محمد تيزكان - صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس
هل توجد مشكلة في المعارضة التركية؟ نعم توجد، وقد أثبتت نتائج انتخابات 7 حزيران/ يونيو و1 تشرين الثاني/ نوفمبر وجود مشكلة حقيقية داخل المعارضة، ويمكن تفسير سحب البساط من تحت الحزب الحاكم في انتخابات 7 حزيران، وفتح المجال للمعارضة التركية، ثم إعادة الثقة بالحزب الحاكم في انتخابات 1 نوفمبر، وإقصاء المعارضة، يمكن تفسيره من خلال جملة واحدة، وهي أنّ الناخب قد فقد ثقته تماما بالمعارضة.
قلنا أنّ هناك مشكلة في المعارضة التركية، ولنبدأ من حزب الشعوب الديمقراطي، الذي طُعن ظهره من قبل حزب العمال الكردستاني، وعندما أصيب، أصبح مكبلا، وفمه مغلقا، لا يستطيع التحدث، ولا يستطيع ممارسة السياسة، وأنهى ادعائه بأنه يريد أنْ يصبح حزبا تركيا، واستطاع دخول البرلمان وهو ينازع.
بينما تحوّل حزب الحركة القومية إلى حزب "دولت بهشتلي"، وخرج عن طور كونه حزبا قوميا، وأصبح الحزب أضحية لتصرفات "بهشتلي" الذي يعتبر أنّ الحزب مُلكا له، ومع أنّ مؤشرات الحزب صعدت في انتخابات 7 حزيران، إلا أنّ "بهتشلي" بتر قدم الحزب، ليتراجع ويصغر، وليصبح الحزب ملكا له.
في المقابل ثبت حزب الشعب الجمهوري على 25%، ومهما عمل وفعل لم يتقدم، ومع أنّ الحزب الحاكم تراجع في انتخابات حزيران من 49.9% إلى 40.9%، إلا أنّ ذلك لم يغيّر من واقع حزب الشعب الجمهوري شيئا، ليعود الحزب الحاكم وترتفع نسبة التصويت له في انتخابات نوفمبر إلى 49.5%، فيما بقي حزب الشعب الجمهوري ثابتا في مكانه، ولم يستطع زيادة نسبة التصويت له ولو حتى 1%.
لا يمكننا السكوت على وضع المعارضة المتهالك، لأنّ عدم وجود معارضة حقيقية، ووقفوها وانكسارها، يعني انكسار الديمقراطية، وحينها يتشخصن الحُكم، ويصبح مهيمنا أكثر، ويبدأ بالتدخل في المجتمع، ويسعى ليكون الجميع مثله.
هذه هي المشكلة التي كانت منذ 2011 وحتى 2015، مشكلة المعارضة الضعيفة، في مقابل حزب حاكم يفعل ما يريد، وقد دخلنا الانتخابات وخرجنا، ولم يتغير أي شيء، وسيبقى كذلك حتى عام 2019.
ماذا يتوجب على أحزاب المعارضة القيام به؟
الجواب معروف، عليهم تجديد أنفسهم، ليعرفوا أسباب حالتهم المأساوية الحالية، ولماذا لا يحظون بثقة الناس، ولماذا لا يستطيعون الاقتراب من حزب العدالة والتنمية، وعليهم أنْ يعرفوا أسباب بقائهم بعيدين عن الحُكم، ليتساءلوا عن ذلك، وليتفكروا فيه.
هل سينجحون؟
أعتقد أنّ حزب الشعوب الديمقراطي لا يمكنه الانفصال عن حزب العمال الكردستاني، وربما يقيمون أدائهم، ويريدون معرفة الذي حصل، ويخططون لينهضوا من جديد، لكن حزب العمال الكردستاني لن يسمح لهم بذلك.
بينما أغلق "دولت بهشتلي" كل الطرق على آمال حزبه، عندما أعلن عن أنّ مؤتمر حزب الحركة القومية سيكون عام 2018، وبذلك لم يعط الإذن لتجديد هيكلية الحزب، فضلا عن أنْ يمارس سياسة معارضة حقيقية، وسيبقى نواب الحزب مجرد متفرجين على المشهد السياسي على مدار 4 سنوات قادمة.
آمال التغيير معقودة على حزب الشعب الجمهوري، المثقل بكثير من الأمور، وأهمها عداوة الدين، فهو لا يوجد لديه مشكلة في رئاسة الحزب وقيادته، وإنما مشكلة في رسالته، ولذلك عليه تجديد نفسه ورؤيته، وإلا لن يستطيع حتى المحافظة على نسبة 25%.
ماذا يعني غياب المعارضة؟
غياب المعارضة يعني أنه لن يكون هناك سلطة للقانون، ولن يستقل القضاء، ولن تتقدم الحقوق الأساسية والحريات إلى الأمام، ولن تصبح حرية التعبير كما هو الحال عند الغرب، ولن يكون الإعلام حرا طليقا، ولن يحصل أحد على حق التظاهر، ولن تكون الجامعات حرة.
غياب المعارضة يعني تضييق الأفق السياسي، وعدم تنفيذ طلبات الناس، وتجعل الحزب الحاكم يتصرف كما يشاء، ولن يكون هناك رقابة على أداء البرلمان، ولا مناقشة للقوانين، وتخرج قوى الأمن من وظيفتها الأمنية، لتصبح وظيفتها العقاب، وسيتحرك الشارع في غياب المعارضة.
هذا ما تعيشه كل الدول التي فيها معارضة ضعيفة، سواء أكان الحزب الحاكم يريد ذلك أم لا يريده، لكنه يحصل، ولهذا فإنّ أهم عنصر في الديمقراطية، هو عنصر المعارضة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس