ياسين أقطاي - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
مضت 5 سنوت منذ أن قام البائع الجوال محمد بوعزيزي بإضرام النار في نفسه إثر اعتداءات الشرطة عليه وظلمه، كما ومضت السنتان منذ محاولة الانقلاب الأخيرة هنا في تركيا، قبل 5 سنوات كان بوعزيز شعلة الثورات العربية التي بدأت في تونس، لتخلع زين العابدين الذي كان على كرسيه ل 23 سنه، ثم وصلت هذه الموجة مصر لتخلع مبارك الذي استمر على كرسيه أيضا 30 سنة. ومع استمرار موجة البحث عن الحرية والحقوق الديمقراطية كان لا بد ان يصل الدور سوريا السليبة للبعث منذ 1963 ولعائلة الأسد من 1970.
تحولت المظاهرات السلمية في سوريا إلى حرب أهلية بعد استمرار الأسد باستراتيجية الضغط والتخويف، ومن ثم تحولت من حرب في قطر إلى حرب تجمع كل الأيادي العالمية، فبات اليوم أي حديث عن بشار الأسد يمس بشكل مباشر كل من روسيا وإيران، وأي بقاء واستمرار للأسد يعني وجود روسي وإيراني في سوريا. وكنا قد تحدثنا عن جرائم ومجازر الروس في سوريا وبالذات في المناطق الشمالية المحاذية للحدود التركية في الأسابيع الماضية، لكن لم نتحدث عن الدولة الإسلامية ايرانية، ولهذا فإننا سنتناول إيران ببعض التفصيل.
بعثت الثورة الإسلامية الإيرانية برسائلها إلى كل المنطقة الإسلامية والعالم أجمع، فكانت رسائل الخميني تستهدف كل المسلمين من الشيعة وغيرهم وتحاول التقريب فيما بينهم رغم ضعف الجهود المبذولة في ذلك، وكان المسلمين من غير الشيعة ينظرون لهذه الثورة باهتمام بالغ. ولم تقصر الرسائل والتأثير على العالم الإسلامي بل كان هنالك استجابة خارجة من الغرب، ففي 1978 بعث ميشيل فوكواليت بتعاطفه إلى إيران الإسلامية، لكن ما لبث حتى بان أن كل هذه الدعاية ما هي إلا أحلام يقظة.
حاولت الثورة الإيرانية أن تُظهر للعالم بأنها مع المظلومين والمتهضين، وعملوا على ذلك في سياساتهم الخارجية التي كانت تعاني من تضييق بعد الحرب بين العراق وإيران. ثم تحولت إيران إلى النفس القومي الفارسي بغطاء شيعي بعد وفاة الخميني، وهكذا أصبحت إيران تتحرك في إطار الأجندات الشيعية في المنطقة، فكانت تحاول تسيير السياسيات الخارجية والداخلية في دول مثل العراق والبنان والسعودية واليمن، لكن أفعالها انقلبت لتنكشف أنها لا تخرج عن كونها لتمزيق وتفتيت العالم الإسلامي. وكانت لإيران أجنداتها المذهبية في الحرب السورية عندما شاركت وكانت أول دولة تشارك في الحرب، فأدت هذه المشاركة إلى توسيع الفجوة بين إيران والعالم الإسلامي وزرع بذور الفتنة الطافية.
وتدخلت إيران في سوريا في إطار تجاوز الخط الأحمر رغم الكم الهائل من الضحايا التي تلطخت بها يد بشار الأسد، وقال في هذا مستشار الخميني علي ابكار ولايتي إن إيران باتت تقف اليوم موقف غير أخلاقي ضد العالم الإسلامي. ثم كان بعد ذلك البرنامج النووي الإيراني ورفع الحظر الغربي عنها، ورغم كون تركيا أحد اهم المساهمين في دعم إيران في السابق بهذا الملف؛ إلا أن الأول أصر على معادة الثاني. وحاولت تركيا تذكير إيران وتحريك عواطفها؛ لكنها أبت بنفسيتها المسحوقة، وأصرت على معادة عمر رضي الله عنه؛ وأعلنت بانها دولة معادية لتركيا وسياساتها.
لم نرى تبعات الاتفاق الإيراني مع أوباما بعد، ولم نرى كيف سيكون الحصار الاقتصادي القادم إن حصل، وكيف ستتجاوزه إيران؟ فإيران باتت تبتعد كل يوم عن العالم الإسلامي بسياساتها التي تتبعها في سوريا واليمن والعراق، وخانت تصرفاتهم هذه أمانة وإرادة الخميني وداست عليها، وأكل اللاحقون ثورة السابقين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس