طه داغلي – خبر 7 – ترجمة وتحرير ترك برس
من الممكن أن نطلق على أزمة اللاجئين أو المهاجرين التي تشهدها القارة الأوروبية في هذه الأثناء، اسم المأساة الإنسانية. فكل جهة تتهم الأخرى، وكلّ جهة تخطو حسب مصالحها ومنافعها. والآن لنلقي نظرة من خلال ما جرى منذ بداية الأحداث السورية ولنكتشف معًا من كان على صواب ومن الذي كان مخطئًا خلال هذه الفترة.
سوريا تشهد منذ أكثر من أربعة أعوام ونصف، حالة من العنف والتوتر. وقد حصلت خلال هذه الفترة موجات نزوح كبيرة، حيث استقبلت الدّولة التركية ما يزيد على 2 مليون مواطن سوري، فرّوا من آلة القتل والدّمار هناك. وليست تركيا وحدها من استقبلت اللاجئين السوريين بهذا الكم. فهناك لبنان والأردن استقبلتا أيضًا أعدادًا كبيرة من هؤلاء اللاجئين. إلّا أنّ هاتين الدّولتين أغلقتا أبوابهما بوجه النزوح السوري، وذلك لأسباب مختلفة.
أمّا دول القارة الأوروبية، فعمدت إلى تحديد كمٍّ معين من اللاجئين، حيث استقبلت أعدادًا معينة. فإذا تجاوز عدد الراغبين في الوصول إلى القارة الأوروبية، الحد المسموح، كانت هذه الدّول تغلق أبوابها في وجههم. ولهذا السبب فإننا نجد في هذه الأثناء الآلاف من السوريين ينتظرون على أبواب ألمانيا والنمسا والمجر واليونان وصربيا.
ولم تكتفِ الدّول الأوروبية بهذا الإجراء، بل عمدت إلى اختيار النخبة من المواطنين السوريين كما فعلت قبل سنوات عديدة عندما بدأت باستقبال الأتراك الذين قصدوا الأراضي الأوروبية للعمل. فالأوروبيون لا يرغبون في استقبال المعمّرين والنساء الحوامل، بل يميلون إلى استقبال الفئة الشابة نظرًا لمعاناة القارة من قلّة الشباب لديها. وكأنّ لسان حالهم يقول: "إن كنت ترغب في اللجوء إلى أراضينا، عليك أن تعمل وتنتج".
بالمختصر، يمكننا أن نقول بأنّ الأوروبيين، ينظرون إلى السوريين على أنهم يد عاملة رخيصة يمكن الاستفادة منهم في شتّى المجالات. وبالتالي فإنهم يستفيدون من الأزمة الإنسانية الحاصلة في سوريا.
ومع انشغال العالم بأسره بأزمة اللاجئين في القارة الأوروبية، خرجت بعض المصادر الإعلامية لتنشر إحصائيات عن وجود السوريين في دول الخليج الغنية. وقالوا بأنّ دول الخليج الغنية تخلو من الوجود السوري تمامًا.
من الواضح أنّ هناك العديد من إشارات الاستفهام حول مواقف دول الخليج من القضية السورية. إلّا أننا لا نستطيع إنكار الدّعم المادي الذي تقدّمه المملكة العربية السعودية ودولة قطر لهؤلاء النازحين. كما أنّ هناك العديد من الأسباب لخلو هذه الدّول من اللاجئين. فعلى سبيل المثال إنّ الخروج من سوريا والوصول إلى تلك الدّول فيه نوع من الصعوبة. لكن بالمقابل كان بإمكان زعماء الخليج تقديم الدّعم المادي اللازم للسوريين من أجل خروجهم بشكل آمن من المناطق التي تشهد صراعات طاحنة. والكلّ يعلم أنّ مواقف قادة الخليج حيال الأزمة السورية، ليست بالمشرّفة. لكن هناك دولة في المنطقة تندّد بمواقف دول الخليج وتنسى نفسها ومواقفها الأكثر قُبحًا حيال القضية السورية. فالقيادة الإيرانية ومنذ عدّة أيام تهاجم دول الخليج من خلال وسائل إعلامها. يقولون بأنّ قادة الخليج لا يستقبلون السوريين ولا يتبنّونهم، متناسين بأنّ السبب الرئيسي لهذه الأزمة هم أنفسهم وتدخّلاتهم السافرة في الشؤون الداخلية لسوريا.
إنني لن أقول بأنّ الإيرانيين شركاء في المظالم التي تحدث بحقّ الشعب السوري، بل سأتجاوز ذلك وأقول بأنّ الإيرانيين هم أنفسهم من يقومون بظلم الشعب السوري وإجبارهم على ترك ديارهم. على الإيرانيين أن يخجلوا من أنفسهم عندما يطرحون موضوع اللاجئين السوريين للنقاش.
والغريب في الأمر أنّ الذين يتبادلون التُهم بين بعضهم البعض بخصوص الأزمة الحالية، ينسون القيادة الإيرانية وما قامت بها في سوريا من تدخلات سافرة. فلا أحد يذكر اسم إيران ولا أحد يقول بأنّ إيران كانت السبب في كلّ ما حدث في سوريا. والأغرب من هذا كلّه، فإننا نجد بعض الجهات تلقي باللوم على الدّولة التركية حيال أزمة اللاجئين وتتناسى الدّور الإيراني في تأزّم الوضع السوري.
إنّ المسبب لأزمة اللاجئين السوريين هم إيران وروسيا ودول القارة الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وكلّ من دعم رأس النظام السوري، ومن ساهم في نشوء تنظيم داعش، ومن يعمل على تقوية حزب العمال الكردستاني الإرهابي وجناحه المسلّح في سوريا المتمثّل بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس