ترك برس
صرح نائب رئيس الوزراء التركي، والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، نعمان كورتولموش، بأن بلاده تعد الأكثر ملائمة لإيصال النفط أو الغاز الطبيعي الروسي من خلال أراضيها إلى الأسواق الأوروبية، من حيث المسافة والنفقات، مشيرًا إلى أهمية الموقع الجغرافي، وإمكانيات تركيا الجيوسياسية.
وأضاف كورتولموش أن "تركيا تمتلك موقعا جغرافيا مهما في العالم، ومن يرغب في إيصال غازه الطبيعي إلى القارة والأسواق الأوروبية، التي تعد من أهم المستوردين، لابد عليه التعاون معنا"، مبينًا أنها "أتخذت خطوات بشأن الاستفادة من الطاقة البديلة، ومصادر الماء، والشمس، والرياح".
وأضحت تركيا من أهم الشركاء التجاريين لروسيا، لا سيما عقب انخفاض أسعار البترول، والعقوبات الاقتصادية المفروضة على الأخيرة من قِبل الدول الغربية، وتضاؤل تدفق رؤوس الأموال إليها، فيما بلغت قيمة الصادرات الروسية إلى تركيا، نحو 25 مليار دولار سنوياً.
وتلعب تركيا دورا متزايد الأهمية في نقل النفط، حيث تحتل موقعا استراتيجيا على الحدود بين الدول الغنية بالنفط في دول الاتحاد السوفياتي السابق والشرق الأوسط، ومراكز الطلب الأوروبي، بالإضافة إلى ذلك، فهي موطن للمضايق الأكثر ازدحاما في العالم والتي تدفق من خلالها 3 ملايين برميل بترول يوميا في عام 2013.
كما تلعب تركيا دورا استراتيجيا في نقل الغاز الطبيعي من خلال موقعها بين ثاني أكبر سوق للغاز الطبيعي في العالم، قارة أوروبا، و الدول التي لديها احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي في حوض بحر قزوين والشرق الأوسط.
وفي سياق متصل، أشار تقرير لمركز ستراتفور الأمريكي، إلى أن "المضايق هي أدوات قوية في يد تركيا بإمكانها أن تستخدمها ضد روسيا، ولكن أنقرة لا يمكنها بسهولة أن تغلق الأبواب مع روسيا، تركيا هي ثاني أكبر مشتر للغاز الطبيعي الروسي، وهي مستورد كبير للنفط والمعادن الروسية وأكبر مشتر للقمح الروسي وزيت دوار الشمس. الخلافات العالقة مع روسيا تجلب ألما اقتصاديا هائلا للأتراك. وينطبق ذلك تماما وبشكل أخص في مجال الطاقة، خلافا للنفط والفحم أو القمح، والتي يمكن أن تحصل عليها تركيا من موردين بديلين، فإن تركيا ليس لديها بديل سريع وموثوق به للغاز الطبيعي، وهو مصدر مهم للطاقة من أجل الصناعة وكذا للمنازل والأسر، تزود روسيا تركيا بحوالي 55% من احتياجاتها السنوية من الغاز (حوالي 27 مليار متر مكعب من إجمالي 50 مليار متر مكعب)".
وقال التقرير إن "تنقسم الكمية بين اثنين من خطوط الأنابيب التي يمكن أن تحمل كل منها 16 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. أول هذه الخطوط هو "بلو ستريم" الذي يمتد مباشرة من روسيا إلى تركيا عبر البحر الأسود، أما الثاني فهو "خط أنابيب الغرب" والذي يمر عبر تركيا، وهي ليست قريبة من إغلاق المضيق في وجه روسيا كما أن روسيا ليست على وشك قطع إمدادات الغاز عن تركيا".
من جهة أخرى، ذكر تقرير صدر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن الأهمية الاستراتيجية لموقع تركيا تزداد، من حيث نقل البترول والغاز القادم من روسيا، ودول الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، عبرها، وأن المعدل اليومي لكمية النفط الخام، الذي مّر خلال 2013، من مضيقي "الدردنيل والبوسفور" التركيتين بلغ 2.9 مليون برميل.
وأشار التقرير أن تركيا تستورد سنويًا بمعدل 10 مليار متر مكعب من الغاز الإيراني، عبر خط أنابيب "تبريز- أنقرة"، إلى جانب 6.6 مليار متر مكعب من أذربيجان عبر خط أنابيب "باكو - تفليس - أرضروم"، و"أن تركيا تستعد لأن تكون مركزًا رئيسيًا للغاز الطبيعي.
ولفت التقرير أن مضيقي تركيا (البوسفور في إسطنبول، والدردنيل في جناق قلعة)، يعتبران سادس أكبر ممر مائي في العالم لنقل النفط الخام، مبينا أن 5.1% من مجموع النفط الخام، الذي نقل عبر البحر خلال 2013، تمّ من خلال المضيقين التركيين.
وأضاف التقرير أن النفط الخام القادم من المناطق الشمالية للعراق، يسوّق عبر ميناء "جيهان" على البحر المتوسط في ولاية أضنة، للأسواق العالمية، مشيرا إلى أن 550 ألف برميل يسوق يومياً فيه خلال شهر اَيّار/مايو الماضي.
من جهة أخرى، قال الرئيس المنتخب للجمعية الدولية لاقتصاديات الطاقة، الأستاذ، غوركان كومبار أوغلو، في تصريحات لوكالة الأناضول التركية، إنه ينبغي أن تكون لتركيا كلمة مسموعة في مشاريع نقل الغاز لكي تكون مركزا للطاقة، مركدًا "ضرورة أن تلعب تركيا دورا أكثر فعالية بخصوص الطاقة في منطقتها، وعلى صعيد الدول المجاورة، والساحة الدولية، ويجب أن يكون لها حصة في مشاريع على غرار مشروع (السيل التركي) الذي يهدف لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا)، ومشروع (تاب) الذي يهدف لتزويد أوروبا بالغاز من أذربيجان)".
وأردف الخبير قائلا: "يجب أن تكون لتركيا كلمة مسموعة قبيل انطلاق المشاريع وبعيدها، وأثناء مرورها من البلقان"، منوها أن على أنقرة المبادرة لإطلاق مشاريع وتنفيذها عوضا عن انتظار التطورات للعب دور في المشاريع المطروحة.
الجدير بالذكر، أن تركيا تشهد خلال الفترة الأخيرة أزمة سياسية واقتصادية مع روسيا بسبب إسقاطها مقاتلة روسية من طراز "سوخوي-24"، في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لدى انتهاكها المجال الجوي التركي عند الحدود مع سوريا بولاية هطاي (جنوبا)، وقد وجّهت مقاتلات تركية، 10 تحذيرات للطائرة الروسية خلال 5 دقائق- بموجب قواعد الاشتباك المعتمدة دولياً- قبل أن تسقطها، فيما أكد حلف شمال الأطلسي (الناتو)، صحة المعلومات التي نشرتها تركيا حول حادثة انتهاك الطائرة لمجالها الجوي.
هذا واتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تركيا (عقب حادث إسقاط المقاتلة) بشراء النفط من تنظيم داعش ودعمه، وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال أثناء مشاركته في أعمال قمة الأمم المتحدة للمناخ بباريس، ردًا على مزاعم نظيره الروسي، إن "المصادر التي نشتري منها النفط والغاز الطبيعي معروفة لدى الجميع، وهي مصادر مشروعة ومعلنة، ولسنا عديمي الكرامة لنتعامل مع منظمات إرهابية (في إشارة لداعش)".
كما وقّع بوتين، مرسومًا، يتضمن سلسلة إجراءات اقتصادية ضد تركيا، تتضمن منع المؤسسات والمنشآت التركية من ممارسة نشاطات في روسيا، ووقف استيراد بعض السلع ذات المنشأ التركي مؤقتًا، أو منع استيرادها بالكامل، ومنع كافة الشركات العاملة في روسيا، من توظيف مواطنين أتراك، اعتبارًا من مطلع كانون ثاني/يناير 2016 المقبل".
ووقّع بوتين أيضًا قراراً، بتعليق السفر بدون تأشيرة بين روسيا وتركيا من طرف واحد، اعتبارًا من مطلع العام المقبل 2016، فضلًا عن منع الشركات السياحية من تنظيم رحلات إلى تركيا، ووقف رحلات الطائرات المستأجرة من قبل الشركات (شارتر)، بين البلدين، وتشديد الرقابة على شركات الشحن التركية الناشطة في روسيا، والناقلات البحرية التركية في البحر الأسود وبحر آزوف.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!