إتيان مهتشوبيان - صحيفة أقشام - ترجمة وتحرير ترك برس
لا يمكن وصف العملية الإرهابية المركبة في باريس بعملية ناتجة عن رد فعل ما. فالعملية عبارة عن سبع اعتداءات مسلحة في نفس الوقت في سبع أماكن مختلفة، وهذا يعني أن هناك عدا عن المنفذين دعمًا لوجستيًا ومخططين وغير ذلك، وهذا يعني أننا أمام منظمات متدربة ممتدة داخل المجتمعات، وربما تنفيذ بعض الإرهابيين للعملية ووجوههم مكشوفة يعني أنهم يعلنون الحرب، ولعلهم يهدفون إلى قول: لا تخافوا من شيء مجهول بل الشيء الذي ستخافون منه معروف وواضح.
ولعل الأشخاص الذين نفذوا العملية وقربهم من تنظيم داعش لم يكن شيئا مفاجئا، في النتيجة المنفذ يصنف ضمن الذين يعدهم الغرب مصدرًا للعداء، وقد يكون يكون المنفذ للعملية من الذين يشعرون بالاضطهاد من الغرب، وبهذا الشعور المتولد عن العصيان الداخلي شرعنوا عمليات القتل بحق الغرب، ولعل الأدلة الأولية تشير إلى أن منفذ العملية هو تنظيم داعش، ولكن الذي ينظر إلى طبيعة العملية وعدد الضحايا المستهدفين يجعل النظر يتجه إلى أن العملية مصدرها أوروبي وربما يكون فرنسيًا. ومن جانب آخر لا يمكن أن نتصور أن تتم عملية بهذا التعقيد وبهذه الدقة من قبل تنظيم مثل داعش، ولننظر إلى الموضوع من جانب آخر، ما هي النتيجة المنتطرة من مثل هذه العملية؟ فسنجد احتمال أن يكون تنظيم داعش الذي قام بالعملية ليس قريبًا إلى المنطق، ولكن يجب أن نضع في الحسبان أن إرادة مختلفة تقف وراء تنفيذ هذه العملية وقد تكون استخدمت داعش لهذا الغرض.
فتوقيت العملية بالتزامن مع ذهاب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند للمشاركة في قمة العشرين، قد يكون من باب رسالة تحذيرية لفرنسا حول سياستها من الأزمة السورية، وهذا يجعلنا ندرك أن هناك عقلًا مدبرًا يقف و راء الكواليس، وهذا يعني بشكل مباشر أن السياسة الناعمة اتجاه الأزمة السورية قد انتهت، وأنه يكمن التضحية بكل شيء مقابل الفوز في هذه الحرب، في هذا العالم المصغر خاصة الذين لم يتحملوا مسؤولية يجب أن يدركوا أنه حان الوقت ليتحملوا مسؤولياتهم تجاه ما يحصل في منطقة الشرق الأوسط لأن آثار الحريق الناشب في الشرق الأوسط بدأت تحرق الغرب. فعندما يكون جزء من العالم غير مكترث للعمليات القتل والتهجير التي تحدث في بقعة ما في العالم، يأتي يوم ليكون هذا القتل قد وصل إلى أراضيك، نعم اليوم هو يوم عزاء، ولكن في نفس الوقت يدب دعوة العالم الغربي إلى تحمل مسؤولية تجاه ما يحدث في الشرق الأوسط، لأنه لم يتم ذلك فلا مجال بعد ذلك للحديث عن الإنسانية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس