لعدم وجود إجماع للأصوات، أو الحصول على أغلبية ثلثيها، ولذلك فإنه من الضروري إنهاء احتلال اليونان الفعلي للجزر".
** مدة صلاحية معاهدة باريس قابلة للنقاش
أما البروفيسور سلامي قوران، رئيس قسم الحقوق الدولية بكلية الحقوق جامعة "مرمرة" فيقول للأناضول، إن "الجزر الإثنى عشر التي ظلت تحت حكم الدولة العثمانية قرابة 400 سنة تُركت لإيطاليا بعد حرب البلقان، ثم تم منحها لليونان بشرط نزع السلاح عنها وفقاً لقرارات مؤتمر باريس".
وينوه إلى أن تركيا "تم دعوتها بشكل رسمي لحضور مؤتمر باريس للسلام، إلا أن الحكومة التركية قررت عدم المشاركة في هذا المؤتمر".
ويضيف قوران، أنه "بالإشارة إلى اتفاقية باريس الموقعة عام 1947، ومعاهدتي لندن 1913، ولوزان 1923، فقد تم منح الجزر لليونان بشرط أن تكون غير عسكرية".
ويلفت إلى أن اليونان "انتهكت شرط الوضع غير العسكري لمدة 60 عامًا، وهو ما يعد انتهاكا لمعاهدة باريس، التي نصت على نقل الجزر الإثنى عشر إليها".
ويشدد قوران، على أن ذلك "يمثل مخالفة للقانون الدولي، ولذلك فإن سريان هذه المعاهدة أصبح مفتوحاً للنقاش".
ويشير إلى أن اليونان "أقامت قواعد بحرية وجوية في جزيرة ميس، بل وقامت بإنزال جنود فيها في الأيام الأخيرة، وهي تقول إنها تفعل كل هذا مستندةً على حقها المشروع في الدفاع عن النفس".
ويختم قوران متسائلا: "بما أنه لا يوجد هناك أي تهديد أو هجوم من قبل تركيا على اليونان، ولا توجد حالة حرب في المنطقة، فما هو الحق المشروع في الدفاع عن النفس الذي تتحدث عنه اليونان؟!".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!