ترك برس
تناول تقرير تحليلي للكاتب والإعلامي التركي بولنت أوراك أوغلو، التداعيات السياسية والأمنية لحادثة محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتحقيقات الجارية والمطالبات بالمساءلة والتغيير.
وأشار الكاتب في بداية تقريره بصحيفة يني شفق إلى تصريحات للسيناتور الأمريكي الجمهوري جون باراسو، الممثل عن ولاية وايومنغ، قال فيها إن منفذ محاولة اغتيال ترامب، ماثيو كروكس، تم تحديده على أنه "شخصية مشبوهة" من قبل فرق الأمن قبل أكثر من ساعة من تنفيذ الهجوم على ترامب، لحمله حقيبة ظهر وجهاز تحديد المدى.
ووفقا للكاتب، أشار باراسو إلى أن هذه الحقيقة المؤلمة تم كشفها من خلال المعلومات التي قدمتها الـ FBI والخدمة السرية الأمريكية لأعضاء مجلس الشيوخ. وذكر باراسو أن "الشخصية المشبوهة" كان يجب مراقبتها عن كثب خلال تلك الساعة، مبينا أن موظفي الأمن ينبغي أن يتعقبوا هذه الشخصيات المشبوهة، إلا أنه لا يوجد أي دليل على حدوث ذلك.
وطالب باراسو باستقالة مديرة جهاز الخدمة السرية الأمريكية، كيمبرلي تشيتل، قائلا: "يجب أن يشعر الشعب الأمريكي بالقلق حيال هذا الأمر. هذا فشل كامل من جانب الخدمة السرية. نحن بحاجة إلى تغيير في أعلى المستويات".
وتلقت السيناتورة الجمهورية مارشا بلاكبيرن ممثلة ولاية تينيسي، نفس الإحاطة. وكتبت في منشور على حسابها في وسائل التواصل الاجتماعي "X": "لقد شاركت للتو في إحاطة مع جهاز الأمن السري ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وشعرت بالذهول عندما علمت أن جهاز الأمن السري كان على علم بوجود تهديد قبل صعود الرئيس السابق ترامب إلى المنصة." ودعت بلاكبيرن في بيانها، إلى استقالة مديرة جهاز الخدمة السرية الأمريكية تشيتل، قائلة: "لا أُكنُّ الثقة لقيادة تشيتل، وأعتقد أن استقالتها ستكون في مصلحة الأمة".
وقال أوراك أوغلو إنه من الواضح أن هناك انهيارا كبيرا في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) بعد الموساد، حيث شهدت الخدمة السرية تطورات كانت فيها عاجزة حتى عن حماية رؤسائها السابقين. إن الفشل في توفير الحماية وفتح المجال لعمليات اغتيال تستهدف الرؤساء الأمريكيين السابقين، كما في حالة ترامب، يشير بوضوح إلى فقدان الثقة في CIA من قبل الكونغرس والجمهور الأمريكي.
وأوضح أنه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها في 5 نوفمبر، رشح الجمهوريون دونالد ترامب مرة أخرى. وعلى الرغم من أن ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة، لم تكن علاقته جيدة مع مكتب التحقيقات الفيدرالية الـ FBI ووكالة المخابرات المركزية (CIA) التي تعتبر جزءا أساسيا من النظام القائم، إلا أنه قَبِل الترشح لهذا المنصب. ومع أنه لم يتم انتخابه بعد وبالتالي لم يكن تحت حماية كاملة، فإن قبوله بالترشح رغم رفض (CIA) زيادة إجراءات الحماية على مدى العامين الماضيين يشكل مخاطرة كبيرة وواضحة بالنسبة له. حيث صرح ترامب، قبل أسبوعين في برنامج "All-in Podcast" الذي يبث مباشر عبر الإنترنت، أن "جون كينيدي قتل على الأرجح بواسطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)." لكن هذه التصريحات جعلته الهدف الأول لـ CIA القوة التنفيذية للدولة الأمريكية العميقة. وقد ارتكب ترامب خطأ عند الكشف عن جزء من تفاصيل اغتيال كينيدي، حيث تعرض ترامب لمحاولة اغتيال من قبل ماثيو توماس كروكس البالغ من العمر 20 عاما، خلال تجمع حاشد في ولاية بنسلفانيا، ونجا من الموت بأعجوبة بعد إصابته بجروح سطحية في الأذن. وقد قتل أحد الحضور خلف ترامب وأصيب اثنان بجروح خطيرة. أما كروكس فقتل على الفور برصاص قناصين اثنين.
وتساءل: "هل كان القناصون التابعون لوكالة المخابرات المركزية (CIA) قد انتظروا لحظات حتى يقوم القاتل بإطلاق النار على ترامب ثم قاموا بعد ذلك بقتله فورا؟".
وتابع الكاتب:
كان هناك فارق ثوان بين إطلاق النار من قبل القاتل، والرد من قبل القناص الذي أصابه. لماذا لم يتم إطلاق النار على القاتل قبل أن يضغط على الزناد؟ لماذا تُرك ترامب ليواجه الموت ولم يتم إنقاذه منذ البداية؟ يبدو أن النتيجة المتوقعة كانت موت ترامب. فقد تأخر وكلاء الخدمة السرية في الرد وانتظروا حتى أطلق القاتل النار، ثم قتلوه على الفور، وهذا بوضوح لمنع الكشف عن أدلة الجريمة والروابط التي تقف وراء الحادث.
بعد نجاة ترامب بأعجوبة من الهجوم المسلح الذي جرح أذنه اليمنى كان واضحا أن الحراس السريين لم يكونوا يحمون ترامب من الهجوم فحسب بل كانوا أيضا يهدفون إلى منعه من التحدث أمام الإعلام أو تهديده بتصرفاتهم
بعد أن أنقذ ترامب حياته بفضل غرائزه الحامية، أصبحت الفضيحة والفشل الذي أحدثته الوكالة السرية بفرضها حماية فظة وغير كفؤة بعد فوات الأوان، مثالا سيئا على مستوى العالم بالنسبة لوكالة المخابرات المركزية (CIA). لقد تسببت تصرفات عملاء CIA في كدمات على ذراع ترامب الأيمن وتسببت في خلع حذائه. في اللحظات الصعبة التي نجا فيها ترامب من حصار عملاء CIA، كان يقول "حرب، لنحارب"، مما أظهر إدراكه بأن هؤلاء الذين حاولوا اغتياله كانوا عملاء CIA وأنه كان هدفا بسبب كشفه عن تفاصيل اغتيال كينيدي. كان واضحا أن وصف ترامب لهؤلاء العملاء السيئين وذوي النوايا الخبيثة بأنهم أبطال، هو لتجنب أن يكون هدفا لهجوم جديد لهؤلاء الغير قادرين على حماية أنفسهم. أعلن الرئيس السابق ترامب بعد أن واجه خطر الموت، عن تغييره لخطابه الذي كان سيلقيه في ميلووكي قائلا: "كنت قد أعددت خطابا شديد اللهجة، لكنني ألقيته في القمامة، بلدنا منقسم وأنا أريد توحيده". كان الخطاب القاسي بلا شك لفضح عملاء الـ CIA الذين دبروا اغتيال كينيدي ومحاولة اغتياله. ولكن تراجع ترامب خطوة إلى الوراء كاستراتيجية كان نتيجة طبيعية لأنه يعلم أنه لا يستطيع محاربة هؤلاء القتلة دون أن يكون رئيسا. ولكشف هذه البنية التي دبرت اغتيالات لرؤساء أمريكيين في الماضي، يجب أن يصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة مرة أخرى. فحتى في ذلك الوقت، كانت محاربة البنى غير القانونية التي جعلت من اغتيال الرؤساء الأمريكيين تقليدا تقريبا، تتطلب وجود رئيس قوي يتمتع بقدرات استراتيجية وتكتيكية عالية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!