ترك برس

رأى الكاتب والأكاديمي التركي د. أحمد أويصال إن ضمان الأمن والاستقرار في سوريا يجب أن يكون أولوية قصوى بالنسبة لتركيا وقطر، لأن العودة إلى الفوضى والانقسامات أو اندلاع الصراعات الأهلية والانقلابات ستكون كارثية، كما شهدنا سابقًا في مصر وتونس واليمن.

وأكد الكاتب التركي في مقال بصحيفة الشرق القطرية، أنه خلال هذه المرحلة الدقيقة، يعتمد نجاح الفترة الانتقالية على كفاءة القيادة الجديدة، ومستوى الدعم الدولي الذي ستحظى به، إضافة إلى قدرتها على تجاوز التحديات التي قد تفرضها الأطراف الخارجية.

ولفت إلى أن إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا تُعد أمرًا بالغ الأهمية لمستقبل سوريا. فبعد سنوات من الدمار، تحتاج سوريا إلى مساعدات إنسانية عاجلة، خاصة وأن نظام الأسد استولى على معظم الأموال المتاحة. في ظل انقطاع الكهرباء والمياه في بعض المدن، تقوم كل من تركيا وقطر بتقديم الدعم لإعادة تشغيل هذه الخدمات بسرعة.

ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجهها سوريا أكبر من أن تتحملها هاتان الدولتان بمفردهما. من الواجب على الدول الغربية، التي خذلت الشعب السوري، أن تقدم المزيد من المساعدات الإنسانية كجزء من تعويضها. كما يُتوقع من دول الخليج الأخرى أن تسهم في مساعدة سوريا، لا سيما بعد خروجها من المحور الإيراني. يقول الكاتب.

و في ما يلي نص المقال:

بعد مرور أسبوعين على سقوط نظام الأسد، تواجه سوريا الجديدة تحديات كبيرة. وقد جاء انتصار الشعب السوري بعد سنوات من المعاناة، وفي توقيت غير متوقع. ورغم أن العملية بدأت بإرادة السوريين، إلا أن الدعم الحاسم من تركيا وقطر كان له دور بارز، حيث ظلتا إلى جانب الشعب السوري. ومن خلال منتدى الدوحة، جرى التصدي لمحاولات نظام الأسد وحلفائه لافتعال المزيد من الأزمات. وتُعد تركيا وقطر من الدول القليلة التي رفضت التطبيع مع النظام السابق. فكيف سيستمر التعاون بينهما بشأن سوريا في المرحلة المقبلة؟

على الرغم من قدرة كل من تركيا وقطر على دعم سوريا بشكل منفرد، إلا أن هناك العديد من القضايا المشتركة التي تتطلب تعاونهما، وهو ما بدأت ملامحه تتضح مؤخرًا. الدولتان، اللتان رفضتا التصالح مع نظام الأسد المستبد، تمتلكان القدرة الأكبر على التفاوض والتفاهم مع هيئة تحرير الشام، التي تحوّلت من حركة معارضة إلى سلطة ميدانية والجيش الوطني السوري. وقد عملت تركيا وقطر على تشجيع الإدارة الجديدة على الابتعاد عن التطرف والانخراط بشكل إيجابي في الساحة الدولية. ويبدو أن هذه الجهود قد أثمرت، حيث أرسل رئيس الإدارة الجديدة، أحمد الشرع المعروف بأبي محمد الجولاني، رسائل إيجابية تعكس استعداده للتحرك في هذا الاتجاه.

ستلعب تركيا وقطر دورًا مهمًا في تسهيل العملية الانتقالية في سوريا، والتي تُعد مرحلة حاسمة للإدارة الجديدة وللمنطقة بأكملها، بما في ذلك تركيا. إن ضمان الأمن والاستقرار في سوريا يجب أن يكون أولوية قصوى بالنسبة لتركيا وقطر، لأن العودة إلى الفوضى والانقسامات أو اندلاع الصراعات الأهلية والانقلابات ستكون كارثية، كما شهدنا سابقًا في مصر وتونس واليمن. خلال هذه المرحلة الدقيقة، يعتمد نجاح الفترة الانتقالية على كفاءة القيادة الجديدة، ومستوى الدعم الدولي الذي ستحظى به، إضافة إلى قدرتها على تجاوز التحديات التي قد تفرضها الأطراف الخارجية. وفي هذا السياق، تواصل تركيا وقطر جهودهما لضمان الاستقرار وتعزيز الاعتراف الدولي بالإدارة الجديدة، لتجنب أزمات الشرعية التي واجهتها دول أخرى مثل أفغانستان. وفي خطوة عملية، افتتحت تركيا أول سفارة لها في دمشق، فيما تستعد قطر لاتخاذ خطوة مماثلة قريبًا.

إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا تُعد أمرًا بالغ الأهمية لمستقبل سوريا. فبعد سنوات من الدمار، تحتاج سوريا إلى مساعدات إنسانية عاجلة، خاصة وأن نظام الأسد استولى على معظم الأموال المتاحة. في ظل انقطاع الكهرباء والمياه في بعض المدن، تقوم كل من تركيا وقطر بتقديم الدعم لإعادة تشغيل هذه الخدمات بسرعة. ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجهها سوريا أكبر من أن تتحملها هاتان الدولتان بمفردهما. من الواجب على الدول الغربية، التي خذلت الشعب السوري، أن تقدم المزيد من المساعدات الإنسانية كجزء من تعويضها. كما يُتوقع من دول الخليج الأخرى أن تسهم في مساعدة سوريا، لا سيما بعد خروجها من المحور الإيراني.

من المتوقع أن تقدم تركيا وقطر دعمًا دبلوماسيًا جادًا للحكومة السورية الجديدة، وأبرز ذلك هو الاعتراف بالإدارة المتمركزة في إدلب (هيئة تحرير الشام). ويُفهم من زيارات ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة إلى سوريا أنه سيتم الاعتراف بالإدارة الجديدة. من ناحية أخرى، يجب أن تُزال هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية بشكل عاجل. كما يساورنا القلق من أن القوى الغربية قد تمارس ضغوطًا على السوريين بشأن التفاهم مع إسرائيل وحزب العمال الكردستاني، بالإضافة إلى سعيها للحصول على تعهدات بالقضاء على النفوذ الروسي والإيراني في سوريا. علاوة على ذلك، ينبغي رفع العقوبات المالية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على نظام الأسد بشكل سريع، إذ إن هذه العقوبات قد تضر بالشعب السوري أكثر من النظام، وإذا استمرت هذه العقوبات، فإنها ستظل تواصل معاقبة الشعب السوري، مما قد يعيق عملية إعادة البناء والاستقرار في البلاد.

يعد النشاط الدبلوماسي لكل من قطر وتركيا بالغ الأهمية في إقناع القوى الدولية بدعم العملية الانتقالية في سوريا، حيث تلعب قوتهما الإعلامية دورًا محوريًا في توعية المجتمع الدولي، وخاصة أن الإعلام القطري يتمتع بتأثير كبير في هذا المجال. سيظهر تعاون قطر وتركيا بشكل واضح في جهود إعادة إعمار سوريا، حيث ستتصدر المساعدات المالية والاستثمارات القطرية لدعم الاقتصاد، بينما ستسهم تركيا في جلب استثماراتها وخبرتها الاقتصادية الناجحة إلى البلاد. وقد قدمت تركيا دعمًا كبيرًا في مجال تعليم اللاجئين السوريين، ومن المتوقع أن تواصل تقديم مساهمات كبيرة لتحسين التعليم في المناطق التي لا يزال فيها التعليم معطلاً، بما في ذلك المخيمات. باختصار، بفضل الدعم المتواصل من حليفين قويين مثل قطر وتركيا، ستحقق الإدارة السورية الجديدة تقدمًا سريعًا في مختلف المجالات.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!