وداد بيلغين - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
يتحمل الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، المسؤولية الأكبر عن مأساة التاريخ المعاصر المتمثلة بالقضية السورية، لأنهم لو دعموا الجيش السوري الحر، الذي أُجبر على استخدام السلاح في وجه نظام الأسد، لكان الوضع مغايرا تماما، لأنهم لو قاموا بذلك لانهار نظام البعث، وجاء محله نظام ديمقراطي حُر، ولما اضطر الملايين من المدنيين السوريين للهجرة خارج سوريا، ولما انتشر السرطان المسيء للإسلام المتمثل بداعش في الأراضي السورية.
"لا يمكن تفسير الصمت الغربي، وتردده في مسألة بقاء الأسد من عدمه، لمجرد رغبتهم في ذلك، لأن عدم تأييدهم لجلب السلام في المنطقة، ودعم عناصر المعارضة، ومساندة الدول التي تسعى إلى تحقيق الأمن والسلام في سوريا، يشير بوضوح إلى أنّ المسألة أكبر من قضية نظام الأسد".
ماذا تريد الأطراف؟
الدول التي تسعى إلى أنْ تكون صاحبة كلمة ونفوذ في تحديد مستقبل الشرق الأوسط واضحة، منها إيران، التي تستخدم تقاربها مع الغرب من أجل الوقوف في وجه التحول الديمقراطي في المنطقة، وتدعم أنظمة دكتاتورية، لأن النظام السياسي فيها أصلا قائم على نظام مستبد، ويتصرفون في المنطقة بصورة طائفية، ويسعون إلى التوسع والتمدد فيها، ولذلك فإنّ إيران تمثل نموذجا رجعيا، يسعى إلى التمسك بدوره ووجوده ونفوذه في المنطقة خلال القرن الواحد والعشرين، من خلال نظام استبدادي غير ديمقراطي يحكم الدولة الإيرانية.
وماذا عن دور روسيا في مستقبل الشرق الأوسط؟ أعتقد أنّ روسيا سعت بكل ما أوتيت من قوة من أجل الإجابة عن هذا السؤال خلال تصرفاتها في الفترة القليلة الماضية، فلم يكن سعي روسيا إلى بسط نفوذها في المنطقة بالأمر المفاجئ، لكونها امبراطورية فقدت أراضيها وجغرافيتها الواسعة بصورة سريعة، حيث لم تستطع روسيا ولا الاتحاد السوفييتي لعب أي دور في رسم خطوط وحدود خارطة الشرق الأوسط إبّان الحرب العالمية الأولى، ولهذا فإنّ كل ما تقوم به الآن يأتي في سياق أنْ تقول لنا "نحن هنا"، لكن تصرف بوتين ورؤيته لنفسه بأنه يمثل إحدى قطبي العالم، هو مشكلة كبيرة.
شرق أوسط جديد وعالم جديد
لا يوجد في المنطقة أي دولة باستثناء تركيا، تملك نظاما ديمقراطيا حقيقيا، يتعاون مع دول الشرق الأوسط دون التدخل في شؤونها، من أجل قيادتهم إلى مستقبل مشرق، ولهذا يفشل الغرب حاليا في بناء "شرق أوسط جديد"، لأنه كان يعتقد بأنّ بإمكانه الاستمرار في سياسته الاستعمارية وبسط نفوذه، ولم يحسب أي حساب لإرادة شعوب المنطقة، ولهذا السبب ستفشل سياستهم التوسعية والاستعمارية.
إذا كنا نريد أنْ نبحث عن إجابة على سؤال "لماذا انتشر الإرهاب في العراق وفي وسوريا"، "ولماذا حصل هذا"، فإنه يتوجب علينا أنْ نبحث عن إجابات تتعلق بفقدان الغرب السيطرة على إيجاد حلول كانت تقوم بها في السابق بالتعاون مع عملائها ووكلائها في المنطقة، وهذه الأسئلة تذكرنا بأنه علينا بناء نظام عالمي جديد، وتشير إلى أنّ "قضية القضاء على النظام العالمي الحالي أصبح من أهم ضرورات المرحلة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس