ترك برس
تناول تقرير موسع لمجلة الأهرام العربي العلاقات الثقافية بين الشعبين المصرى والتركى والتي تمتد على مدى قرون طويلة، مؤكدا أن جذور العلاقات المصرية - التركية تعود إلى عهد الملك رمسيس الثانى، الذى عقد أول معاهدة سلام فى التاريخ مع الملك الحيثى خاتوشيلى الثالث فى عام 21 من حكم رمسيس الثانى.
وبحسب التقرير، تشير الوثائق إلى أن الحيثيين جاءوا من الأناضول التركية، وكذلك تمتد العلاقات إلى القرن التاسع الميلادى، عندما تم تعيين أحمد بن طولون والياً على مصر عام 868، ثم جاء الحكم العثمانى لمصر، الذى شغل حيزاً من تاريخ مصر لأربعة قرون، كان لها أثر كبير على مختلف أوجه الحياة فى مصر، وقام البلدان بتبادل التمثيل الدبلوماسى عام 1925، على مستوى القائم بالأعمال، وتم رفع مستوى التمثيل إلى سفير عام 1948.
وأوضح ان العلاقات شهدت تحسنا كبيرا، منذ الثمانينيات والتسعينيات، خصوصا بعد زيارة رئيس الوزراء التركى آنذاك، نجم الدين أربكان، لمصر فى أكتوبر 1996، وهى الزيارة التى سعى خلالها لتكوين مجموعة اقتصادية إسلامية تكون مصر أحد أعضائها، وهو ما أسفر عن تكوين مجموعة الثمانى النامية، وموافقة مصر على الانضمام إلى تلك المجموعة، حيث عقدت أول قمة لمجموعة الدول الثمانى الإسلامية فى إسطنبول، فى يونيو 1997، وقام رئيس الوزراء التركى رجب أردوغان، فى يناير 2009 بزيارة إلى مصر للتشاور بشأن أحداث غزة وقتها، كما قدم الرئيس التركى عبد الله جول فى 18 يناير 2009، للمشاركة فى مؤتمر شرم الشيخ الدولى حول غزة.
كما شارك الرئيس جول فى قمة عدم الانحياز بشرم الشيخ، فى يوليو 2009، وجاءت زيارة وزير خارجية تركيا مولود تشاوويش أوغلو، إلى القاهرة العام الماضى وتصريحاته، لتؤكد أن كلا من القاهرة وأنقرة تسعيان ربما لبدء صفحة جديدة فى العلاقات، لكن على أسس واضحة من عدم التدخل فى الشئون الداخلية ومراعاة المصالح لكلا البلدين، وهى خطوة ستتبعها خطوات مقبلة.
وتعتبر زيارة أردوغان لمصر، الأولى منذ 12 عاما، حيث كانت آخر زيارة لأردوغان إلى مصر فى نوفمبر 2012، حينما كان رئيسا للوزراء، وذلك بمناسبة الاجتماع الثانى لمجلس التعاون الإستراتيجى رفيع المستوى، بين مصر وتركيا، ولذلك كانت زيارة أردوغان الأربعاء الماضى للقاهرة، هى أول زيارة يجريها أردوغان لمصر وهو رئيس، وجاءت بعد لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسى للمرة الأولى وتصافحهما، فى حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم فى قطر نوفمبر 2022، ثم فى قمة قادة مجموعة العشرين بنيودلهى، ثم فى القمة العربية الإسلامية الاستثنائية بالرياض العام الماضى، كما تم تعيين سفراء بين البلدين العام الماضى.
ويؤكد السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، أن زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لمصر مهمة، وهناك عدة موضوعات وتطورات فى المنطقة تحتاج إلى تفاهم مصرى - تركى حولها، وأولها الوضع فى غزة، وأهمية إدخال مساعدات إنسانية للفلسطينيين، وهو ملف يحتاج تعاون القاهرة وأنقرة، وأيضا ضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ووقف آلة الحرب الإسرائيلية، وأهمية الضغط على إسرائيل باحترام القانون الدولى الإنسانى، بجانب ملفات أخرى مهمة تحتاج لتشاور قادة البلدين، مثل الأوضاع فى كل من ليبيا وسوريا والعراق ولبنان واليمن، وكذلك ملفات أمن المنطقة.
يضيف، أن العلاقات المصرية – التركية، شهدت تحسنا فى الفترة الأخيرة، حيث قام وزير التجارة المصرى بزيارة أنقرة، وقام وزير الخارجية التركى بزيارة القاهرة، ومن المهم لمصالح البلدين أن يحدث تحسن فى العلاقات على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية، خصوصا فى ظل الإهتمام بزيادة الاستثمارات المشتركة والمشروعات الاقتصادية، لأن التنسيق المشترك يخدم مصالح الدولتين، ويصب فى صالح الأمن والاستقرار فى المنطقة، نظرا لأن كلا من مصر وتركيا، دولتان مهمتان فى الشرق الأوسط.
يوضح السفير عزت سعد، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن زيارة أردوغان لمصر تعكس الأهمية التى يوليها الجانبان للعلاقات المهمة، كما أن توقيت الزيارة له دلالات مهمة، من منظور أن هناك تقاربا فى مواقف مصر وتركيا، بالنسبة لبعض القضايا ذات الأهمية الخاصة، مثل القضية الفلسطينية والأوضاع فى غزة، لرؤية القيادة فى البلدين والتى تركز على أهمية إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67، وعاصمتها القدس الشرقية، بجانب أن هناك تداعيات إقليمية واضحة للحرب فى غزة، وهى تحتاج لمعالجة، وقد كانت زيارة أردوغان فرصة لبحث هذه التداعيات سواء فيما يتعلق بالوضع فى البحر الأحمر، وأيضا التهجير القسرى للفلسطينيين والوضع الإقليمى، بشكل عام وسلوك إسرائيل فى المنطقة بصفة عامة، والملف الليبى والوضع فى سوريا والعراق.
يضيف، أن الملفين الاقتصادى والتجارى، يسيران بشكل جيد وهناك حرص متبادل منذ البداية على الحفاظ على تطوره، حتى فى ظل الخلافات فى الرؤى بين البلدين فى السنوات الماضية، وهى رؤية حكيمة من الجانبين، وقد اتخذت الدولتان خطوات مهمة لاستعادة العلاقات الكاملة بين البلدين، على مستوى سفير، من أجل إدارة وجهات النظر بينهما، حول عدد من الملفات.
كان السفير صالح موتلو شين، سفير تركيا بالقاهرة، قد أكد فى تصريحات له لـ«الأهرام العربى» أن مصر دولة مهمة للغاية ورائدة، حيث تعمل على استقرار منطقتى الشرق الأوسط والبحر المتوسط، وهى دولة شقيقة لتركيا احتلت دائما مكانة مميزة فى قلوب الشعب التركى، موضحا أن العلاقات بين الشعبين، المصرى والتركى، تمتلك تاريخا عميقا وطويلا، منذ أكثر من ألف عام، الأمر الذى أدى لوجود أسلوب معيشة وقيم وتقاليد متشابهة، وعلاقات مصاهرة مستمرة وأن مصر دائما تحتل مكانة مميزة فى قلوب الشعب التركى.
وأضاف سفير تركيا، أن حجم التبادل التجارى بين البلدين، وصل إلى ما يقارب العشرة مليارات دولار، وأن تركيا كانت فى العام الماضى السوق رقم واحد لتصدير المنتجات المصرية، مؤكدا أن ذلك سيستمر فى المستقبل، وأن مصر هى البلد الأكثر جذبا للمجتمع الاقتصادى ورجال الأعمال الأتراك، وهناك مشروعات قادمة ستؤدى لمضاعفة حجم الاستثمارات التركية فى مصر.
وأوضح السفير صالح موتلو شين، أن عدد السائحين المصريين لتركيا قارب على 200 ألف سائح، مضيفا أن القرارات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة المصرية لتسهيل استخراج تأشيرة الدخول إلى مصر للأتراك، ستسهم فى زيادة عدد السائحين الأتراك والمستثمرين أيضا، للتمتع برؤية المناطق السياحية فى مدينة شرم الشيخ التى يعشقها الأتراك، بجانب القاهرة والأقصر وأسوان، ومن المتوقع مضاعفة عدد السائحين الأتراك خمس مرات عما كان قبل هذا القرار.
وحول تأثير قرار رفع مستوى التمثيل الدبلوماسى إلى درجة سفير، بين القاهرة وأنقرة على العلاقات، قال سفير تركيا: إن هذا القرار يعكس الإرادة المشتركة للرئيسين عبد الفتاح السيسى، ورجب طيب أردوغان، كما يعكس التطلعات المشتركة من شعبى البلدين، ويهدف لتحقيق مصلحة الشعبين، ويدل القرار أيضا على الثقة والاحترام المتبادلين بين البلدين، فتركيا تنظر لمصر كدولة شقيقة ومهمة تلعب دورا أساسيا وقياديا لمصلحة السلام والاستقرار والتنمية، فى منطقتى الشرق الأوسط والبحر المتوسط، مضيفا أنه تم على مدى الثلاث سنوات السابقة، الترتيب من أجل الوصول لاتخاذ قرار رفع مستوى العلاقات إلى تبادل السفراء، وهو ما يعنى أن البلدين، قد اتفقا على إعادة علاقتهما الأخوية والتعاون بينهما، بناء على الثقة المتبادلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!