إتيان مهتشوبيان - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
لو سأل أحدهم عن مدى رغبة الشريحة العامة من الناس والنخب السياسية في النظام الديمقراطي والعملية الديمقراطية، لكانت الإجابات باتجاه العمل الديمقراطي ولكانت كل الأصابع تشير بنعم للعملية الديمقراطية. لكن الامر ليس بهذه السهولة ولا حتى بمثل هذه البساطة، فلو نظرنا إلى الغرب الذي يُعتبر مكان ولادة الديمقراطية الحديثة لوجدنا أن الوعي الديمقراطي في كل شرائح المجتمع الغربي يأتي في المرتبة الرابعة! فما بالك في بلادنا؟
لو أردنا التكلم عن الوعي الديمقراطي فان الوعي هنا يشمل الأيدلوجيا والهوية والسياسية والثقافة، وبهذا فان تغيير الوعي لا يكون ضمن فترة زمنية قصيرة بل يحتاج الى أجيال وعصور حتى يستطيع الخروج من قوقعته. وتغير الوعي يكون بطيء لان الأحزاب السياسية تظل ثابتة على مواقفها السياسية أو أيدولوجياتها، حيث ترى بانه لا حاجة في تغييرها، وإن ظهرت هذه الحاجة فإنها تكون نتيجة ضغوطات الواقع، وحتى لو تغيرت الايدولوجيات فإن الجهود التي تتشبث بالأنظمة القديمة أو بما هو مألوف تمنع عجلة تطور الوعي الجمعي من التقدم حتى لو كان قائد دفة التغيير هو شخص مثالي.
يمكن تغيير الوعي العام بالعمل على تحرير المجتمع من اغلال الماضي والحاضر والعمل على فهم طبية العلاقة بين الماضي والحاضر ومحواله إعادة بنائه من جديد في إطار منظومة الدفع نحو الوعي الجديد.
لقد عمد حزب العدالة والتنمية الي استغلال الفرص وطرق كل الأبواب المتاحة عندما لاحت له الفرصة ورأى الوعي الجمعي القديم وهو يتهاوى على حافة الانهيار. فقد قاموا بتكسير كل المُعوقات في الوعي القديم أمام ما يرمون اليه من الوعي الجديد، وقاموا بفتح كل أبواب الطاقة في المجتمع لتنطلق بكل قوتها وعنفوانها. رغم كل أشكال الفوضى العارمة التي عاشتها البلاد في فترات سابقة ورغم حالة المد والجزر في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد، فقد نجح حزب العدالة والتنمية في أن يصل بالشعب التركي إلى الوعي الديمقراطي، رغم أن محاور الوعي التي عمل عليها لم تكن نقلتها إلى الوعي الديمقراطي بشكل تام في بعض المواضع مما يضره في بعض الأحيان إلى التعامل معا من جديد.
في أدبيات حزب العدالة والتنمية وفيما قدمه للشعب التركي رأينا أسرع عملية تغيير للوعي ممكن ان تحصل، فقد رأينا الكتلة الانتخابية الضخمة التي تدعم الحزب نحو الديمقراطية وحرية الدين الإسلامي، ورأينا استمرار توسع الحاضنة الشعبية له. وبهذا يستمر الأمل والأحلام في الاستمرار نحو تحقيق الأفضل. ولهذا نرى أن أكثر السياسيين وعيًا هم أعضاء حزب العدالة والتنمية؛ لأن النقلة التي أحدثوها في الوعي تستمر في دفعهم نحو التطور وطلب المزيد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس