ترك برس

عاد الجدل بين تركيا ودول أوروبا من جديد حول تنظيم "الذئاب الرمادية"، بعد تهدئة استمرت لسنوات منذ آخر جدل مشابه حين حظرت فرنسا ودولاً أخرى هذا التنظيم القومي على أراضيها.

سبب الجدل هذه المرة بين أنقرة وأوروبا، حول هذا التنظيم هو إحالة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يوم 3 يوليو/تموز 2024 مدافع المنتخب التركي ميريح ديميرال للتحقيق إثر تحية "الذئاب الرمادية" التي قام بها بعد تسجيله هدفا ثانيا في مباراة ثمن نهائي يورو 2024.

و"الذئاب الرمادية" تنظيم يميني تركي يتبنى عقيدة قومية متشددة، ويسميه البعض أيضا تنظيم "المثاليين". وكان يعد الذراع المسلحة غير الرسمية لحزب الحركة القومية، وأسس جناحا شبابيا للحزب.

اتُهم التنظيم منذ تأسيسه بالضلوع في عنف مسيس ضد جماعات يسارية، فحُظر في فرنسا ودول أخرى ومُنعت إشارته في النمسا، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".

وتنتشر جمعيات غير رسمية للتنظيم في عديد من الجامعات المرموقة، وتكثر في قبرص التركية.

النشأة والتأسيس

تأسس التنظيم على يد ألب أرسلان توركش المولود عام 1917، وهو عقيد سابق في الجيش، وكان من بين المشاركين في انقلاب 1960 على الحكومة المنتخبة لحزب الديمقراطية بزعامة عدنان مندريس، وأسس بعدها حزب الحركة القومية التركي عام 1969.

وبدأ التنظيم حركة ثقافية تعليمية، قبل أن يتحول إلى جناح غير عسكري للحزب، وانخرط من حينها في أعمال عنف مع جماعات يسارية.

وعند تأسيسه (خلال فترة الحرب الباردة) كان يعد تنظيما مناهضا للشيوعية، إذ كان الأتراك يخشون روسيا التي عُدت حينها "العدو الأكبر للأتراك".

وفي أوائل التسعينيات، وسع التنظيم حدود نشاطه حتى داخل الاتحاد السوفياتي.

التسمية والرمز

يسمى تنظيم الذئاب الرمادية أيضا "تنظيم الشباب المثالي"، لكنه اشتهر باسمه الأول المشتق من أسطورة قديمة تروي قصة حرب إبادة شُنت ضد الأتراك، ونجا منها طفل واحد تزوج ذئبة حمت الأتراك الأصليين حتى وصلوا إلى هضبة الأناضول، وأنجب منها أبناء أعادوا بناء القبائل التركية.

ارتبطت هذه الأسطورة بالشعار أيضا، الذي يشير إلى اعتقاد قومي يعني "نقاء الجنس التركي والهوية المميزة".

ويرفع أعضاء التنظيم إشارة بأيديهم، عبر رفع السبابة والخنصر وضم اليد وباقي الأصابع، لتشكيل ما يشبه رأس الذئب، وتعد هذه الحركة التزاما بأيديولوجية التنظيم.

ولا يقتصر استخدام هذه الإشارة على أعضاء التنظيم ولا اليمين المتطرف، ففي بعض الأحيان تستخدم لإثارة استفزاز المعارضين السياسيين، أو للتعبير عن القومية التركية، وقد سبق أن رفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه العلامة خلال تجمع انتخابي.

ويقول باحثون إن هذه الإشارة لا تشير بالضرورة إلى الانتماء إلى منظمة "الذئاب الرمادية"، لكنها قد تعني "التعاطف معها".

الفكر والأيديولوجيا

يلتزم التنظيم بالقومية التركية، ويسعى لتوحيد الشعوب التركية في دولة واحدة واستعادة أمجادها وتاريخها.

ويمجّد تنظيم الذئاب الرمادية "العرق التركي النقي"، ويتبنى الأيدولوجية الطورانية، ويرفض الاتهامات الموجهة لتركيا بارتكابها "إبادة جماعية" ضد الأرمن.

اللاعب التركي ميريح ديميريل تعرض للعقوبة لرفعه إشارة الذئاب الرمادية في بطولة يورو 2024 (الفرنسية)

تنظيم محظور

خلال ثمانينيات القرن الماضي، سُجن عدد من أعضاء تنظيم الذئاب الرمادية عقب الانقلاب العسكري عام 1980.

لكن الحكومة التركية جندت أعضاء من التنظيم عام 1993 لمحاربة جماعات يسارية بحجة الحفاظ على القانون والنظام.

وتحظر عديد من الدول الأوروبية هذا التنظيم، ومنها فرنسا وألمانيا وهولندا والنمسا، ويتهمه كثيرون بالتورط في قتل مئات الأشخاص، منهم صحفيون ومثقفون وطلاب ونقابيون، بعضهم أكراد وعلويون.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!