ترك برس

أكد رئيس الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي (إيفي) الدكتور أشرف دوابه، أن الفرصة الآن مواتية لمصر وتركيا لتحقيق تعاون اقتصادي بناء، وخلق بيئة استثمارية جاذبة للشركات من الجانبين.

وقال دوابه في مقال بصحيفة "عربي21" إن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتركيا الأسبوع الماضي أثارت التساؤلات ما بين مؤيد ومعارض لها، مؤكدا أن "الناظر بالتحليل العلمي بعيدا عن العواطف يجد أن التقارب المصري التركي في مجمله يحمل إيجابيات تفوق السلبيات بكثير، في زمن باتت المطامع الغربية جل هدفها تفتيت أي قوة إسلامية".

وشدد على أن الرئيس المصري جاء بانقلاب عسكري وقيّد الحريات وسجن الآلاف، وما زال الوضع على ذلك، كما أن تركيا أخذت موقفا من البداية ضد الانقلاب العسكري، ولكن مع تطور الأحداث واختلاف أصحاب القضية أنفسهم، فإن هذا الأمر فتح الباب أمام تركيا لتبحث عن مصالحها كما تبحث مصر عن مصالحها، خاصة وأنهما دولتان تجمعهما قواسم تاريخية وجغرافية مشتركة، وتوحدهما يمثل في حد ذاته قوة للشعوب الإسلامية.

ورأى أن تركيا شهدت الأسبوع الماضي ميلاد الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين مصر وتركيا، وتضمن الإعلان عن هذا الاجتماع 36 بندا ركزت معظمها على ملف التعاون الاقتصادي وأبرزها الاستمرار في تطوير مناخ الاستثمار لرجال الأعمال، وتشجيع الاستثمارات الجديدة، والتعاون في مجالات المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال، والترويج وزيادة المشروعات الاقتصادية والفرص الاستثمارية المشتركة في كافة المجالات، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والإسكان والعمل والتوظيف والضمان الاجتماعي والتدريب الفني والمهني، وكذلك السياحة والإعلام والاتصالات.

وبعد هذا الإعلان تم توقيع 17 مذكرة تفاهم بين البلدين في مجالات متنوعة؛ أبرزها الاستثمار الصناعي والتعليم العالي والسكك الحديدية والاتصالات والزراعة والرعاية الصحية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك الطاقة الجديدة والمتجددة وحماية البيئة.

وتابع المقال:

إن مصر سوق مهم للصادرات التركية، فضلا عن أنه تعمل في مصر 1700 شركة تركية بحجم استثمارات يقدر بأكثر من 3 مليارات دولار، منها 200 مصنع في صناعات الغزل والنسيج والملابس والكيماويات.

وقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا وصل إلى 3 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024، مقابل 3.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023، وقد سجلت حجم الصادرات المصرية إلى تركيا 1.5 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024، مقابل 2.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023، بينما بلغ حجم الواردات المصرية من تركيا 1.5 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024، مقابل 1.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023، وسجلت قيمة الاستثمارات التركية في مصر 77.8 مليون دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2023/ 2024، مقابل 103.2 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2022/2023، بينما بلغت الاستثمارات المصرية في تركيا 33.2 مليون دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2023/ 2024، مقابل 28.4 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2022/2023 .

ورغم انخفاض حجم التجارة بين مصر وتركيا فإن الأمل معقودا لزيادة حجم التجارة البينية إلى 15 مليار دولار، وهو ما اتفق عليه الرئيسان المصري والتركي، وذلك من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين واستثمار الإمكانيات المتاحة.

إن الفرصة الآن مواتية لمصر وتركيا لتحقيق تعاون اقتصادي بناء، وخلق بيئة استثمارية جاذبة للشركات من الجانبين، لا سيما وأن مصر تعد أكبر شريك تجاري لتركيا في القارة الأفريقية، والسلع والخدمات التركية تجد مبتغاها في السوق المصري الكبير والسوق الأفريقي الأكبر، فضلا عن استفادة المستثمرين الأتراك في مصر من رخص تكلفة العمالة المصرية مما يخفض من تكلفة الإنتاج. كما أن تركيا تعد أكبر الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية خلال العام 2023 بقيمة ملياري و943 مليون دولار، وتعتبر كذلك بوابة مصر للأسواق الأوروبية من خلال الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين التي وقعت في عام 2005، ودخلت حيز التنفيذ في عام 2007 لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الدولتين.

وبموجب هذه الاتفاقية، تعفى الصادرات الصناعية المصرية لتركيا من الرسوم الجمركية ومن الرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل، بالإضافة إلى تطبيق معدلات خصم على قائمة معينة من المنتجات والتي تختلف باختلاف سنوات التشغيل حتى تصل إلى الإعفاء الكامل.

والأهم، أن هذه الاتفاقية تمكن من دمج الصناعات التركية والمصرية وتمكين المصدرين المصريين من الاستفادة من تجربة تركيا في الاتحاد الأوروبي، وحق الوصول الكامل والفوري ليس للسوق التركية فحسب، بل لسوق الاتحاد الأوروبي ككل، كما أن اتفاقيات التجارة الحرة بين مصر وأفريقيا مثل اتفاقية الكوميسا تُسهّل الوصول المستثمرين الأتراك إلى الدول الأفريقية الأعضاء بالاتفاقية.

وإذا كان هذا واضحا في الجانب الاقتصادي، فإن الجانب السياسي قد يشمل تطورا من خلال تعضيد العلاقات المصرية التركية، لا سيما فيما يتعلق بوضع حد للإجرام الصهيوني في غزة، والتنسيق بين البلدين لتحقيق الاستقرار في ليبيا، والحفاظ على مصالحهما المشتركة من النفط والغاز في البحر المتوسط، والمساهمة في فتح باب للحوار داخل المجتمع المصري، بصورة ترفع الظلم عن كاهل المظلومين، وتحقق مصالحة عادلة وشاملة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!