ترك برس

نظّم مركز حرمون للدراسات المعاصرة في مدينة إسطنبول، السبت 21 كانون الأول/ ديسمبر 2024، ندوة حوارية بعنوان "سورية الجديدة: آمال وتحديات"، شارك فيها الدكتور ياسين أقطاي، أكاديمي وسياسي وكاتب تركي، وسمير سعيفان، مدير مركز حرمون.

تناولت الندوة أبرز التحولات السياسية والاجتماعية في سورية الجديدة، والتحديات التي تواجهها السلطة القائمة بعد 14 عامًا من الصراع والتطورات التي شهدها الملف السوري.

استهل الندوة سمير سعيفان بكلمةٍ قال فيها: “نحن أمام يوم انتظرناه طويلًا، وكدنا نفقد الأمل في تحقيقه، فمنذ أول مظاهرة خرجت في عام 2011 حتى المعركة الأخيرة وتحرير سورية، قدّم السوريون تضحيات هائلة، أكثر من نصف مليون شهيد، وملايين الجرحى والمهجرين”.

وأشار سعيفان إلى أن التحديات القادمة كبيرة جدًا، فإعادة بناء سورية تحتاج إلى تكاتف السوريين، خاصة في ظل الإرث الثقيل الذي خلفه النظام السابق، من مدن مدمرة ومجتمع منقسم وملايين اللاجئين والنازحين. وأضاف أن “المهمة الأصعب أمام السلطة الحالية هي توحيد السوريين ومواجهة إرث من التقسيم الاجتماعي والسياسي الذي زرعه النظام السابق طوال عقود”.

من جهته، تطرّق الدكتور ياسين أقطاي إلى أبعاد مختلفة متعلقة بالوضع السوري الراهن وآفاق المستقبل. وبدأ حديثه بالإشادة بالصمود السوري قائلًا: “إن ما تحقق اليوم ليس مجرّد انتصار عسكري على نظام مستبد، بل هو انتصار إنساني يعكس إرادة شعب رفض الاستسلام وأصرّ على حريته وكرامته، فالسوريون اليوم يكتبون صفحة جديدة في تاريخ المنطقة، وسورية الجديدة يجب أن تكون نموذجًا للعدالة والتنمية”.

وأوضح أقطاي أنه زار دمشق حديثًا، في إطار دعم جهود المصالحة وإعادة بناء سورية، حيث التقى بالقيادة السورية الجديدة، وعلى رأسها أحمد الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية في السلطة الجديدة، مشيرًا إلى أن اللقاء كان غنيًا بالنقاشات حول الأولويات التي يجب العمل عليها في المرحلة المقبلة.

ولفت أقطاي النظر إلى أن هناك حاجة ملحة للعمل على عدة محاور استراتيجية، من بينها بناء الثقة بين الأطراف المختلفة، وترميم النسيج الاجتماعي السوري الذي تمزّق بسبب سنوات الحرب، ووضع خطط واضحة لإعادة الإعمار الاقتصادي والاجتماعي.

وقال أيضًا: “إنّ إعادة بناء سورية تتطلب رؤية شاملة، تشمل كل السوريين دون استثناء. ولا يمكن بناء دولة حديثة دون إشراك جميع مكونات المجتمع السوري”. وأضاف: “التحدي الأكبر يكمن في بناء مؤسسات الدولة على أسس جديدة، خالية من الفساد والمحسوبيات التي كانت سمة للنظام السابق، وأن على القيادة الجديدة أن تتعلم من الأخطاء السابقة، وأن تضع الإنسان السوري في قلب كلّ خططها”.

وأشاد أقطاي بتجربة إدارة إدلب كمثال يمكن البناء عليه، مشيرًا إلى أنها قدّمت نموذجًا ناجحًا نسبيًا في الحوكمة، وحقّقت توازنًا بين تقديم الخدمات وتقليل الفساد، معتبرًا أن هذا النموذج يجب أن يتوسع ليشمل كافة المناطق السورية.

وفي حديثه عن دور المجتمع الدولي، قال أقطاي: “إن سورية لا تستطيع النهوض بمفردها، فهناك حاجة إلى دعم دولي كبير، من الدول الإقليمية أو العالمية، ولكن هذا الدعم يجب أن يكون مشروطًا باحترام سيادة سورية وألا يتحول إلى أداة للضغط السياسي”.

وعن زيارته دمشق، أشار أقطاي إلى أن اللقاء مع أحمد الشرع كان محطة مفصلية، حيث ناقشا رؤية القيادة الجديدة لإعادة الإعمار، وقال: “هناك تصميم واضح من القيادة السورية الجديدة على المضي قدمًا رغم كل الصعوبات، لأن ما يحتاجون إليه الآن هو الدعم من كل من يؤمن بسورية حرّة ومزدهرة”.

تطرّق أقطاي إلى قضية اللاجئين السوريين، مؤكدًا أن حلّ هذه القضية يتطلب تعاونًا دوليًا كبيرًا، وقال: “إن تركيا استضافت ملايين اللاجئين وقدّمت نموذجًا إنسانيًا، لكن إعادة اللاجئين إلى وطنهم تتطلب بيئة آمنة ومستقرة، وهذا لن يتحقق إلا من خلال بناء دولة تحفظ حقوق جميع مواطنيها”.

واختتم أقطاي كلمته بتوجيه رسالة أمل إلى الشعب السوري، قائلًا: “إن سورية أمام فرصة تاريخية، والعالم يراقب هذا التحول، والمطلوب الآن أن يتحول الحلم إلى واقع من خلال العمل الجاد والتكاتف، ونحن في تركيا نقف إلى جانبكم، وسنظل ندعمكم حتى تصلوا إلى ما تستحقونه”.

وأضاف الحضور نقاشات مهمة حول سورية الجديدة وأهمية وضع رؤية طويلة الأمد لبناء مجتمع ديمقراطي يضمن الحقوق والعدالة للجميع.

واختتمت الندوة برسائل تفاؤلية أشار فيها المتحدثون إلى أن سورية الجديدة بحاجة إلى إرادة جماعية وتضافر الجهود لإعادة بناء بلد يليق بتضحيات شعبه.

وأعقب الندوة فعالية احتفالية بمناسبة تحرير سورية وسقوط نظام الأسد، شارك فيها جمع كبير من السوريين، بحضور صحفيين وأكاديميين وباحثين مهتمين بالشأن السوري.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!