ترك برس
رأى خبراء اقتصاديون، أن "النظام والقوانين الجديدة في تركيا، تُشجّع على إنشاء المصارف الإسلامية، خاصة بعد أن أثبتت البنوك الإسلامية، أنها أقل البنوك تأثرًا وضررًا في العالم، بعد الأزمة المالية العالمية عام 2007، لأنها لا تعتمد على الفائدة (الربوية)، أو المنتجات المستقبلية".
وتواصل المصارف الإسلامية صعودها وتوسعها في تركيا، بشكل متسارع، منذ زيادة الدعم الحكومي لها، الذي بدأه حزب "العدالة والتنمية" فور توليه الحكم عام 2002، وسط طموحات بتحويل البلاد إلى مركز للتمويل الإسلامي في الشرق الأوسط، حيث بلغت أصول المصارف الاسلامية لدى هذا البلد، نحو 35 مليار دولار (3% من قيمة أصول المصارف الإسلامية في العالم).
وفي مايو/ أيار الماضي، دخل التمويل الإسلامي في تركيا طورًا جديدًا، بافتتاح الفرع الإسلامي من بنك الزراعة بمدينة إسطنبول، كأول فرع لبنك حكومي إسلامي في تاريخ البلاد، وتعد هذه الخطوة، الأولى نحو تحقيق هدف المسؤولين الأتراك، لتحويل إسطنبول إلى مركز مالي دولي لقطاع التمويل الإسلامي، لتدخل البلاد بذلك المرحلة العملية من تطبيق خطة توسيع دور القطاع الاقتصادي، واعتماده من قبل البنوك الكبرى المملوكة من قبل الحكومة.
وبحسب تقرير "التنافسية العالمية للقطاع المصرفي الإسلامي لعام 2016"، الصادر عن شركة الاستشارات الدولية "إرنست ويونغ"، مؤخرًا، فإن أصول المصارف الإسلامية تجاوز 920 مليار دولار، على الصعيد العالمي، خلال العام 2015، وأن قيمة الأصول المصرفية الإسلامية في تركيا وقطر وإندونيسيا والسعودية وماليزيا والإمارات، تتجاوز 801 مليار دولار أميركي، خلال العام الحالي.
وقال التقرير إن الدول الست المذكورة، تستحوذ على 80% من الأصول المصرفية الإسلامية في العالم، متوقعًا أن تبلغ الأصول المصرفية الإسلامية بها 1.6 تريليون دولار بحلول العام 2020، فيما سيبلغ إجمالي أرباح القطاع نحو 27.8 مليار دولار.
الرئيس التنفيذي لمركز "الريادة للاستشارات المالية والإدارية والتدريب "إبراهيم بن فهد الغفيلي" قال إن "النموذج الإسلامي للتمويل أصبح قُدوة للبنك الدولي، وصندوق النقد، بعد أن قدمت بنوك إسلامية نماذج حقيقية وملموسة، في كثير من بلدان العالم"، مضيفًا أن "التنمية المستدامة، من خلال التمويل الإسلامي، تعود فوائدها على المواطنين، بخلاف البنوك الربوية"، لافتًا أن "هناك توجه منذ زمن من البنوك الإسلامية في الخليج، لإنشاء فروع لها في تركيا لدرجة أنها أصبحت بنوك محلية في هذه البلاد".
وأشار الغفيلي إلى أن السياسات الناجحة في التمويل، هي التي تستخدم في تطوير وتمويل مشاريع البنية التحتية، وذلك من خلال منح الدولة الأرض للجمهور، بهدف الاستفادة منها، على أن يتم استرداد تلك الأرض بعد فترة زمنية معينة، موضحا أن الدولة بهذه الطريقة لا تخسر أية قيمة اقتصادية، في المشاريع المقدمة بهذا الشكل.
من جانبه، أكد الدكتور "وحيد الدين أرطاش"، رئيس هيئة سوق رأس المال، ضرورة قيام تركيا باستثمارات بقيمة 250 مليار دولار أمريكي في قطاع البنى التحتية، من أجل وصولها إلى أهدافها لعام 2023، مضيفًا "لا يمكننا تنفيذ هذه الاستثمارات بالموارد العامة فقط، إذ أن هناك حاجة لموارد مالية بدلية".
وتعمل في تركيا، خمسة مصارف خاصة، تعتمد على مبادئ الصيرفة الإسلامية، من أصل 50 بنكًا في البلاد، وهي بنك "الكويت تورك"، وبنك "البركة"، وبنك "آسيا"، وبنك "تركيا فاينانس"، وحديثًا بنك "التنمية الإسلامي"، ويصل عدد فروعها إلى نحو 961 فرعًا في البلاد.
وكان رئيس البنك الإسلامي للتنمية، أحمد محمد علي المدني، قال إن حجم الدعم الذي قدمه البنك لقطاع الاستثمارات في تركيا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، بلغ ثلاثة مليارات دولار، مضيفًا "نعتزم مضاعفة هذا الحجم خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، ليصل إلى ستة مليارات دولار"، مشيرًا إلى أن تأسيس علاقات مع المؤسسات في تركيا، موجود دائمًا على أجندتهم، لأن "تركيا تعد من أقوى أعضاء البنك الدولي"، مؤكدًا أن عقد تعاون وعلاقات أكبر مع مؤسساتها الخاصة والحكومية، يسعدهم دائمًا.
ولفت المدني إلى أن للبنك الإسلامي للتنمية، فروع فعّالة في كل من مدينتي أنقرة وإسطنبول، وأن علاقاته مع تركيا ستكون قوية أكثر خلال الأعوام المقبلة، وقال إن "إسطنبول تملك إمكانيات رائعة تخولها أن تكون مركز التمويل الإسلامي في العالم، وتزداد أهميتها، بموقعها وبشركة الخطوط الجوية التركية التي تشهد نموًا على مستوى العالم".
رئيس العلاقات الدولية والمنظمات المالية في البنك المركزي الإسباني، بابلو مورينو، قال "إن سوق التمويل الإسلامي تطور بشكل أسرع من القطاع المصرفي العادي، وأنه سجّل نموًا بنسبة 15٪ منذ عام 2008"، مشيرًا إلى أن إسبانيا تعتمد بشكل كبير على المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مجال النمو وخلق فرص العمل، مضيفًا "نعاني من صعوبات في تمويل هذه المنشآت، رغم الدعم الذي يقدمه لنا الاتحاد الأوروبي، وهناك فائدة في استخدام التمويل الإسلامي في هذا المجال".
من جانبه، أشار المدير التنفيذي لمنظمة التحالف العالمي المصرفي من أجل القيمة "ماركوس اغويغورن"، أن الخدمات المصرفية الإسلامية تقوم على القيم، وأنه لا معنى لأي نشاط إقتصادي، إن لم يكن يهدف لخدمة الناس والمجتمع.
وقال محمد دمق، رئيس فريق التمويل الإسلامي، لدى وكالة "ستاندرد آند بورز"، إن قطاع التمويل الإسلامي في تركيا لا يزال محدودًا، ولا يتناسب مع الإمكانات الاقتصادية، وحجم وقوة اقتصاد البلاد، الذي يعد من أكبر الاقتصادات الإسلامية على الإطلاق، مبينًا أن السبب يعود لقلة البنوك الإسلامية في السوق التركي، لافتًا إلى أنه برغم أن حجم أصول المصارف الإسلامية في تركيا تضاعف عشر مرات، خلال السنوات العشر الأخيرة، إلا أن حصتها من أصول النظام المصرفي التقليدي لا تزال ضئيلة، حيث تشكل حالياً حوالي 6%.
وأوضح دمق أن أصول قطاع التمويل الإسلامي في العالم، بلغت حوالي تريليوني دولار، وتستحوذ تركيا حالياً على 3% فقط من تلك الأصول، بينما تستحوذ دول مثل المملكة العربية السعودية وإيران وماليزيا والإمارات على معظم الأصول المالية الإسلامية في العالم، مشيرًا أن حجم إصدار السندات الإسلامية (الصكوك) في السوق التركي، تراجع بنسبة كبيرة، بلغت نحو 1.5 مليار دولار، منذ بداية العام الجاري، وحتى 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، مقارنة بنحو 2.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وأضاف رئيس فريق التمويل الإسلامي لدى ستاندرد آند بورز، أن تحول الحكومة التركية نحو التمويل الاسلامي، إضافةً إلى الخطوات التي تتخذها نحو مساعدة البنوك المحلية في الاستحواذ على حصة أكبر من هذا السوق الهام، سوف يساهم في زيادة حجم إصدارات الصكوك خلال الفترة المقبلة.
وبحسب تقرير لوكالة الأناضول التركية، فإن تركيا دخلت حقل المصارف غير الربوية عام 1984 مع افتتاح بنك البركة، ولاحقًا بنك فيصل عام 1985، تلاه البنك الكويتي التركي عام 1989، وفي عام 1996 انضم مصرف آسيا إلى العاملين في هذا القطاع، وشهد عام 2005 بروز مصرف تركيا للتمويل باندماج مصرفي "فاميلي" المتحول من بنك فيصل ومصرف "الأناضول" للتمويل الذي تأسس عام 1991، ويعمل كل من مصرفي "خلق" و"وقف" الحكوميين حاليًا على استكمال استعداداتهما لخوض غمار هذا السوق ليرتفع بذلك عدد المصارف غير الربوية في تركيا إلى سبعة.
الصكوك تلعب دورًا هامًا في تطور الصيرفة غير الربوية
باتت الصكوك من أهم أدوات نظم التمويل غير الربوي بسبب النمو الذي حققته في الآونة الأخيرة وباتت محط اهتمام الشركات متعددة الجنسيات التي تستفيد منها في التمويل طويل الأمد، وتتعامل بها مؤسسات مالية عالمية مثل بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي، وبنك طوكيو ميتسوبيشي يو إف جي القابضة، وبنك غولدمان ساكس الأمريكي.
ولم يقتصر تداول الصكوك على الدول النامية بل تعداها إلى الدول المتقدمة مثل بريطانيا التي أصدرت العام الماضي صكوكًا بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني لتكون الوحيدة التي تدخل هذا السوق من خارج دول منظمة التعاون الإسلامي كما لحق بنك غولدمان ساس بالركب العام الماضي بإصدار صكوك بقيمة 500 مليون دولار ليكون أول مصرف أمريكي يخوض التجربة.
أما في تركيا فقد بدأ البنك التركي الكويتي بإصدار الصكوك عام 2010 تبعته الخزانة التركية عام 2012 بإصدار صكوك بقيمة 1.5 مليار دولار لتصل قيمة الصكوك في السوق التركية عام 2014 إلى 8 مليارات دولار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!