
ترك برس
قال الكاتب التركي يحيى بستان إن إسرائيل تسعى لتأخير اللقاء المحتمل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأكد بستان في مقال بصحيفة يني شفق أنه عقب تغيير النظام في سوريا، يبذل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قصارى جهده للحد من نفوذ تركيا الإقليمي، حيث يبدو أنه يطرق جميع الأبواب لتحقيق هذا الهدف.
ولفت إلى انتشار تقارير تفيد بأن إسرائيل ذهبت إلى الكرملين وطلبت هناك بقاء القوات الروسية في سوريا، كما أنها تمارس ضغوطًا في البيت الأبيض لتحقيق غاياتها، فهدفها هو تركيا.
وجاء في المقال:
قبل الخوض في تفاصيل الأسباب والآليات، لا بد من التذكير ببعض الأمور الهامة.وقبل الخوض في تفاصيل الأسباب والآليات، لا بد من التذكير ببعض الأمور الهامة.
بعد سقوط نظام الأسد في 7 ديسمبر، أعادت إسرائيل النظر في استراتيجيتها الإقليمية، واضعة تركيا على رأس قائمة التهديدات، وفقًا لما أوردته مصادر إسرائيلية. ففي 7 يناير، قُدّم تقرير لجنة ناجل إلى نتنياهو، مشددًا على ضرورة استعداد إسرائيل لمواجهة مباشرة مع تركيا. وبناءً على ذلك، وكما هو معروف، تم تشكيل مجموعة عمل خاصة بقيادة نتنياهو، تركز على تركيا.
نتنياهو وترامب لا يتفقان في كل شيء
سبق أن أشرت إلى ظهور محورين في المنطقة: أحدهما يسعى إلى الفوضى، والآخر يعمل على تحقيق الازدهار والاستقرار. وإسرائيل تمثل أحد أقطاب محور الفوضى، بينما تحتل إيران مكانة في المحور الآخر.
ومع انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، سعت إسرائيل لتحقيق حلمها في استغلال معادلة الفرص التي تشكلت بعد 7 أكتوبر. ولكن كما كنت أذكر منذ فترة، وخلافا للتوقعات، ترامب لا يتفق مع نتنياهو في كل شيء.
ويتفق الطرفان على مشروع ضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى إسرائيل. وعندما سُئل ترامب عن رأيه في ضم الضفة الغربية، أجاب قائلاً: "سيحدث ذلك". ولاحقًا، كشف عن خطته الكارثية لتهجير سكان غزة.
ولكن بعد تصاعد ردود الفعل العالمية، بدا وكأنه يتراجع عن موقفه، إلا أنه رفض في الوقت ذاته خطة مصر لإعادة إعمار غزة. ومؤخرا تسرّبت أنباء تفيد بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تبحثان عن موقع جديد لأهالي غزة، حيث تم طرح كل من السودان والصومال، وصوماليلاند كخيارات محتملة في هذا الصدد.
في المرحلة الحالية، يمكننا أن نستنتج أن التعاون بين ترامب ونتنياهو لا يتجاوز حتى الآن قطاع غزة. وبعد انتخاب ترامب، أرسل نتنياهو مستشاره الأول للقاء ترامب، حيث سعت إسرائيل للحصول على موافقة الولايات المتحدة على احتلال جزء من لبنان وإنشاء ممر أمني حتى حدود سوريا. ولكن ترامب الذي قدم دعمًا غير مشروط لنتنياهو في فلسطين، عارض هذه الخطوة.
لماذا ضرب ترامب اليمن؟
وهناك مسألة أخرى يختلفان عليها وهي إيران. فإسرائيل تسعى لاستهداف القدرات النووية الإيرانية. وقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر: "قد نضطر إلى اللجوء إلى الخيار العسكري، ليس لدينا الكثير من الوقت". وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي من ترامب دعمًا ضد إيران خلال زيارة قال فيها: "سنعيد رسم خريطة الشرق الأوسط". ولكن ترامب رد قائلا: "لا أريد حربًا جديدة في المنطقة". وعند توقيعه قرار الضغط الأقصى على إيران، أبقى باب المفاوضات النووية مفتوحًا. وأرسل رسالة إلى طهران لتحقيق هذه الغاية.
إن الغارة الجوية التي شنتها الولايات المتحدة على اليمن في نهاية الأسبوع كانت خطوة في سبيل تحقيق توازن. فهذه الضربة كانت خطوة تكتيكية تهدف إلى تهدئة إسرائيل دون استهداف إيران بشكل مباشر، وفي الوقت ذاته كانت بمثابة تحذير لطهران، من خلال ضرب آخر معقل لها في المنطقة، داعية إياها للجلوس على طاولة المفاوضات.
خطة الفوضى الإسرائيلية ذات الأركان الأربعة
كانت هناك تساؤلات حول مدى تطابق أو تباعد السياسات الأمريكية والإسرائيلية فيما يخص سوريا. وقد أشرنا سابقًا إلى بعض مؤشرات التباعد، وهذه المؤشرات تتعمق الآن.
يمكننا تلخيص خطة إسرائيل لإثارة الفوضى في سوريا تحت أربعة محاور رئيسية:
1ـ الاحتلال بحجة الأمن: تقوم إسرائيل باحتلال الأراضي السورية، حيث تعمل على إنشاء منطقة عازلة بين الجولان ودمشق.
2ـ إبقاء سوريا هشة وضعيفة: لا تخفي إسرائيل رغبتها في استمرار هيكل سوريا الضعيف والمتداعي. فقد صرح رئيس معهد ميتفيم، نمرود غورين، قائلًا: "على عكس تركيا، تفضل إسرائيل تفكك سوريا". ولهذا السبب تحرض إسرائيل الدروز وتطالب تنظيم "بي كي كي/واي بي جي" بعدم بتسليم أسلحتهم.
3ـ تشويه صورة الحكومة السورية: تعمل إسرائيل على تشويه صورة الحكومة لضمان استمرار العقوبات على سوريا.
4ـ منع تركيا من اكتساب نفوذ بسوريا: ولذلك، ترغب إسرائيل في بقاء القوات الأمريكية أو الروسية في سوريا.
وتلتزم الولايات المتحدة الصمت تجاه مسألة رفع العقوبات عن سوريا ولا تعترض عليها. إن الضغط الذي مارسته واشنطن الأسبوع الماضي على "قسد" للجلوس على طاولة المفاوضات مع دمشق يمثل أكبر خلاف وانقسام بين الولايات المتحدة وتل أبيب في سوريا. ومن المتوقع أن يتعمق هذا الانقسام مع انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.
عرقلة العلاقات بين واشنطن وأنقرة
إن علاقة الرئيس أردوغان وترامب والحوار المفتوح بينهما تثير قلق نتنياهو وفريقه. وقد علمت من مصدر مطلع في واشنطن أن إسرائيل تتواصل مع الإمارات العربية المتحدة والقيادة المركزية الأمريكية وبعض الجهات الأخرى للحد من نفوذ تركيا في سوريا. وقد تسربت معلومات إلى وسائل الإعلام مؤخرًا تفيد بأن إسرائيل قامت بحملات ضغط في واشنطن لضمان استمرار وجود القواعد الروسية في سوريا بدلًا من الوجود التركي، ثم نقلت هذا الاقتراح إلى الكرملين.
ولم تتوقف جهودهم عند هذا الحد. فهم لا يريدون أن تجري تركيا والولايات المتحدة محادثات حول القضايا الحساسة، حتى أنهم مارسوا ضغوطًا كبيرة في واشنطن لمنع أي لقاء محتمل بين الرئيس أردوغان وترامب، أو تأجيله على الأقل. وبعد يوم من حصولي على هذه المعلومات، تم الإعلان عن إجراء محادثة هاتفية بين أردوغان وترامب، وأعتقد أنها كانت محادثة طويلة. وقد نوقشت خلالها العلاقات الثنائية (قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات) والقضايا الإقليمية والعالمية (أوكرانيا وسوريا). وسنرى انعكاسات هذه المكالمة في الأيام المقبلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!