كورتولوش تاييز - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
تشعرنا بروكسل عاصمة بلجيكا بأنها المركز الأساسي لتوجيه الحراك الكردي الانفصالي، فزيارة ساسة حزب الشعوب الديمقراطي إلى أوروبا تنطلق دوما من بروكسل، وتتركز فيها أيضا، والاجتماعات الهامة لحزب العمال الكردستاني تٌعقد في نفس المدينة، وأحد هذه الاجتماعات عُقد الأسبوع الماضي.
اجتمع "مؤتمر كردستان القومي" ذراع حزب العمال الكردستاني الذي يتواجد على قوائم الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، لمدة 3 أيام في العاصمة البلجيكية بروكسل الأسبوع الماضي، وقد أرسل مراد كايلان أحد أعضاء المؤتمر، تصريحات تضم في ثناياها عناصر تهديد واضحة لوحدة التراب التركي، وقد احتوت تلك التصريحات أيضا على جملة "عملية تأسيس كردستان الحرة".
سماع رسالة حول "كردستان" في مؤتمر يُعقد في بروكسل أمر هام جدا، لأنها توضح بصراحة هدف حزبي الشعوب الديمقراطي والعمال الكردستاني، كما أنها توضح القوى التي تقف خلف هذين الحزبين، لأننا ندرك أننا نعيش في عصر لا يمكن فيه أنْ تؤسس منظمة لوحدها دولة جديدة، دون أنْ تحصل على دعم من القوى العظمى في العالم، ولا شك أنّ هدف حزب العمال الكردستاني بتأسيس دولة ليس بالأمر السري، لكن انطلاق حزب العمال الكردستاني لتأسيس "كردستان الحرة" من بروكسل له معانٍ عديدة.
تحتوي بروكسل على مركز حلف الناتو الذي نحن أعضاء فيه، وفي معقل حلف الناتو الذي يتوجب عليه حماية الحدود التركية، تجري اجتماعات لمنظمة تهدد تركيا وتعلن أنها تسعى لتقسيم دولة عضو في حلف الناتو. هل يمكن لهذا المشروع أنْ يكون منعزلا عن بروكسل وأوروبا؟ أو دعونا نسأل بطريقة أخرى، هل كان حزب العمال الكردستاني يستطيع الحصول على سلاح دون دعم الغرب؟ هل كان باستطاعة الحزب العودة لاستخدام العنف في منتصف عملية السلام بدون الحصول على دعم الغرب؟
في الوقت الذي وصل فيه الحراك السياسي الكردي إلى أعلى نقطة، بعد مكسب سياسي كبير حققه حزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات 7 حزيران/ يونيو، قام حزب العمال الكردستاني بإعلان انتهاء وقف إطلاق النار والعودة إلى أعمال العنف، وبدون حصول حزب العمال الكردستاني على دعم من الغرب وامتداداته في داخل تركيا، لا يمكنه العودة إلى الأعمال الارهابية وإفشال عملية السلام، ولا يمكن لأي منظمة تأسيس دولة دون أنْ يكون خلفها قوة عظمى.
لو كان هدف معسكر حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني، هو كسب المزيد من الامتيازات السياسية داخل تركيا، والحصول على دعم الشعب التركي ليصبح حزب الشعوب الديمقراطي حزبا سياسيا تركيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لما أضاع الفرصة الذهبية التي حصل عليها في انتخابات 7 حزيران، لكن مع إعطاء الغرب الضوء الأخضر لتأسيس "كردستان"، قلب حزب العمال الكردستاني طاولة السلام، وانتقلوا إلى أعمال العنف.
لا يمكن لأحد إنكار حقيقة الروابط الوثيقة بين حزب العمال الكردستاني وسوريا وإيران، لكن العلاقات مع بروكسل، والتي تربط المنظمة الإرهابية بأوروبا هي روابط أكثر عمقا وأكثر تجذرا، وقد عبّر أوجلان في السابق بأنّ أوروبا وأمريكا تسعيان لتحقيق انقلاب ضد تركيا، لكنه على ما يبدو لم يكن يتوقع أنْ يحصل ذلك من خلال حزبه حزب العمال الكردستاني بهذه الصورة، وأعتقد أنّ أوجلان بنفسه لم يكن يتوقع أنْ تصل أمور حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني بهذه الطريقة من حيث العلاقات في بروكسل، أو ربما يريد المؤسس أنْ يوصل رسالة تحذيرية لتركيا من خلال إبراز قوة تأثير المنظمة على حلف الناتو.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس