ترك برس
يُمثّل ملف مسلحي تنظيم "حزب العمال الكردستاني" (PKK) المصنف في قوائم الإرهاب، العقدة الأبرز في المباحثات بين تركيا والعراق، لكن تقدماً واضحاً تحقق هذا العام بعد تصنيف بغداد للتنظيم منظمة محظورة، والتعهد بالعمل مع أنقرة في هذا الإطار.
ونقلت صحيفة العربي الجديد عن أعضاء في البرلمان ومسؤولين في أحزاب كردية عراقية بإقليم كردستان وبغداد حديثهم عن تصاعد كبير في وتيرة العمليات التركية داخل العراق عبر القصف الجوي والمدفعي والهجمات البرية، بما يقارب 1000 هجوم منذ مطلع العام الحالي.
ووفقا للصحيفة، فسر المتحدثون تغاضي بغداد عن العمليات التركية المكثفة بأنه ضمن تفاهمات مسبقة تتعلق بالوضع الأمني على الحدود مع تركيا. وتستهدف العمليات التركية داخل العراق مسلحي حزب العمال الكردستاني الذين يتحصنون في البلدات والمناطق العراقية الحدودية ضمن إقليم كردستان، شمالي العراق، وأبرزها قنديل وسوران وسيدكان والعمادية والزاب وحفاتين وكاره، ومناطق أخرى محيطة في شمال أربيل وشرقي دهوك.
ويُمثّل ملف مسلحي "العمال الكردستاني" الذي ينشط داخل العراق ويتخذه منطلقاً لشن اعتداءات متكررة داخل تركيا، العقدة الأبرز في المباحثات بين البلدين، لكن تقدماً واضحاً تحقق هذا العام بعد اعتبار العراق "العمال" منظمة محظورة، والتعهد بالعمل مع تركيا في هذا الإطار، وسط تحديات غير خافية، أبرزها العلاقة الجيدة التي تربط ما بين الحزب وفصائل عراقية مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خصوصاً في مناطق سنجار، غربي نينوى. وفق العربي الجديد.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي علي البنداوي، لـ"العربي الجديد"، إن العراق سجل قرابة 1000 هجوم تركي داخل الأراضي العراقية منذ مطلع العام 2024 بواسطة الطيران الحربي والمسيّر والقصف المدفعي والعمليات البرية، التي تصل إلى نحو 40 كيلومتراً في العمق العراقي. وبيّن البنداوي أن هذا "يؤشر إلى تصاعد خطير في وتيرة العمليات التركية داخل العراق التي قد تكون بديلاً لهجوم تركي واسع كان يتم الحديث عنه في الأسابيع الماضية". وأضاف أن "الحكومة العراقية كانت سابقاً تندد عبر المواقف الرسمية بهجمات كهذه، لكنها حالياً توقفت عن إصدار أي بيانات استنكار إعلامية، وهذا الأمر يعني وجود تفاهم ما".
من جهته، قال القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الصعب إحصاء الهجمات منذ مطلع العام، لكن نعتقد أنها الأعلى من ناحية معدل تلك الهجمات وشدتها منذ فترة". وأضاف أن بعض تلك الضربات أسفرت عن خسائر مادية في ممتلكات المواطنين، إضافة إلى تسببها بحرائق ببعض المناطق الزراعية وغيرها. لكن مسؤولاً أمنياً رفيعاً في أربيل قال، لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه، إن جميع العمليات التركية داخل العراق تتم في مناطق خالية وغير مأهولة بالسكان وتستهدف مواقع عسكرية ومسلحة لعناصر حزب العمال الكردستاني. وتحدث عن مقتل وإصابة المئات من مسلحي "العمال الكردستاني" بالعمليات التركية، مع مواصلة قوات البشمركة الانتشار بكثافة في مناطق التماس مع مواقع "العمال" لمنعهم من التمدد إلى أراضٍ جديدة في الإقليم والسيطرة عليها تعويضاً عن خسائرهم إثر انسحابهم من مناطق عدة لصالح الجيش التركي.
والاثنين الماضي، قال كاميران عثمان، عضو فريق العراق في منظمة (CPT)، وهي منظمة حقوقية كردية أميركية، إنه "منذ بداية العام الحالي وحتى يونيو/ حزيران الحالي، نفذ الجيش التركي 833 هجوماً وتفجيراً على أراضي إقليم كردستان، ما أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين". وبيّن عثمان، في تصريحات أدلى بها لمحطة تلفزيون محلية كردية، أن "القصف توزع على المحافظات، حيث شهدت محافظة دهوك 365 هجوماً ومحافظة أربيل 356، ومحافظة السليمانية 102، كما شملت الحصيلة قضاء سنجار في محافظة نينوى بعشرة استهدافات مختلفة من قبل القوات التركية". وكشف أنه "في اليومين الماضيين فقط، قصف الجيش التركي 27 مرة سلسلة جبال متين وقرية رشافا في ناحية العمادية، وجبل ساوين في قنديل، وقمة جبل كورشل وكيورش في قضاء رانية، وجبل جاسوسان في قضاء بشدر، وقرية كاني ميراني كوماري ونزارة في قضاء بنجوين".
في المقابل، قال المحلل السياسي والأمني محمد علي الحكيم، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تغاضياً واضحاً من قبل الحكومة العراقية عن تصاعد العمليات التركية داخل العراق، وهذا الأمر يثير الشكوك، ويؤكد أن تلك الضربات تنفذ بضوء أخضر من قبل بغداد، كونها لا تبدي أي معارضة لها كما كانت تفعل سابقاً". وبيّن الحكيم أن "مجلس النواب كجهة رقابية على عمل الحكومة عليه مساءلتها عن أسباب الصمت تجاه الهجمات التركية على العراق، وهل هناك اتفاق غير معلن على تلك الضربات، وهل هي تجري بعلم بغداد وموافقتها؟ فكل تلك الأسئلة تحتاج إلى إجابات واضحة وصريحة، فهذا الأمر يتعلق بسيادة البلاد وحفظ أمنه القومي". وأضاف أن "المتابع لحكومة محمد شياع السوداني يرى أنها الأقل من بين كل الحكومات السابقة في إعلان رفض الاعتداءات التركية على سيادة العراق، خصوصاً بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (لبغداد أخيراً)، إذ ارتفعت وتيرة الضربات التركية وازداد الصمت الحكومي العراقي تجاه تلك الضربات".
وتنفذ القوات التركية عملية "المخلب ـ القفل"، التي أطلقتها في منتصف إبريل/ نيسان 2022، وهي تستهدف مواقع وتحركات مسلحي "العمال الكردستاني" في مناطق متين والزاب وأفشين ـ باسيان في إقليم كردستان العراق. ويتكتم مسلحو "العمال" على حجم الخسائر والأضرار التي تنجم عن العمليات التركية داخل العراق، إذ لم يصدر عنها أي توضيح بشأن ذلك.
وينتشر "العمال الكردستاني" في مناطق متفرقة من إقليم كردستان إلى جانب مناطق غرب نينوى، أبرزها سوران وسيدكان وقنديل وزاخو والزاب والعمادية وحفتانين وكاني ماسي، إلى جانب مخمور وسنجار. ومنذ منتصف العام 2021، تستهدف العمليات التركية البرية والجوية مقار "العمال الكردستاني" ومسلحيه في الشمال العراقي، وتحديداً مناطق ضمن إقليم كردستان، وتقع أغلبها بمحاذاة الحدود مع تركيا، حيث يتخذ الحزب منها منطلقاً لشن عمليات مسلحة في الداخل التركي بحسب الرواية الرسمية في أنقرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!