د.مصطفى حامد أوغلو - خاص ترك برس
بعد تسارع وتيرة التصريحات من الطرفين التركي ونظام الأسد عن موعد ومكان وشروط اللقاء المزعوم ، كثرت المقالات والللقاءات التلفزيونية وانقسمت ما بين مؤيد ومعترض ومشكك ومراهن على فشلها.
مع الأسف الشديد ونتيجة لتطور التكنولوجيا الاعلامية، وكسر احتكار المؤسسات الاعلامية الرسمية للخبر والكلمة والمعلومة ، أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي تعج بفيديوهات وشخصيات كثيرة تنتحل زورا اسم "الباحث" "والخبير" "والدكتور" و"المستشار" بكل صفاقة وابتذال مما جعل المواطن البسيط يضيع بين كل هذه الآراء والتقييمات والسناريوهات وتجعل كل فريق فرح بما لديه من فكرة وتصور، يتخندق حوله ولا يحيد عنه وكأنه الحق المنزل من السماء.
ومع غياب كثير من المراكز التي تسمي نفسها بمراكز الدراسات والاستشراف والاستشراق وغيرها من أسماء لكنها بغالبية منتجاتها لا يمكن وصفها بهذه الاوصاف التي تتباهى بها ،ولم تقدم للثورة دراسات عميقة علمية يمكن اعتمادها كخارطة طريق ،رغم أنها مؤسسات ولدت بسبب دماء شعب أريقت على أرض الوطن .وهذا أيضا جرح من جراح السوريين الكثيرة ..
يذهب الكثيرون بتحليلاتهم وآراءهم لإثبات وجهة نظرهم التي يتمنون تحقيقها أو التي تتماشى مع موقفهم وتموضعهم الفكري والسياسي وحتى المؤسساتي والدولة التي تدعمهم أو التي يقيمون بها.
وهذا خلل بالتفكير النقدي والانحياز العاطفي، بينما الأصل هو التركيز على المشكلة بعيدا عن العواطف والأمنيات ومقاربتها بكل مهنية وحيادية وتقديم السناريوهات المحتملة حتى وإن كانت مؤلمة.
ترى ذلك بشكل واضحاً من خلال مراجعة بسيطة وسريعة لأقوال ومقابلات وتصريحات ومقالات هؤلاء بالماضي القريب ، لترى الانعطافات المواقفية لا تقل عن الانعطافات السياسية الحاصلة.
مما لاشك أن هناك أسباب كثيرة وراء هذا التسارع التركي نحو نظام دمشق رغم بردوة رد الأخير وتمنعه ، لكن ربما يغيب عن البعض تسارع هذه التصريحات بعد تصريح دولة بهجلي أمام مجموعته البرلمانية حيث قال آن الأوان أن يتم التواصل مع النظام بدمشق والعمل على اعادة اللاجئين السوريين بشكل سريع لأنهم أصبحوا عبأ على النسيج المجتمعي التركي .
هذه التصريحات التقت مع توجهات كثير من النخب التركية والاعلاميين وكثير من السياسيين بمافيهم جزء ليس بالقليل من العدالة والتنمية الحاكم الذي هو بأمس الحاجة الي سند ودعم الحركة القومية وإلا فإن الانتخابات المبكرة وخوضها منفرداُ هذه المرة هو الحل الوحيد أمامه ، وهذا ايضاً تطالب به بعض الأصوات بالحزب.ورطة وضع الحزب الحاكم نفسه بها بعد الانتقال للنظام الجمهوري الذي لم يعد يعرف المخرج منه.
سيطرت الفصائل العسكرية الأقوى بالشمال السوري القريبة من التوجهات القومية بتركيا، ووضع الشمال السوري من تدخل مباشر بالحياة السياسية والمدنية والمجالس المحلية يشير هو الآخر لسيطرة شريحة قد تكون قريبة من هذا التوجه وربما لا تعارض أي تقارب تركي أسدي ، وهي المؤهلة لقيادة المرحلة الانتقالية القادمة
ثمة سناريو يجنح له البعض ويرى أن كل هذه الارهاصات ووضع الشمال وسيطرة القوى المؤثرة ولقاءات استانا وسوتشي قد تفضي لصورة مصغرة بدمج بعض هذه الفصائل من مكونات معينة من الجيش الوطني الذي تغير أسمه من الجيش الحر – ربما تغيير الاسم هذا ايضا كان تحضيرا لهذه المرحلة، فلم يعد جيش حر هناك يُعترض عليه – مع الجيش السوري لتقوم بمهة ادارة مناطق الشمال والمعابر الحدودية الدولية بشكل شبه ذاتي بالتنسيق مع الدولة الضامنة، ريثما تستقر الأمور ويسيطر الجيش "السوري المركزي" بشكل مباشر .
ولاستكمال هذا السناريو لابد من غطاء ديني عاطقي من قبل شريحة دينية ربما عشائرية قد يكون العمل جاري على اعدادها ذهنياً وعاطفياً من خلال شخصيات ترى أن الرمد أفضل من العمى وأن هذا الحل يخفف معانات السوريين النازحين بالمخيمات ودول اللجوء بعد هذا الفشل الذريع للائتلاف والمعارضة السورية السياسية وما أفرزته من مؤسسات مشلولة تابعة لها.
هذا السناريو يدحض مقولة المعارضين بأن النظام لا قوة له للسيطرة على كل بقاع الأراضي السورية ، ويبقى الفصائل شبه مستقلة مما يخفف انتقادها من الشارع خاصة إذا عملت بجد على تحقيق استباب الأمن وتحقيق العدل .
هذه الارهاصات لا تختلتف بل تلتقي كثيرا بحلقاتها مع الاستراتيجيات العشر للتحكم بالشعوب التي ذكرها البرفسور نعوم تشومسكي من استراتيجية التدرج والالهاء واستثارة العاطفة وحل المشاكل وغيرها.
هل تعترض ايران على هذا السناريو أم يلبي كثير من أهدافها !؟
وهل تدفع روسيا بهذا السناريو وهل هي من أوجدته !؟؟
أمريكا أين هي من هذا السناريو هل تعارضه ؟! ولماذا !!؟؟
كلها أسئلة محقة مشروعة بل ومطلوبة ..
لكن يظل السؤال الأهم هو أين أصحاب الثورة والدم من هذه السناريوهات كلها
هل يملكلون سناريوهات أخرى ولو من باب العصف الذهني المباح أم أنهم لايزالون منشغلين بخلافاتهم الجانبية الهامشية تحقيقا وتصديقا لنظرية العم نعوم ..!؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس