إتيان مهتشوبيان - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
أثلج الاهتمام الأمريكي بقوات وحدات حماية الشعب الكردي قيادات حزب العمال الكردستاني، لكن هذا لم يغني عنهم في فشلهم الكبير الذي حصل من تحركاتهم التي انطلقت من جبل قنديل لتستقر في تركيا، وقد نجد فيهم من يملك بُعد النظر والبصيرة ليرى كيف أنهم جُرّوا إلى هذا الفخ، فبعد كل شيء رأينا التصرفات البراغماتية في السياسية الأمريكية في وتعاطيها مع وحدات حماية الشعب الكردي، فهي تريد منه ومن تركيا أن يكونوا أدوات في قتال تنظيم داعش. وفي الطرف الآخر من الصورة نرى التقييم الجاري في مدى قدرة اليد الحمراء لحزب العمال الكردستاني في أن تكون قوة مجابهة لتركيا.
تسعى الجهود المبذولة في أطراف معادلة حل الأزمة السورية إلى خلق حل ممكن ودائم بوجود حزب العمال الكردستاني فيه كطرف يعمل في استراتيجية موحدة بالتعاون مع الحكومة التركية، وفي تحقيق تلك المتطلبات نرى حزب الشعوب الديمقراطي وحزب كردستان الموحدة وقد تنازعهم مواقف مختلفة تدور بين "تحقيق كل شيء أو لا شيء"، وتأتي هذه المواقف بين دعم الولايات المتحدة الأمريكية والحاضنة الشعبية، أما بالنسبة للموقف الأمريكي فهو ظاهر للعيان؛ ليكون المحدد الأساسي في المسالة هو الحاضنة الشعبية، وتأتي أهمية السؤال هنا في حال فقد حزب العمال الكردستاني الحاضنة الشعبية والتأييد الشعبي وكان موقف الولايات المتحدة الأمريكية كما كان في الماضي بالتخلي عنهم في اللحظات العصيبة فان النتيجة ستكون بـ"تحقيق لا شيء".
لقد تم نشر مذكرات زيارة أورفا في صفحة قناة الجزيرة؛ حيث كانت الزيارة لهذا الشهر مع عائشة يرجالي في مركز دراسات السياسية العالمية والديمقراطية، وكانت تدور حول تقييم آخر الحملات العسكرية، وكان فيما قالته يرجلي "يتمحور وهم السياسية الكردية في ثلاث نقاط 1) عدم رؤيتهم لانعدام إمكانية إقامة أي محادثات سلام مع غير حزب العدالة والتنمية 2) اعتقادهم بأن كل انتصاراتهم ومكتسباتهم التي حققوها هي فقط نتاج جهودهم وآمالهم 3) اعتقادهم باستمرار دعم القوى العالمية مثل أمريكا أو إيران لحسابات خاطئة يظنوها".
لقد حضر اللقاء أعضاء ومقربين من الحزب، لكن حضورهم لم يغير شيء في التقييم، وظهر واضحا بأن هنالك مشكلة استيعاب لدى حزب العمال الكردستاني، فمحادثات السلام مع الأكراد لم تكن يوما مشروعا للحكومة؛ بل كان مشروعًا خاصًا بحزب العدالة والتنمية، كما ورأينا كيف تأثر الحزب بالرومنسية السياسية وأيدولوجيا المدينة الفاضلة وبسيكولوجيا المظلوم ليدفعهم هذا نحو التفكير العاطفي والاستغراب، وتصبح الأمور أكثر وضوحا عند رؤية كل هذا؛ ليتبين لنا بأنهم لم يتمسكوا بأبسط مبادئ السياسة الحقيقية.
لقد رأينا الكثير من الحركات والأحزاب التي حُكمت بمبدأ "تحقيق كل شيء أو لا شيء"، ورأينا كذلك كيف أنهم قضوا على أنفسهم ووصلوا إلى "تحقيق لا شيء" بأيديهم، وكيف أن كل هذه الحركات والأحزاب التقت عند نفس النقطة لتمرض ويتجاوزها التاريخ.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس