أحمد تاشكاتيران - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
أسفر انفجار يوم أمس في أنقرة، والذي حدث ضد مجموعات يسارية كانت تخطط للقيام بمهرجان تحت عنوان "العمل، السلام، الديمقراطية"، أسفر هذا الانفجار عن مقتل 95 شخصا، وإصابة 246 آخرين. نعم، تركيا أمام عمل تخريبي جديد.
نتذكر هنا، الانفجار الذي حصل بتاريخ 5 حزيران/ يونيو، حيث كان يسبق الانتخابات بأيام قليلة جدا، والذي استهدف مهرجانا لحزب الشعوب الديمقراطي في محافظة ديار بكر، وقد كانت ثمار هذا الانفجار زيادة بنسبة 4% على أصوات الناخبين المؤيدة لحزب الشعوب الديمقراطي.
وأيضا لا بد لنا أن نتذكر الانفجار الذي تسبب بمجزرة سوروج، والذي حدث بتاريخ 20 تموز، حيث كان يستهدف مجموعة من اليساريين الذين تجمعوا من كل أنحاء تركيا من أجل إرسال المساعدات الإنسانية والألعاب إلى الأطفال في كوباني، وأسفر هذا الانفجار عن مقتل 34 شخصا.
نحن على أبواب انتخابات 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، والدولة تحارب بكل قوة ضد الارهاب، وقد أسفرت هذه المواجهة التي تقودها تركيا عن مقتل ما يقارب 2000 عنصر ارهابي، وكان نتيجة هذه العمليات أنّ حزب الشعوب الديمقراطي لم يستطع الانفصال عن المنظمة الارهابية، ولهذا سقط في اختبار كونه "حزب لكل الأتراك"، واضطر في الأخير إلى الطلب من حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار. وفي وسط هذه الأحداث، حصلت مجزرة أنقرة المشابهة لمجزرة سوروج.
بعد هذه المجزرة، انهالت الاتهامات من قبل اليساريين نحو الحكومة والدولة والشرطة والحزب الحاكم ورئيس الجمهورية، ومن الطبيعي في مثل هذه الأمور أن يتم الحديث عن "ضعف في جهاز الاستخبارات للدولة"، ومن الممكن إدانة الدولة، والاستقصاء حول إن كانت الدولة اتخذت كل الاحتياطات الأمنية اللازمة أم لا.
نعم، لنتحقق من ذلك، لكن علينا أيضا عدم نسيان أنّ فتح الأبواب أمام سيل الاتهامات ضد الحكومة والدولة والشرطة، ومهما كانت النية الحقيقية التي تقف خلف هذه الاتهامات، إلا أنها تخدم بصورة مباشرة وتساهم في التغطية على الجناة المرتكبين لهذه المجزرة.
ولهذا علينا أنْ نسأل رئيس اتحاد نقابات العمال الثوري التركي (DİSK)، عن المصدر الذي أخبره بأنّ "الشرطة هي من قامت بهذه المجزرة"، فمع أننا كنا نعيش لحظات عصيبة على وقع مشهد القتلى في هذا الانفجار، خرج هذا الرجل وخلفه تظهر مشاهد مأساوية ليتهم الشرطة فورا، ربما يحتاج لمصدر استخبارات من الجن حتى يخبره بأنّ الشرطة من تقف خلف هذا الهجوم.
هذه الحادثة تصيب تركيا بصورة مباشرة، وينزعج منها جدا رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكل وحدات الأمن في الدولة، وأنتم تبحثون عن متهم داخل الدولة، ولو افترضنا أنّ هناك مؤامرة من داخل الدولة، ألن تكون هذه المؤامرة تهدف إلى إيقاع من يدير هذه الدولة في فخ مُحكم من أجل إسقاطهم؟
بدأت الحكومة والدولة تحركاتها لمعرفة كل التفاصيل المتعلقة بهذا الانفجار منذ لحظة وقوعه، وعُقدت وتعقد الاجتماعات الأمنية، حتى يعرفوا من يقف أمام وخلف هذه المجزرة. والغريب أنّ هناك تغريدة على تويتر نُشرت قبل الحادثة بيوم وموقعة من قبل "بير أوزان أبدال Pir Ozan Abdal" يقول فيها: "قد تحدث مجزرة دموية كمجزرة سوروج"، كيف ومن أين عرف هذا المواطن هذه المعلومة؟
يوجد العديد من المنظمات الارهابية المعروفة في المنطقة وفي تركيا، وكل هذه المنظمات لديها الاستعداد والقابلية والإمكانيات للقيام بمثل هذه المجزرة المروعة، مثل حزب العمال الكردستاني، وداعش، وجبهة حزب التحرر الشعبي الثوري المتطرفة. لكن علينا أن لا نهمل وجود قوى استخباراتية تتْبع للقوى صاحبة النفوذ في المنطقة. على سبيل المثال إيران، لاعب أساسي في المشهد السوري، وتشارك بميليشياتها علنا في سوريا، وتنشر الارهاب في كل المنطقة. وأيضا روسيا، أمريكا وإسرائيل، يشاركون بفعالية في المنطقة، سواء من خلال القوة العسكرية أو من خلال أجهزة الاستخبارات التابعة لهذه الدول.
لا يمكننا القول أنّ كل هذه القوى تسعى بكل جهدها من أجل ضرب تركيا واستقرارها، لكن المؤكد هو أنّ سعي واحدة من هذه الدول إلى هذا الهدف، ووضع تركيا كهدف لها، سبب كافٍ لقيامها بمثل هذه المجزرة المروعة، والتي تعد بالنسبة لحجم هذه الدول وتأثيرها أمرٌ سهل القيام به.
لا شك أنّ الدولة عليها حماية نفسها من هذه المخططات الشريرة، وكان عليها التنبؤ وتوقع حدوث مثل هذه الهجمات وبالتالي منعها، لكن على المعارضة أيضا، والتي ربما تصبح في يوم من الأيام الحزب الحاكم في الدولة، عليها في مثل هذه المواقف أن تقف إلى جانب الدولة وتتعاون مع أجهزتها الأمنية، أما مفهوم "لندع الارهاب يُسقط الحزب الحكام وتبقى الدولة ورثة لنا"، هو مفهوم ومبدأ سيء للغاية، ويشبهون بذلك لصوص المقابر الذين ينتفعون من الموتى.
لكن ما يجب علينا أن نعرفه أيضا، الإجابة على سؤال: كيف سيكون تأثير هذه المجزرة على الانتخابات المقبلة؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس