ندرت أرسنال - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
هل ما تزال سوريا ساحة صراع بين موسكو وواشنطن في الشرق الأوسط؟ في ساحة التنافس السياسي الدائر في سوريا وأوكرانيا نجد أن دولًا مثل ألمانيا وتركيا والسعودية كانت تمتلك من الأوراق ما تستطيع من خلاله إفساد اللعبة على القوى العظمى. ففي ألمانيا نجد بأنها فقدت ورقتها الرابحة التي كانت تهدد بها؛ وهي كونها القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا. أما السعودية فقد باتت تُعاني من النظرات الباردة التي ترمقها من كافة البلاد الإسلامية بعد فاجعة الحج الأخيرة؛ كما وقد ظهرت الرياض وهي لا تتشارك بعلاقات التفاهم المتبادل مع كل مراكز القوى في الساحة، وزاد الأمر سوءا على السعودية ما قام به الملك الجديد من استخدام لكرت معارضة الولايات المتحدة الأمريكية فور تسلمه مقاليد الحكم. أما تركيا فهي تعيش مرحلة إدارة الأزمات، فمن انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر القادم إلى محاربة الإرهاب ومحاولة حل الأزمة السورية، كلها أزمات تتزاحم على أبواب الحكومة التركية.
نستطيع فهم الحالة التركية كما يوضحها مؤسس مدرسة الحرب الجنرال عابدين أونول في تصريحاته "نرى اليوم القوات الجوية التركية وهي تحارب بمعركة متوسطة المدى على جبهتين". وكانت ردود الفعل من الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا ودول التحالف بما فيها دول الناتو على تحليق الطيران الروسي في المناطق المحاذية للأجواء التركية بارد على كل من الطرف الروسي والتركي. في المقابل نرى الناتو الذي يزن بالميزان الأوروبي وهو يحضّر لأكبر حملة عسكرية منذ عام 2002 والتي يشارك فيها 30 دولة و37 ألف جندي و60 سفينة حربية و200 طائرة حربية، وستستمر هذه الحملة حتى 16 نوفمبر القادم، ومن الدول المشاركة مع دول الناتو في هذه الحملة كل من: أستراليا والبوسنة والهرسك وفنلندا ومقدونيا والسويد وأوكرانيا.
لا نعلم مدى تحمل سوريا لأعباء الحروب الدموية الدائرة عليها؛ لكن لا نجد تدخل الصين بعد روسيا والولايات المتحدة الأمريكية أمرًا غريبا، فقد طلبت روسيا من الصين مساندتها بطائرات جي 15 التي ستنطلق من مطار التقدم في العراق ومطار طرطوس في سوريا لمساعدة روسيا في ضرباتها الجوية. وتعيش الأحداث عناصر متغيرة جديدة ستعيد الموازنات العالمية لتحسم القوة العظمى الثالثة عالميا، ومن هذه المتغيرات:
1- ظهور المخابرات الإسرائيلية ولعبها لأدوار معينة في الساحة السورية حسب ما أفادت صحيفة ديبكا في خبرين نُشِرا في 26 أيلول/ سبتمبر و2 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وكانت صفحة ديبكا هي أول من أخبر بقدوم الدب الروسي إلى سوريا، كما وأخبرت بأن التدخل الصيني يكفيه تواجده في البحر الأبيض المتوسط.
2- وضع اللمسات الأخيرة للهيمنة الصينية على المحيط الهادي وما تحويه المنطقة من تبادل اقتصادي يقدر بـ40% من اقتصاد العالم.
3- سعي الأمم المتحدة إلى إخلاء القاعدة العسكرية الأمريكية في اليابان والتي تستوعب 47 ألف شخص بعدما باتت على رأس جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
4- ما اقتبسه جميل ارتام في صحيفة ميليت من زبينغيو بريزنزكي "على أمريكا ترك الشرق الأوسط لروسيا والالتفات إلى المحيط الهادي؛ لأنه إذا حُلّت من هنالك فان النظام سيُحلّ".
5- الضغوطات الروسية الصينية على الولايات المتحدة الأمريكية من أجل بسط هيمنتهم على آسيا والمحيط الهادي، فتحالف موسكو وبكين بات يؤتي أكله، وذلك بسبب استراتيجيتهما التي تهدف إلى إغراق أمريكا في سوريا وإشغالها بالشرق الأوسط لمنعها من الالتفات إلى آسيا والمحيط الهادي.
ولأنه الشرق الأوسط، فلا يكفي تغيير النظرات، وإنما تحتاج إلى تغيير العيون وزوايا النظر التي تبصر بها، فلم تعد سوريا بالنسبة لإيران تنحصر في إطار مساعدة ودعم الأسد، بل باتت تدور وتحور في اطار كونها دولتهم التي يسعون في بنائها وتشييدها، فالإيرانيون اليوم يشترون الأراضي السورية، ويفتحون فيها المدارس الدينية، وينظمون عملياتهم العسكرية، ويسعون في توطيد إقدام الدكتاتورية.
ملاحظة: عند ذكر أزمة تركيا وروسيا نتذكر الطاقة ومعاهداتها التي بين البلدين، ولهذا أقول بأن الاستراتيجية المتبعة في هذه المرحلة قد تكون "العرض والطلب".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس