أفق أولوطاش - صحيفة أقشام - ترجمة وتحرير ترك برس
أصبحت داعش حديث العالم بعد أن كانت تعد نفسها كيانا سياسية في العراق باسم دولة العراق الإسلامية ومرتبطة بشكل تنظيمي بشبكة القاعدة العالمية، لكن بعد الثورة السورية ودخولها إلى ساحة جديدة كبرت بشكل متعاظم ظهر ذلك واضحا وجليا عندما أخذت الموصل، وسمت نفسها بعد ذلك بالدولة الإسلامية، ثم تحولت هجمات التنظيم على كوباني إلى نقطة تحول جديده في سير عمليته؛ إذ أصبح يدافع عن المناطق التي استحوذ عليها بسبب ضغط التحالف الدولي، واستمر الحال على ما هو عليه من سيطرة في سوريا والعراق وقدوم مقاتلين من جميع أنحاء العالم، لكن التصعيد الأخير وتغيير داعش لاستراتيجياته أعطى انطباع بتغير هيكلي لدى التنظيم.
هاجم داعش المتحف اليهودي في بلجيكا وغيرها الكثير بعمليات صغيرة، ثم انتقل بتصعيد خطير إلى انتهاج عمليات مخططة ومدبرة بشكل جيد مثل هجمات أنقرة وباريس وشرم الشيخ والضاحية الجنوبية في بيروت. تُظهر هذه العمليات في الشرق الأوسط وفي أوروبا بأن التنظيم بدأ ينقل أبعاد المعركة إلى الخارج مستهدفا تركيا في أنقرة وسوروج ودياربكر، ومنتقما من فرنسا في باريس، ومستهدفا لروسيا في شرم الشيخ.
يمكننا أن نفهم أبعاد الأساليب المُتبعة من قبل التنظيم ونضعها في قوالب واضحة، لكن سنعجز على قولبة أحوال الدول المُهاجمة، فالتنظيم وبكل بساطة يستخدم أسلوب الانتحاريين بطرق بسيطة من دون ترك أدلة استخباراتية، ويهدف من هذه العمليات بشكل أساسي إلى نشر الذعر والرعب وبعث رسالة واضحة مفادها أنكم أيها الغرب لن تعيشوا بأمان بعد اليوم، ووصلت هذه الرسالة واضحة إلى الفرنسيين في باريس، فبات الرعب يخيم في كل شارع وبيت.
يصعب قولبة أعداء التنظيم الإرهابي داعش في إطار واحد، فنرى مثلا بأن التنظيم يستهدف تركيا وفرنسا بشكل أساسي ويعتبرهما عدوه الأول مع أن الدولتين يدافعان عن القضية السورية ويُعتبران أكبر المدافعين والداعمين للمعارضة السورية، في المقابل فإن التنظيم يدّعي عداءه لحزب الله اللبناني وروسيا، لكنه في الحقيقة لا يعدهم أولويته القصوى رغم كونهما الحليف الأساسي للأسد. نرى كذلك روسيا وهي تدّعي عدائها لداعش وأنها تقصفه ليل نهار، لكن في الحقيقة هي تقصف أعداء داعش من المعارضة السورية! ونرى حزب الله اللبناني يعيش الظروف الروسية نفسها إذ لا يعتبر داعش عدوه الأول. ومنه فإن وضع تركيا وفرنسا وروسيا وحزب الله في إطار واحد يُعد خطا فادحة في فهم الحقائق والوقائع.
بعد كل ما رأيته وعاينته من تحركات داعش لا يمكن الحكم عليها بأنها عشوائية وفاقدة للهدف والخطة، وإنما يجب علينا فهم الصورة ومحاولة جمع قطعها، كما وأن الأفكار التي تحاول فهم داعش على أنها نتاج جبري عن صعوبات الواقع أو حتى كونها جزء من مؤامرة استخباراتية هي أفكار غير ناضجة وناقصة وغير مقبولة، مع أننا نحن نعلم بانه لا يوجد تنظيم إرهابي على وجه الكرة الأرضي ولم يُخترق من قبل المخابرات، وكذلك نعلم بأن المخابرات العالمية لها دور في وجود وتصرفات داعش بشكل أو بآخر. أما في هذه اللحظات فإننا سنعاين آثار الهجمات في تركيا والضاحية الجنوبية وباريس وشرم الشيخ في الرقة والمناطق السورية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس