بكر هازار - صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس
لعبت تركيا وعلى مر التاريخ دور الشرطي للحملات العسكرية المنطلقة من اوروبا للسيطرة على الشرق الاوسط او حتى اقصى الشرق، فكما قال السلطان عبد الحميد الثاني بأن أكبر مشاكلنا هو كوننا على طريق أوروبا الى الشرق الأوسط، ولأننا نُعتبر عائق لهذه الدول تسعى أوروبا مع القوى العالمية الأخرى الى اشغال تركيا بنفسها وجعلها تنسى دورها الاستراتيجي في حماية العالم الإسلامي من بوابة الأناضول، فعمدت القوى العالمية الى خلق أوساط خلاف مستمر من اعلام وأحزاب متضاربة تشغل تركيا في كل مستوياتها من الحكومة الى الشعب عن دوره التاريخ والحضاري؛ حتى السنين الأخيرة عندما استيقظت تركيا من غيبتها؛ لترى العالم الخارجي وهو يحيك لها المؤامرات ويكيد لها المكائد، وكان اخرها هجوم صحيفة انجليزية عالمية يهودية على رئيس الجمهورية التركية الطيب اردوغان.
قد يكون سبب هذا الهجوم الحقد اليهودي على سياسيات تركيا وبالذات بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران ومن ثم تلاه الاتفاق الأمريكي التركي الذي سار حسب ما ارادت تركيا لا ما اردته أمريكا ودول التحالف، الامر الذي دفع الكثيرين ليضربوا رؤوسهم بالحائط، وظهرت كراهيتهم متجلية عندما قالت الصحيفة بان شمال سوريا باتت حصة تركيا في الكعكة.
يأتي هذا في سياق تضارب الآراء والتوجهات بشأن الضربات التركية على حزب العمال الكردستاني، فالبنتاغون يعيش ويتنازعه تناقضين، فتارة يشجب هذه الضربات ويقول انها تأتي في صالح داعش وتضعف الحملة الدولية على الأخير، وتارة يوعز الى وسائل إعلامه ان اطلبوا من حزب العمال الكردستاني ان يترك السلاح في تركيا على الأقل، وغيرها الكثير من الآراء المضاربة ما هو في نفس السياق.
تتلاحق الاحداث لنشعر ان تركيا باتت رقعة جديدة على لعبة شطرنج تشمل كل الشرق الأوسط، وان اللاعبين هم كبار القوم من اوروبا وامريكا وكبار اسيا، فأوروبا وعلى راسها المانيا تدعم البشمركة وغيره من المليشيات الصغيرة في العراق وسوريا، وفي الوقت نفسه نراها تحصل وتتجار ببترول داعش!
نرى حجارة الشطرنج من المنظمات المسلحة الإرهابية والشريفة وهي تأخذ دور القلعة والفيل والحصان وحتى الجندي على رقعة شطرنج علية القوم، وهم يحركونهم كيفما شاءوا من اجل الحصول على أكبر المكاسب الممكنة وتنفيذ اجنداتهم الحالية والمستقبلة، ففي النهاية يتنصر الملك ويموت الفيل والحصان والقلعة وغيرهم الكثير في سبيل حمايته.
لقد كانت الازمة الكردية من اهم رقع الشطرنج التي يتكالب القريب والبعيد من اجل المشاركة بها، وكان من اخر حركاتهم في اللعبة هو انهاء فترة الهدوء وإعلان مباحثات السلام لاغية وخارج التغطية، لتنطق بعدها هجماتهم على السدود التي دعمتها إيران؛ لان المتضررين هم ذاتهم من التهمتهم إيران والفئة الضالة "بان تركيا تدعم وتساعد داعش"، ومن ثم كانت حركتهم التالية ضرب خط النفط الخارج من إقليم شمال العراق الذي يتحكم به البشمركة، فما هي مصلحتهم من ضرب اخوتهم الاكراد ان كانوا حقا اخوة؟
ما نفهمه من هذه التحركات التي تمتاز بكل رعونة وحمق انهم بيادق بيد غيرهم وان روابط القومية والعرق المشترك انما هي دعايات كاذبة يروجونها لتحقيق اهداف ومطامع شخصية، فلقد خانوا بأفعالهم المشينة عرقهم الكردي، والأطفال الذين يتموهم، والنساء التي رملوهم، ولقد خانوا قضيتهم ان كانت لهم قضية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس