ترك برس
ذكر تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني أن الاتفاق الدفاعي المبرم مؤخراً بين تركيا والصومال، نسف اتفاقية مماثلة كانت مقديشو قد أبرمتها في وقت سابق مع أبو ظبي التي لا تزال تنتظر الحصول على نفس "الامتياز" منذ أشهر رغم أنها كانت سباقة لعرض ذلك.
تقرير الموقع البريطاني أوضح أن اتفاق أنقرة ومقديشو "نسف" اتفاقية الإمارات.
وأضافت أنه عندما وافقت الحكومة الصومالية على اتفاقية تعاون عسكري مع الإمارات في فبراير/شباط 2023، أحدث ذلك ضجة في مقديشو. اعتقد البرلمانيون في الصومال أن الاتفاقية تناقض السيادة الصومالية.
مع ذلك، آتت جهود بناء الدولة ثمارها في السنوات الأخيرة. ففي ديسمبر/كانون الأول، رفعت الأمم المتحدة حظرها على الأسلحة، الذي كان مفروضاً على البلاد، واعترفت بالتقدم الذي أحرزته الحكومة الصومالية على صعيد إضفاء طابع مؤسسي على نظامها الديمقراطي ودستورها.
بيد أن الحكومة الصومالية ظلت في حاجة إلى مساعدات أجنبية. حصلت الصومال على مساعدات للتنمية بقيمة 2.4 مليار دولار من مجموعة من المانحين، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا وقطر والإمارات في 2021، وفقاً لما نقلته صحيفة "عربي بوست".
انتقاد الاتفاقية الإماراتية
لكن فوق كل هذا، كانت الحكومة في حاجة أيضاً إلى مساعدات أمنية وتدريبات قوية من أجل أجهزتها الأمنية. ومع ذلك، اعتقد بعض أعضاء البرلمان أن الاتفاقية مع الإمارات تمادت للغاية.
تمنح الاتفاقية تفويضاً للإمارات بـ "تنفيذ عمليات عسكرية وأمنية، تتضمن العمليات البرية والبحرية والجوية، التي ترتئي أنها ملائمة للقضاء على العناصر الإرهابية". كذلك تمنح أبوظبي تصريحاً بـ "استخدام أراضي" الصومال.
بموجب الاتفاقية، يحق للإمارات "أن تستخدم الموانئ البرية والمطارات الخاصة بأراضي جمهورية الصومال الفيدرالية"، وأن تؤسس قواعد عسكرية ومراكز تدريب لتوسيع عملياتها.
لكن الجانب الأشد إثارة للجدل في هذه الاتفاقية هو الحقيقة التي تقول إنها منحت الإمارات حصانة عسكرية شاملة، وهو ما أغضب الصوماليين.
تنص الاتفاقية على أن "جميع الأشخاص الذين يعملون بموجب هذه الاتفاقية يجب منحهم ضمانات وحصانة ضد أية مسؤولية إدارية أو قانونية أو دولية" في الصومال.
تقول كذلك إن "الأشخاص الذين يعملون بموجب هذه الاتفاقية لا يمكن أن يخضعوا لأي إجراء محلي أو دولي، أو أي دعوى قانونية أو تنفيذ لأي حكم قضائي يُتخذ ضدهم" في الصومال خلال تنفيذ هذه الاتفاقية.
اتفاقية دفاعية بين تركيا والصومال
بعد أن أعطى مجلس الوزراء الصومالي الموافقة، أعادت الإمارات نشر بعض من القوات الصومالية التي دربتها في أوغندا إلى الصومال، ودفعت رواتبهم وتحملت نفقاتهم.
بعد شهر، بدأ الجيش الإماراتي في تشييد قاعدة جديدة في منطقة جوبا لاند الجنوبية، تملكها الإمارات وتديرها. وبعد مرور عام، لم يصدق البرلمان بعد رسمياً على الاتفاقية كي يستكمل الإجراء الدستوري.
بدلاً من ذلك، وافق أعضاء البرلمان بسرعة على اتفاقية دفاعية وتجارية مماثلة مع تركيا، في عملية استمرت لبضعة أسابيع في الشهر الماضي.
حيث قال مصدران مطلعان على أفكار الحكومة في مقديشو، إن حكومة الرئيس حسن شيخ محمود عندما وقعت على الاتفاقية مع الإمارات، وضعت في اعتبارها الانتخابات الرئاسية التركية 2023، التي أشارت جميع استطلاعات الرأي حولها إلى أن الرئيس أردوغان سيخسرها.
تحت أنظار أردوغان استثمرت أنقرة بكثافة في الصومال منذ 2011، وأرسلت إليها مساعدات إنسانية تجاوزت قيمتها مليار دولار، وشيدت أكبر سفارة أجنبية في البلاد، وأنشأت قاعدة عسكرية في مقديشو لتدريب ثلث الجيش الصومالي. ومن ثم فإن مغادرة أردوغان المنصب كانت ستحرم الصومال من داعم مهم.
كانت المعارضة التركية واضحة تماماً في أنها لا تشعر بالحاجة لمواصلة مثل هذه السياسة الخارجية الحازمة في مناطق مثل القرن الإفريقي، كما لم يكن لديها أي استعداد لإنفاق المال أو الوقت على الدولة الواقعة في شرق إفريقيا.
لذلك تشير المصادر إلى أن الصومال اقتربت من أبوظبي لضمان مواصلة قتالها المستمر ضد الجماعات المسلحة، وملء الفراغ المحتمل الذي ستجلبه مغادرة أردوغان.
صحيحٌ أن تغير اتجاه الرياح في تركيا كان بلا شك عاملاً في تحول استجابة الصومال عن الاتفاق الإماراتي، لكن ما غير تفكير مقديشو بالفعل حول تركيا هو تطور العلاقات بين إثيوبيا وصوماليلاند الانفصالية هذا العام، ما أقلق مقديشو بشدة.
كما أن الصومال لا تمتلك قوة جوية ولا قوة بحرية. ولذلك فإن أية محاولة إثيوبية لفرض إرادتها على المياه الصومالية لن تجد أي رد من القوات الصومالية.
غير أن تركيا يمكن أن توفر بعض التوازن. إذ إنها تملك بالفعل قاعدة عسكرية وسفناً حربية تعمل قبالة سواحل الصومال، في إطار قوة مكافحة القرصنة التابعة للأمم المتحدة.
مخاوف إماراتية من قطر
بعد ذلك تم التوصل إلى اتفاقية دفاعية بين تركيا والصومال، التي لا تزال الحكومتان تحتفظ بسرية محتواها. وتشير تقارير إلى أن الاتفاقية تنص على أن تحمي أنقرة المياه الصومالية ضد الانتهاكات على مدى السنوات العشر القادمة. ويقول بعض المطلعين على بواطن الأمور إن الاتفاقية تدعمها قطر.
كتب محمد أوزكان، الأستاذ الجامعي لدى جامعة الدفاع الوطني في تركيا: "الإمارات هي الأرجح البلد الأشد انزعاجاً من الاتفاقية الأمنية والدفاعية بين تركيا والصومال".
كما أوضح: "تبذل الإمارات جهوداً دبلوماسية جادة منذ العام الماضي للتوقيع على اتفاقية أمنية مماثلة جداً، بل أكثر تطوراً، مع الصومال. ومع ذلك، كانت الاستجابة من الصومال ممانعة، وهو السبب في وجود رد فعل وإحباط من جانب الإمارات حول هذه التطورات".
بينما قال المسؤولون الأتراك إن اتفاقية دفاعية بين تركيا والصومال لم تسبب أية تداعيات مع أبوظبي.
مع ذلك، يشير رد الفعل العدواني السلبي غير المباشر من جانب الإمارات على الاتفاقية التركية الصومالية، إلى أن هناك بعض التنازعات حول الدور القطري المحتمل في هذه الاتفاقية.
حسب الموقع البريطاني، أبلغ المسؤولون الإماراتيون مقديشو في وقت سابق من هذا الشهر، بأنهم قد ينهون دعماً مالياً لبعض القوات العسكرية الصومالية بقيمة 5 ملايين دولار.
صحيح أن القرار كان مرتبطاً بالحقيقة التي تقول إن هجوماً شنته حركة الشباب في مطلع فبراير/شباط على قاعدة عسكرية في الصومال تسببت في مقتل مسؤول إماراتي رفيع، وهو العقيد الركن محمد مبارك المنصوري، لكن القرار ينظر إليه على نطاق واسع على أنه ردٌّ على الاتفاقية الصومالية التركية.
بينما أشار مصدر إلى أن سبب القلق الرئيسي بالنسبة للإمارات يتمثل في التعاون القطري الممكن مع الصومال وليس التعاون مع تركيا، التي تتمتع الإمارات بعلاقات وثيقة معها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!