ترك برس
رأى الإعلامي والكاتب الصحفي التركي طه كيلينتش، أن توقيع اتفاقية سلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل سيعزز من ظهور السعوديين على الساحة الفلسطينية وساحة الشرق الأوسط، وأن الرياض تعتبر الأردن عقبة أمام توسعها الإقليمي.
وتطرق كيلينتش في مقال بصحيفة يني شفق إلى ما ذكرته وسائل الإعلام الأمريكية على نطاق واسع بأن اتفاقية سلام شامل قائمة على "التطبيع الكامل" بين السعودية وإسرائيل باتت وشيكة.
وقال إنه كان من الممكن توقيع الاتفاقية المذكورة قبل ذلك بكثير، لكن عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حماس في 7 أكتوبر، أدت إلى تأخير هذه العملية لعدة أشهر مليئة بالألم، "وتبدي الحكومة السعودية غضبا شديدا تجاه حماس بسبب هذه العملية".
وأضاف: "من وجهة نظر السعودية، يمثل طوفان الأقصى هدفا سجلته حماس، التي تسيطر عليها إيران، في مرمى السعودية. كما أن الأطراف تؤكد على هذا التفسير من خلال التصريحات التي تصدرها للرأي العام من وقت لآخر".
وحتى الآن، أبرمت ست دول عربية رسميا اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وهي: مصر عام (1979)، والأردن (1994)، والإمارات العربية المتحدة (2020)، والبحرين (2020)، والسودان (2020)، والمغرب (2020). وجلست الدول الأربع الأخيرة إلى طاولة المفاوضات في إطار "اتفاقيات إبراهيم" التي طرحها الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
ويشير الكاتب التركي إلى أن إسرائيل تعمل بالتعاون مع مصر على إدارة ملف غزة، بينما يقع على عاتق الأردن، بموجب اتفاقيتها مع إسرائيل، مسؤولية حماية المقدسات الإسلامية في القدس وفلسطين، وعلى رأسها المسجد الأقصى. وتقوم علاقات الإمارات العربية المتحدة والبحرين مع إسرائيل بشكل أساسي على أسس اقتصادية. أما موقف السودان، وهو الجزء الأكثر غرابة في هذه المعادلة، فيعكس المخاوف الأمنية لدى الكوادر العسكرية التي وصلت إلى السلطة من خلال انقلاب. وبالنسبة للمغرب فهو بلد تربطه بإسرائيل علاقات وثيقة وعميقة للغاية في العديد من المجالات منذ عقود.
وتابع: "لا شك أن توقيع اتفاقية سلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل سيعزز من ظهور السعوديين على الساحة الفلسطينية وساحة الشرق الأوسط. وسيكون لذلك تداعيات على كل من السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، وحركة حماس، والجبهة الإسرائيلية ودول المنطقة. فالسعوديون لا يملكون قوة مادية هائلة فحسب؛ بل إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي احتكر كل السيطرة الفعلية في الرياض خلال السنوات القليلة الماضية، شخصية طموحة للغاية لا يريد أي منافس له ولحكمه في الشرق الأوسط. وكل من يتابع المنطقة عن كثب يدرك هشاشة العلاقات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وقطر، باستثناء "العدو الرسمي" إيران. ومن وجهة نظر السعودية يعد الأردن لاعبا "يجب إخراجه من اللعبة". فالأردن ـ أقرب الدول العربية إلى فلسطين ـ يمثل بلا شك عقبة في نظر دولة متعطشة للتوسع الإقليمي".
وقال إن أكبر تطلعات المملكة العربية السعودية من الولايات المتحدة فيما يتعلق بقدرتها على تنفيذ أجندتها الخاصة بسهولة هو فوز دونالد ترامب في الانتخابات القادمة في نوفمبر. وهم يبنون آمالهم على عودة جاريد كوشنر، صهر ترامب، إلى "دبلوماسية المكوك" بين العواصم الإقليمية . ففي نظر النخب السياسية الجديدة في الرياض التي تسعى إلى إعادة تصميم البلاد بالكامل، عن طريق فتح المملكة العربية السعودية على العالم وكسر العديد من "المحرمات"، يُمثل ثنائي ترامب وكوشنر الخيار الأكثر منطقية وعقلانية.
وبحسب كيلينتش، فإن هناك شخص آخر ينتظر بفارغ الصبر عودة ترامب وصهره إلى مقاليد الحكم في البيت الأبيض وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. حيث يتوقع نتنياهو، الذي عرقل إمكانية وقف إطلاق النار في غزة ودفع القضية إلى طريق مسدود، أن يتمكن من التحرك بحرية أكبر بكثير في ظل إدارة ترامب محتملة.
وأضاف: "يعرف ترامب بتجاهله "القواعد التي تقدم على أنها السياسة الأمريكية التقليدية" في العديد من القضايا وسلوكه كـ "تاجر يهتم فقط بالربح". وأبرز مثال على ذلك هو نقل سفارة الولايات المتحدة في تل أبيب إلى القدس. وبذلك اعترفت الإدارة الأمريكية رسميا بالاحتلال الإسرائيلي للقدس. فما الذي يمكن أن يفعله ترامب أيضا؟ يمكنه اتخاذ قرار بالانسحاب من شمال سوريا، والتخلي عن الأردن واستبداله بالمملكة العربية السعودية. وإعطاء الضوء الأخضر لاغتيالات تستهدف مسؤولين رفيعي المستوى لدى حماس. إن هذه الاحتمالات الثلاثة فقط لديها القدرة على قلب موازين القوى وزعزعة التوازن برمته في الشرق الأوسط".
وختم المقال: "في بداية حرب الخليج (1991)، اختار الملك حسين ملك الأردن، الذي كان يفكر في التوازنات المحلية ومصالح بلاده، الوقوف إلى جانب صدام حسين بدلا من الولايات المتحدة وحلفائها. وتروي الملكة نور في مذكراتها بإسهاب كيف تم تهميش الأردن في تلك الأيام وكيف مر الملك بانهيار نفسي كبير. لا شك أن الزلزال الذي حدث في ذلك الوقت عندما كانت الولايات المتحدة تتصرف تماما وفقا لقواعدها الخاصة قد ترك تأثيرا كبيرا في الأردن. ومن المؤكد أن حالة الغموض وعدم اليقين التي يعيشها الأردن اليوم، تصبح موضوع نقاشات مشحونة بالقلق والتوتر في أروقة القصر بعمان".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!