جلال سلمي - خاص ترك برس
دخل الفن المسرحي التاريخ العثماني لأول مرة في زمن الإصلاحات التي قادها السلطان سليم الثالث في القرن الثامن عشر للميلاد.
يُعرّف موقع موضوع الأدب العربي "المسرح" على أنه أحد أشكال الفنون التي تعتمد على وجود مكان خاص للأداء والتمثيل المباشر أمام االجمهور بشكل مباشر، ويُجسد أو يُترجم المسرح القصص والنصوص الأدبية بواسطة استخدام مزيج من الكلمات وبعض الإيماءات بالموسيقى والصوت على خشبته.
وعلى الرغم من عدم معرفة تاريخ دخول الفن المسرحي إلى الدولة العثمانية بالضبط إلا أن المؤرخين الفنيين يؤكدون بأنه دخل أراضي الدولة العثمانية مع عمليات الإصلاحات الاقتباسية الغربية التي بدأت في عصر السلطان سليم الثالث "1761 ـ 1808" وتطورت في عصر السلطان محمود الثاني "1785ـ 1839" الذي وسع عملية الإصلاحات في الدولة العثمانية واقتبس المزيد من الفنون والآداب الغربية من شعر ونثر وغيرهما.
بعد تطور العلاقات الغربية العثمانية في عصر السلطانين سليم الثالث ومحمود الثاني أصبحت إسطنبول العنوان الأنسب لإقامة الكثير من الأجانب ومن بينهم عدد كبير من الفنانين والأدباء، وفي السنوات الأخيرة لحكم السلطان سليم الثالث بدأت الفنون وأشكال التمتع الغربية تظهر بشكل غزير في ميدان بيك أوغلو، ميدان تقسيم في وقتنا الحالي، في إسطنبول وخاصة فن المسرح الذي دخل ضمن هذه الفنون الغربية.
وحسب المصادر التاريخية؛ توسع الفن المسرحي في السنوات الأخيرة للسلطان محمود الثاني ما بين 1826 و1839 وبدأت الكثير من المسرحيات الغربية، وخاصة الفرنسية منها، تُترجم وتعرض باللغة التركية، وكان تتم هذه المسرحيات وسط دعم إعلامي ودبلوماسي غربي واسع حتى يتم تقبله من قبل الدولة العثمانية ومن ثم الشعب العثماني.
وفي تلك السنوات قام الفنان الإيطالي غريستينيان بإنشاء أول مسرح مُجهز بكافة العناصر الفنية المسرحية من خشبة مسرح ومكان لجلوس الجمهور وستائر لإغلاق المسرح والتنقل من مشهد لأخر واستطاع غريستينيان إنشاء هذا المسرح بعد الحصول على إذن خاص من السلطان محمود الثاني.
وتشكف الوثائق التاريخية العثمانية الموجودة في الأرشيف العثماني الموجود في القصر العالي في إسطنبول بأن هذا المسرح لاقى إقبالًا عاليًا من المواطنين العثمانيين الذي قاموا بدورهم بدعمه هذا الفن الجديد من خلال الإقبال الشديد على المسرحيات التي كانت تُعرض داخل المسرح الإيطالي في ليالي رمضان.
وتشهد الوثائق التاريخية بأن أول مسرح تركي تم نسجه من قبل الفنان العثماني التركي أحمد توفيق باشا الذي قام بتحويل أكثر من 6 مسرحيات فرنسية إلى صيغة عثمانية تركية وقام بإنشاء أول مسرح تركي في مدينة بورصة عام 1879 كما يُعتبر أول كاتب مسرحي في التاريخ التركي.
وبعد الإقبال الملحوظ الذي لاقاه مسرح غريستينيان قامت الدولة العثمانية بالفترة مابين 1840 إلى 1877 بإنشاء أو برعاية إنشاء ثلاث مسارح عامة ضخمة:
ـ مسرح بوسكو: تم إنشاؤه عام 1840 بعد مشاورة بين الإيطالي إليزيونيست بوسكو مع السلطان عبد المجيد الأول والذي قام بدوره بقبول الفكرة واستعد لتقديم الدعم الكافي لإتمام عملية إنشاء المسرح، كانت تتم المسرحيات باللغة الفرنسية وكان يغلب على المشاهدين أصحاب الجنسيات الأجنبية المُلِمّة باللغة الفرنسية، ولكن كان يحضر المسرح مواطنون أتراك اعترضوا على سياسية العرض بشدة مما دفع إدارة العرض إلى أن تقوم بترجمة سيناريوهات المسرحيات إلى اللغة التركية وكانت تقدم السيناريوهات المطبوعة للمواطنين الأتراك الذين بدؤوا بمتابعة المسرحيات من خلال قراءة السيناريوهات المطبوعة.
ـ مسرح ناوم: أول مسرح يتم اقتراح إنشائه من قبل مواطن عثماني تركي يُدعى "ميكائيل ناوم"، بدأت عملية إنشاء المسرح عام 1844 ولكنها توقفت لأن ناوم عَمِل على شراء مسرح بوسكو وفتحه أمام المواطنين الأتراك باللغة التركية الخالصة.
ـ مسرح غيديك باشا: مسرح تركي آخر تم إنشاؤه من قبل المواطن العثماني التركي رضا عام 1860، وكان الهدف الأساسي من إنشاء هذا المسرح منافسة مسرح ناوم الذي أصبح يتصرف باحتكار ويزيد من سعر العروض المسرحية الأمر الذي جعل الكثير من المواطنين الأتراك يسخطون عليه ويصدون عن الذهاب إليه فعمل المواطن العثماني المُقتدر رضا على استخراج إذن حكومي لبناء مسرح آخر منافس لمسرح ناوم لكسر احتكاره.
ـ مسرح قصر دولما باهتشه: تم إنشاء القصر بأمر خاص من السلطان عبد المجيد الأول الذي أمر بإنشاء المسرح داخل القصر ولكن هذا المسرح الذي تأسس عام 1851 تحوّل إلى سكن بعد الحريق الذي اشتعل به عام 1864.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!