د. مصطفى حامد أوغلو - خاص ترك برس
تحرير سوريا من نظام الأسد البائد لم يكن حدثاً عادياً ، بل كان بمثابة زلزال هز العالم و المنطقة برمتها وليست سوريا لوحدها..
وصول قوات ردع العدوان بقيادة أحمد الشرع بهذه السرعة المذهلة ، فاجئت الجميع بمن فيهم السوريين كلهم ، وحتى أصحاب التحرير وقادة الميدان نفسهم..
هذا التغيير الكبير والمفاجئ جعل كثير من الدول تتأهب لمعرفة القادة الجدد، وفهم ما هية التغيير الحاصل ، وطبيعة تفكير وتطلعات القادة ومستقبل سوريا الذي سيؤثر على كل منطقة الشرق الاوسط برمته..
سياسة المملكة العربية السعودية الخارجية التي عُرفت بالتريث والهدوء والانتظار والمراقبة قبل القرار ، لم تكن سوريا بالنسبة لها هذه المرة تحتمل هذا التريث والانتظار، فبادرت بالاسراع بزمام المبادرة والتواصل مع القيادة الجديدة التي جاءت من خارج المعارضة السورية المتعارف عليها..
هذا التحرك السريع دليل على أهمية سوريا بالنسبة للمملكة السعودية وإدراك لأهمية سوريا بالمستقبل القريب، بالاضافة للشعور الأخوي تجاه الشعب السوري الذي أنهكه النظام البائد، وجعل أكثر من ثمانيين بالمئة منه تحت حد الفقر ، ناهيك عن الظلم والتقتيل والتشريد وفساد المؤسسات التي كانت بالأساس مفلسة تعيش على الرشاوي والسرقات.
بعد انتخاب السيد أحمد الشرع رئيساً للجمهورية العربية السورية، من قبل الفصائل التي شاركت بتحرير البلاد ، وإلقاءه خطاب النصر وخطاب الجماهير حيث رسم خارطة الطريق ، أصبح لزاماً أن تبدأ الزيارات الخارجية على مستوى الرئاسة لنسج علاقات جديدة ورفع العقوبات الاقتصادية على سوريا وجلب الدعم وتحسين الاقتصاد لكي تجتاز سوريا هذه المرحلة الحرجة بأسرع وقت ممكن .
اختيار المملكة السعودية بأول زيارة لرئيس سوريا الجديدة له مدلولاته الكبيرة ورسائله الكثيرة.
لم تكن زيارة السيد الشرع للسعودية مفاجئة لكل من تابع لقاءه الأول على قناة العربية بالأيام الأولى من التحرير ، عندما عبر عن شوقه ورغبته بزيارة ديار الطفولة التي يكن لها شوق وحنين لذكريات جميلة .
كانت هذه رسالة جميلة، دافئة ، مطمئنة ، ورسالة حملت رغبة التعاون وربما رسالة طلب العون من الأخت الكبيرة بأن لاتترك شقيقتها سوريا في هذه المرحلة الحرجة..
ومن المؤكد أن ذكاء القيادة السعودية جعلها تقرأ هذه الرسالة بشكل سريع ولم تتأخر بجوابها الذي تكرس بزيارة سريعة مع تفعيل اسطول المساعدات الاغاثية عبر الهلال السعودي ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الانسانية وزيارة الفرق الطبية .
بالاضافة لرمزية هذه الرسالة كونها الرسالة الأولى لأهم دولة عربية لها مكانتها وصدارتها الأسلامية و العربية فهي تحمل في طياتها كثير من الرسائل الهامة .
وعلى رأسها
أولاً: تأكيدها على أهمية العمق العربي بالنسبة لسوريا التي هي جزء لا يتجزء من المحيط العربي وتأكيد لهويتها العربية .
ثانياً: أعلان عودة سوريا للأمة العربية التي تنتمي لها وانعتاقها من الهيمنة الايرانية التي تحكمت بها منذ عقود طويلة .ورسالة بأنها لن تسمح بعد اليوم لأي موطئ قدم لإيران بمنطقتنا بعد اليوم.
ثالثاً: تطمين كل الدول العربية وخاصة الخليجية أن الادارة الجديدة تريد بناء سوريا مع اشقاءها العرب، وليست بوارد تصدير الثورة أو أن تكون مصدر قلق يهدد أي دولة عربية أو غيرها.
رابعاً: دعوة الاستثمار العربي الخليجي والسعودي بشكل خاص لسوريا بلد الاستثمار الواعد الجديد وعلى كل المستويات.
خامساً: حاجة سوريا لأشقاءها العرب لمساعدتها برفع العقوبات الظالمة المفروضة عليها ، ولحفاظها على وحدة أراضيها ، وإعادة الاعمار وبناء الدولة من جديد.
سادساً: رسالة للدول العربية الاخرى التي لا تزال مترددة بمواقفها خجولة بدعمها وتأكيداً لهم أن سوريا ماضية مع السعودية الشقيقة وعليهم أن لا يفوتهم القطار..
سابعاً: هي تطمين للمملكة والدول العربية قبل زيارة تركيا بأن سوريا الجديدة تريد أن تكون صلة الوصل بين الخليج العربي وتركيا وجسر العبور لكثير من المشاريع العابرة للدول الى تركيا وأوريا..
كثيرة هي الرسائل التي يمكن الجديث عنها ويكفي أن الزيارة هذه المرة ستكون بين قيادتين يرى كل منهما بأنه ببلده الثاني وبيته الثاني وهذا مايجعل الآمال المعلقة على هذه الزيارة كبيرة وسقف التطلعات عالية ..
زيارة ستكون محط اهتمام العالم كله والجميع ينتظر نتئجها وستكون المفتاح الذهبي لسوريا نحو الانطلاقة الجديدة للعالم كله بكل ثقة واطمئنان..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس