ترك برس
شهد قطاع الصناعات الدفاعية التركية، خلال العام الماضي 2023، نقلة نوعية تمثل في الإنتاج الغزير ودخول المنافسة العالمية في مجالات جديدة كان أبرزها صناعة حاملة سفن الطائرات المسيرة، فيما اختارت مجلة ديفينس (Defense)، أربع شركات تركية ضمن تصنيفها لأفضل 100 شركة في العالم، الذي يعتمد على حجم مبيعات الأسلحة على أساس سنوي.
وخلال العام الماضي، دخل الخدمة عديد من الأسلحة الجديدة المتطورة إلى ترسانة الجيش التركي، صنعتها الشركات المحلية بأيادٍ وطنية.
ويمثل دخول هذه الأسلحة محطة جديدة في مسيرة التطوير الدفاعي التي انتهجتها تركيا منذ السبعينات، التي شهدت طفرة كبيرة منذ صعود حزب العدالة والتنمية مطلع الألفية الجديدة، بعد إطلاق خطط في مجالات عدة لتطوير البنية الصناعية والتعليمية والاقتصادية المحلية، إضافة للسياسات الخارجية.
وفي تقرير له حول الموضوع، رصد "TRT عربي" أبرز هذه الأسلحة، وكيف كان العام المنصرم لشركات الدفاع التركية.
4 شركات ضمن الأفضل في العالم
خلال عام 2023، اختارت مجلة ديفينس (Defense)، أربع شركات تركية ضمن تصنيفها لأفضل 100 شركة في العالم، الذي يعتمد على حجم مبيعات الأسلحة على أساس سنوي.
وجاءت شركة أسيلسان (ASELSAN) المتخصصة بمجال الصناعات الإلكترونية الدفاعية على رأس الشركات التركية في القائمة، إذ احتلت المرتبة 47 عالمياً.
كما ارتقت شركة صناعات الطيران والفضاء التركية توساش (TUSAŞ)، من المركز 67 عام 2022 إلى58، بعد أن بلغت عوائدها 1.4 مليار دولار.
أما شركة روكيتسان (ROKETSAN) لصناعة الصواريخ، فانتقلت من المركز 86 عام 2022 إلى المركز 80 بعد تحقيقها عوائد بلغت 873 مليون دولار.
في حين حلّت شركة أسفات (ASFAT) في المرتبة 100 عالمياً، بعد تحقيقها عوائد بقيمة 443 مليون دولار.
أسلحة برية تدخل الخدمة
وفي العام الماضي، سلمت شركة "BMC" للصناعات العسكرية الدفعة الأولى من الدبابة المطورة ألتاي الجديدة (Yeni Altay)، التي تتميز بمدفع أكبر ونظام تصويب متطور بالإضافة إلى حماية أكبر من المقذوفات المضادة للدروع.
كما ظهرت على الساحة لأول مرة، المركبة كابغان (Kapgan) وهي مركبة أرضية تدار عن بُعد من إنتاج شركة هافيلسان (Havelsan)، بالتعاون مع الشركات الرائدة في مجالها، وجرى اختبار إطلاق النار لأول مرة بعد وقت قصير من عرضها.
من ناحية أخرى، أنتجت شركة أوتوكار (Otokar)، أول مركبة عسكرية ثُمانية العجلات (8X8) بمحرك محلي، أراما 2 (ARMA II)، وأصبحت جاهزة بعد اجتياز اختبار القيادة لمسافة 6 آلاف كيلومتر.
كما أعلنت الشركة ذاتها، إنتاج المركبة ألبار (Alpar)، وهي أول مركبة مدرعة ثقيلة ذاتية القيادة تُنتج محلياً.
وانطلقت في العام الماضي أيضاً، المركبة المدرعة التكتيكية يوروك (YÖRÜK) ذات العجلات بالدفع الرباعي (4X4) في مهمتها الأولى في تركيا من مقر الرئاسة.
كما أُنتج أول محرك مركبات برية محلي من تصميم وتطوير مهندسين أتراك ليدخل في مخزون القوات المسلحة التركية، أُطلق عليه اسم تونا (TUNA)، وبنفس الوقت، اكتمل إنتاج الشحنات الأولى من المحركات المدمجة في المركبات العسكرية ذات الدفع الرباعي فوران (VURAN) لأول مرة.
أما على صعيد الحرب الإلكترونية، دخل نظام مرتر (Merter) الذي طورته شركة متيكسان (Meteksan) الخدمة لأول مرة، ويتيح القدرة على التشويش ويوفر حماية للجنود من العبوات الناسفة الموجهة عن بعد لا سلكياً.
الأسلحة الجوية
وكما شهد عام 2023 تحقيق تقدم كبير في مجال المركبات البرية، كان كذلك الطيران والحرب الجوية، وخاصة لشركتي بايكار وتوساش، إذ نُفذت الرحلات الجوية الأولى لطائرات الهليكوبتر الهجومية الثقيلة أتاك 2 (ATAK-2)، والطائرات المقاتلة بلا طيار أنكا 3 (ANKA-3)، والمركبة الجوية بلا طيار بيرقدار تي بي-3 (Bayraktar-TB3).
وبالاٍضافة إلى رحلات أول طائرة تدريب تركية تعمل بالطاقة النفاثة حر-جيت (HÜRJET)، جرى إكمال إنتاج الطائرة الوطنية المقاتلة قان (KAAN)، وكذلك إنتاج أول محرك هليكوبتر محلي ووطني ليُستخدم بطائرة الهليكوبتر غوكبي (GÖKBEY).
بدورها نجحت الطائرة قاميكازه دلي (Kamikaze DELI) في تجربة إطلاق النار، وهي مُسيرة انتحارية تحمل رأساً حربياً تعمل بالتوجيه عن بُعد.
أما في مجال الذخيرة والصواريخ، أُطلقت الطائرة بلا طيار أقينجي (AKINCI) صاروخ كروز من طراز شاكر (CHAKIR) محلي الصنع في تجربة لأول صاروخ من هذا النوع، يُطلق من طائرة مسيرة، فضلاً عن الصاروخ غوزدة (GÖZDE) وهو صاروخ من فئة الذخائر الموجهة بدقة، التي يمكن إطلاقها من طائرات "إف-16" والطائرات المسيرة نوع أقنجي وبيرقدار.
وضمن فئة الصواريخ جو-أرض أيضاً، جرى تجربة صاروخ (IHA-230) الموجه، الذي أُطلق من طائرة أقنجي بيرقدار وأصاب هدفاً بدقة من مسافة 140 كيلومتراً.
كما اختُبر صاروخ كروز الذكي، كمانكش (KEMANKEŞ) بنجاح، والذي طورته شركة بايكار.
أما في مجال أنظمة التوجيه والسيطرة الجوية، أُضيف نظام التوجيه الدقيق (HGK) إلى طائرة أقينجي، بعد تطويرها من شركة بايكار.
وفي مجال الدفاع الجوي، نجح نظام الدفاع الجوي الوطني حصار (HISAR) في تدمير أهداف على مسافة قريبة وبعيدة باستخدام صاروخ (RF) الجديد.
الأسلحة البحرية
وعلى صعيد البحرية، دخلت الخدمة في العام المنصرم أول حاملة طائرات بلا طيار في العالم، حملت اسم أناضولو (TCG ANADOLU)، كما أُطلقت سفينتا آق حصار (AKHISAR) وكوج حصار (KOÇ HİSAR) ضمن نطاق مشروع سفن الدوريات البحرية.
وتسلم سلاح البحرية، أول دفعة من المدفع البحري الوطني عيار 76/62 ملم، الذي يعد من بين الأسلحة الرئيسية للمنصات البحرية، لسفينة الدوريات البحرية، كما سُلمت الدفعة الأولى من مشروع المركبة الهجومية البرمائية المدرعة زاها (ZAHA)، الذي سيلبّي احتياجات قيادة القوات البحرية.
نجاحات متعددة الأبعاد
ويرى المحلل العسكري عبد الجبار العبو، أن المستوى الذي وصلت إليه الصناعات الدفاعية التركية ليس وليد اليوم أو الصدفة، وإنما هو ثورة خطة أطلقتها البلاد في مطلع الألفية الجديدة، للوصول إلى الاستقلال الكامل في مجال التسليح، بما يتبعه من استقلال في القرار السياسي والاقتصادي وما يحققه من تطوير في المجال العلمي والتكنولوجي والأمني على حد سواء.
وفي هذا السياق، يبيّن العبو لـTRT عربي أن "المستوى الذي وصلت إليه الصناعة الدفاعية التركية له أبعاد عدة، فمن الجانب العسكري يساعد هذا التصنيع الجيش التركي على التراكمية في التطوير، خاصة أن الشركات المحلية تصنع ما يحتاج إليه الجيش وفق عقيدته الدفاعية".
وعلى الصعيد الاقتصادي، يرى العبو أن التصنيع المحلي للسلاح سيجنب تركيا دفع مبالغ طائلة لتأمين السلاح اللازم لجيشها، قائلاً إن "القدرة على صناعة السلاح محليا، يتبعها استقلال سياسي في القرار، وتطوير علمي يواكب الحاجة المستمرة إلى تصنيع أسلحة جديدة، وهو ما بدا واضحاً من تعاون الشركات الدفاعية مع الجامعات في مجال البحث العلمي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!