ترك برس
بعد حدوث انفجار سوروج في جنوب شرق تركيا بتاريخ 22 تموز/ يوليو، بدأت تركيا بإجراء عدة عمليات اعتقال داخلية طالت العديد من العناصر التي يُشتبه بانتمائها للعناصر الإرهابية مثل داعش وحزب العمال الكردستاني (بي كي كي) وحزب تحرير الشعوب الثوري (دي أتش كي بي جي) أحد الأحزاب الشيوعية المتعصبة حسب تقدير وزارة الداخلية التركية، وكما بدأت تركيا بضرب مواضع تابعة لعناصر داعش وحزب العمال الكردستاني "بي كي كي" المتمركزة خلف الحدود التركية في العراق وسوريا، وبعد هذه العمليات وبالتحديد بعد فتح تركيا لقواعدها العسكرية أمام طائرات قوات التحالف الدولي بدأت العديد من التصريحات الداعمة تصدر من الدول الغربية لتحركات تركيا ضد داعش وغيرها من العناصر.
وفي دراسة مفصلة للأوضاع الأخيرة الجارية على الحدود التركية وخاصة لا سيما بعد تنديد كردستان شمال العراق بهجمات حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" على قواعد الجيش التركي تناوَل بكر أي دوغان الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية "أورسام" قضية دعم كردستان شمال العراق لتركيا في تحركاتها العسكرية الأخيرة تحت عنوان لماذا تحتاج أربيل إلى تركيا؟
يبدأ أي دوغان تقريره التحليلي بالقول "على الرغم من أنه تم انتقاد الهجمات الكردية على بي كي كي من قبل الكتلة الكردية المنظمة في سوريا والتي تُعرف باسم حزب الاتحاد الديمقراطي "بي يي دي" إلا أن هذا الانتقاد لم يحالفه الحظ في الظهور لدى الكتلة الكردية المستقلة في العراق والتي تُعرف باسم الإدارة الإقليمية الكردية لشمال العراق، بل على العكس تمامًا موقف رئيس الإقليم الكردي مسعود برزاني كان مساند لتركيا بشكل كبير حيث استقبل هجمات تركيا ضد داعش بصدر رحب وكما انتقد سياسة بي كي كي المنتهجة ضد تركيا في الفترة الحالية بشكل كبير وواضح.
ويشير الكاتب إلى أنه "لا بد من وجود عدة دوافع جعلت برزاني يقوم بدعم ومساندة تركيا في تحركاتها الأخيرة" ويحاول أي دوغان توضيح هذه الأسباب من خلال النقاط التالية:
ـ العلاقات الاقتصادية الدبلوماسية التي تربط تركيا بالعراق والتي تتمثل بشكل خاص بالعلاقات الاقتصادية القوية في مجال الغاز الطبيعي حيث قام كردستان العراق بتوقيع عدة اتفاقيات اقتصادية مع الجانب التركي العام الماضي. هذه الاتفاقيات كان لها مردود كبير وإيجابي على الجانب الكردستاني ولا يبدو بأن الأخير يريد خسارة هذه الفوائد في الوقت الحالي حيث هناك الكثير من الأعداء تحيط بكردستان العراق وكردستان العراق ليس بحاجة إلى المزيد من الأعداء من خلال خسارة تركيا التي تعتبر أكبر شريك اقتصادي له في المنطقة.
ـ كما أوضحنا في النقطة أعلاه؛ يوجد العديد من الأعداء وخاصة أخطرها على المنطقة "داعش" تحيط أربيل ومن خلال دعم برزاني لتركيا في ضرباتها الموجعة لداعش سيكون له نصيب كبير من الفائدة الدفاعية التي لا يريد أن يخسرها هي أيضًا من خلال خسارة تركيا.
ـ في حال نجاح الهجمات التركية التي يدعمها برزاني في القضاء على داعش فإن هذا النجاح يصُبّ في رصيده أمام الحركات المعارضة له في إقليم كردستان والتي تأتي على رأسها حركة الاتحاد الوطني الكردستاني التي تدعم بي كي كي وتوفر له المأوى في الإقليم، فبنجاح تركيا سيكون لبرزاني شعبية قوية يكتسب بها رضى شعبه بشكل أقوى أمام الحركات المعارضة له.
ـ التناحر القيادي بين مسعود برزاني وعبد الله أوجلان على قيادة الوحدة الكردية في المنطقة، حيث يحاول برزاني الحصول على مقعد قيادي مُبجل داخل العقلية الكردية ويرى أنّه أمام فرصة عظيمة للحصول على هذا المنصب من خلال دعم تركيا في القضاء على داعش وبعد ذلك إعلان نفسه بأنه من ساهم ودعم ذلك ليضمن بالتالي كرسيًا قياديًا فريدًا، وعلى الرغم من عدم ظهور الخلاف والتنافي القيادي بين الجهتين إعلاميًا إلا أن هذا التنافس موجود وبشكل فعلي منذ تأسيس حزب العمال الكردستاني الإرهابي عام 1984، وبعد استقلال كردستان العراق بشكل غير رسمي عام 1990 لم يستقبل برزاني حزب العمال الكردستاني ولم يقبل تأسيس مخيمات تدريبية له في شمال العراق، مما اضطر الحزب للذهاب إلى وادي البقاع في لبنان.
ـ انزعاج برزاني العميق من دعم الولايات المتحدة الأمركية لحزب الاتحاد الديمقراطي، في شمال سوريا، دون التوجه لبرزاني وإشراكه بالخطط التكتيكية والاستراتيجية الخاصة بالتحالف الدولي في سوريا، إذ يعد برزاني نفسه الحليف الكردي الوحيد والأوحد للولايات المتحدة وأن أي دعم للمجتمع الكردي كان يجب أن يتم عن طريقه، وزاد انزعاج برزاني من الولايات المتحدة الأمريكية بعد عدم دعمه في خطته الاستقلالية التي طرحها الشهر الماضي وزاد انزعاجه من حزب الاتحاد الديمقراطي "البي يي دي" بعد زيارة زعيمه صالح مسلم لبغداد في شهر حزيران/ يونيو الماضي بشكل مباشر وإقامته بعض الاتفاقيات السياسية معها متخطيًا ومتحديًا موقف برزاني المتعنت في رفض دعم النظام السوري لعدم خسارة الدعم التركي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!