ترك برس
استعرض مقال تحليلي للكاتب والخبير التركي إسماعيل ياشا، توقعات تركيا من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مشيرا إلى خلافات أنقرة مع إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.
في بداية مقاله بصحيفة عربي21 أشار ياشا إلى أن رئيس الجمهورية التركي، رجب طيب أردوغان، أدن محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، خلال تجمع انتخابي بولاية بنسيلفانيا، وقال في منشور عبر حسابه على منصة "إكس"، إنه يتقدم بأخلص تمنياته بالسلام لترامب وعائلته وأحبابه، مؤكدا أن "تركيا ستقف إلى جانب الشعب الأمريكي الصديق والحليف". ولم يكتف أردوغان بهذه الإدانة، بل واتصل أيضا بترامب ليجدد إدانته لمحاولة اغتياله، ويعبر عن حزنه جراء الهجوم المسلح الذي استهدفه.
الرئيس التركي في المكالمة الهاتفية التي أجراها مع الرئيس الأمريكي السابق، وصف محاولة الاغتيال بأنها "اعتداء على الديمقراطية"، وقال إن "موقف ترامب الشجاع بعد الهجوم كان مثيرا للإعجاب"، مضيفا أن ترامب "أظهر قيادة قوية برسائله المطمئنة عن الوحدة بعد محاولة الاغتيال". ولا يخفى على متابع للعلاقات التركية الأمريكية أن هذه التصريحات التي تحتوي ثناء مبالغا فيه، تهدف إلى دغدغة مشاعر مرشح الجمهوريين للانتخابات الرئاسية التي ستجري في الولايات المتحدة في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم. بحسب ياشا.
يقول ياشا إن أنقرة، كمعظم عواصم المنطقة، تتوقع فوز ترامب، في الظروف الراهنة، ليصل إلى المكتب البيضاوي لفترة رئاسية ثانية، كما أنها تفضل فوز مرشح الجمهوريين على فوز مرشح الديمقراطيين لأسباب عديدة، على رأسها رغبة ترامب في سحب القوات الأمريكية من سوريا. وترى أنقرة أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى توسيع المساحة التي تتحرك فيها، وتمنح تركيا فرصة أخرى للقيام بعمليات عسكرية جديدة للقضاء على خطر حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا.
وتابع المقال:
الولايات المتحدة تدعم حزب العمال الكردستاني في سوريا بالمال والسلاح. وقد تجد رغبة ترامب في سحب القوات الأمريكية من سوريا معارضة قوية من البنتاغون. وإن تم تجاوز تلك العقبة فمن الممكن أن تملأ الفراغ روسيا وإيران، إن ترددت تركيا في تقديم الخطوات اللازمة في الوقت المناسب. ومن المعلوم أن كلتا الدولتين هما أيضا تحمي المنظمة الإرهابية وتدعمها لاستغلالها ضد تركيا كورقة ضغط وابتزاز. وبالتالي، على الحكومة التركية أن تستعد لكافة السيناريوهات كي لا تضيع الفرصة.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، في مستهل ولايته عيَّن بريت ماكغورك منسقا لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس الأمن الأمريكي، الأمر الذي أثار حينه استياء أنقرة. ويعتبر ماكغورك "الوجه الظلامي للسياسة الأمريكية تجاه المنطقة"، وأحد عرَّابي خطة تقسيم سوريا لصالح حزب العمال الكردستاني ومشروعه الانفصالي.
وكان الرجل مبعوث الولايات المتحدة لدى التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" حين أعلن ترامب في ولايته الأولى عن قرار الانسحاب من سوريا، وقدَّم استقالته احتجاجا على القرار. وكان ترامب علَّق على استقالة ماكغورك قائلا: "ماكغورك الذي لا أعرفه، عيَّنه الرئيس أوباما عام 2015. وكان من المفترض أن يرحل في شباط / فبراير، ولكنه استقال قبل الأوان"، كما وصفه بــ"الاستعراضي"، مضيفا أن "الأنباء الكاذبة تضخم هذا الحدث الذي لا يساوي شيئا"، في إشارة إلى الاستقالة. ومن المؤكد أن ماكغورك، المعروف بعدائه لتركيا، سيفقد منصبه في حال فاز ترامب في الانتخابات.
هناك ملفات مختلفة أدَّت إلى تأزم العلاقات التركية الأمريكية، منها شراء تركيا منظومة أس-400 الصاروخية من روسيا. وأسفرت هذه الأزمة عن استبعاد تركيا من برنامج مقاتلات أف-35. وكان ترامب انتقد حصول تركيا على المنظومة الروسية، وقال إن الولايات المتحدة لن تبيع أنقرة طائرات من طراز أف-35، إلا أنه في ذات الوقت كان منصفا في تحميل مسؤولية ما آلت إليه العلاقات التركية الأمريكية، حيث قال إن إدارة أوباما رفضت أن تبيع الأتراك صواريخ باتريوت، واستمر هذا الموقف لمدة طويلة، وحين بدَّل البيت الأبيض موقفه من هذا الملف كانت تركيا قد وقعت عقدا مع روسيا، ودفعت أموالا طائلة. وقد تجد أنقرة في ولاية ترامب الثانية فرصة للعودة إلى برنامج مقاتلات أف-35، بعد أن أبرمت في ولاية بايدن صفقة مع واشنطن لشراء 40 مقاتلة جديدة من طراز أف-16، بالإضافة إلى 79 من مجموعات التحديث لأسطولها الحالي من ذات المقاتلات.
احتضان الولايات المتحدة لكبار قادة جماعة غولن المتورطة في محاولة الانقلاب الفاشلة في صيف 2016 ملف آخر يسمِّم العلاقات بين أنقرة وواشنطن. وكان ترامب في نهاية 2018 أبلغ أردوغان أن واشنطن تعمل على ملف تسليم زعيم الجماعة، فتح الله كولن، إلى تركيا. وعلى الرغم من ذلك، لم يتم التقدم في هذا الملف في ولاية ترامب الأولى. وتأمل أنقرة في أن يأتي التقدم المطلوب في ملف تسليم فتح الله كولن وكبار قادة جماعته في ولاية ترامب الثانية، في حال فاز الأخير في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
الرئيس الأمريكي الحالي خلال حملته الانتخابية عام 2020 وصف أردوغان بــ"المستبد"، وتوعد في التدخل في شؤون تركيا من خلال دعم أحزاب المعارضة للإطاحة بالرئيس التركي عبر صناديق الاقتراع. وشهدت تركيا تطورات وانتخابات خلال ولاية بايدن تشير إلى ذاك التدخل الذي توعد به الرئيس الأمريكي، إلا أن المعارضة التركية فشلت في القيام بتلك المهمة. وها هو أردوغان ما زال يتربع على كرسي رئيس الجمهورية، وسيحكم تركيا حتى إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2028، إن لم يتم تقديم موعده. وأما بايدن فسيخرج من المعترك السياسي بعد عدة أشهر ليبقى في ذاكرة التاريخ كرئيس اضطرّ لسحب ترشحه لولاية ثانية تحت ضغوط حزبه بسبب تدهور صحته العقلية، بعد أيام من قوله إنه لن يسحب ترشحه إلا "إذا نزل الله من السماء وأمره أن يخرج من السباق".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!