ترك برس
تصدّر الاتفاق التركي السعودي على إنشاء "مجلس تعاون استراتيجي"، الحوارات في وسائل التواصل الاجتماعي بين النخب السياسية والإعلامية والفكرية التركية والعربية على حد سواء، في وقت تسعى فيه حكومتا البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
وأعرب بعض المحللين والخبراء السياسيين، عن تمنياتهم في "أن يكون المجلس عبارة عن غرفة عمليات لإطفاء الحرائق التي تدور حولنا"، لافتين إلى أن العالم الإسلامي متحمس لهذه الخطوة، وأن "تركيا والسعودية هما الوحيدتان المتفقتان على حل سياسي أو عسكري في سوريا لا يوجد فيه بشار أو إيران في سوريا".
ورأى آخرون، أن "أوجه التعاون بين السعودية وتركيا أكبر بكثير مما هو موجود الآن، نظرًا لما تتمتعان به من آفاق واسعة للتبادل التجاري لقوة البلدين في الساحة الاقتصادية الدولية، حيث يمكن للمملكة أن تمثل شريكاً اقتصادياً قوياً ومضموناً لتركيا في ظل التقارب بين البلدين، والعلاقات المتميزة التي تصاعدت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والرئيس أردوغان الذي يسعى لتعزيز علاقات بلاده مع المحيط الإقليمي والدولي".
وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قال خلال مؤتمر صحفي عقده، أمس الثلاثاء، مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، بالعاصمة السعودية الرياض، إن "الهدف من تأسيس المجلس، هو تعزيز العلاقات بين البلدين في كل المجالات، وخدمة للبلدين، والشعبين، وللأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما وأن المملكة وتركيا لديها علاقات تاريخية وقديمة، وهناك شركات تركية عديدة تعمل في المملكة، وتبادل اقتصادي، وتجارة، واستثمارات، وسياحة بين البلدين".
كما أشار الجبير إلى أن "الهدف من المجلس الذي تم التوجيه بإنشائه، هو تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين، وجعلها تتم عبر مؤسسات، لكي تكون هناك استمرارية، ويكون هناك تنسيق أقوى وأكثر"، مضيفًا أن "الهدف أيضًا هو تعزيز العلاقات لخدمة البلدين والشعبين، في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة والتحديات التي نواجهها سويا في سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، سواء فيما يتعلق بالإرهاب والتطرف، أو بتدخلات إيران السلبية والعدوانية في شئون المنطقة".
المفكر وأستاذ العلوم السياسية الكويتي الدكتور "عبد الله النفيسي"، قال في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي في موقع تويتر، إن "تأسيس (مجلس التعاون الاستراتيجي) بين بلاد الحرمين وتركيا خطوة طالما انتظرناها، مبروك لتعاون إستراتيجي شامل بين الطرفين ليته يشمل البقيه".
من جانبه، أفاد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السعودي مدير عام قناة العرب الاخبارية جمال خاشقجي، بأن مجلس التعاون بين تركيا والسعودية لا يشمل فقط التعاون العسكري بل الاقتصادي والاستراتيجي وحتى تصنيع السلاح"، لافتًا إلى أن “إنشاء المجلس الاستراتيجي بين البلدين يأتي بسبب أنهما أقوى دولتين في المنطقة وتتطابق الأفكار بينهم".
وأوضح الخاشقجي، أن تركيا والسعودية متفقتان على حل المسائل المشتركة وخصوصًا المشاكل في سوريا والتدخل الروسي هناك، وأنهما متفقتان تمامًا على الدعم السياسي لمؤتمر الرياض، مضيفًا: "نريد أن نراهن على المجلس الجديد بين تركيا والسعودية لأننا بحاجة ماسة إليه، هناك تفاهم كبير بين البلدين في المجالات المختلفة واتفاق حول العديد من المسائل حول سوريا والعراق".
بدوره أشار المحلل المالي والفني لسوق الأسهم السعودي وأسواق المال العالمية والإعلامي الإقتصادي، سعود البتال، إلى وجود 350 شركة استثمارية سعودية في تركيا، وقال "لذا المملكة السعودية تحتل مركز استثماري مهم في تركيا"، وأن البلدان يتمتعان بجغرافية تجعلهما يحتاجان لبعضهما للتعاون في المجالات المختلفة".
ونوّه نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، المسؤول عن الشؤون الخارجية ياسين أكتاي، إلى أن “تركيا والسعودية دولتان مهمّتان جدًا، ولهما مصالح مشتركة، واتفاقهما له تأثير في المنطقة”.
أما الأكاديمي التركي، الخبير في الشؤون السياسية، والمهتم بالشرق الأوسط جنكيز تومار، فقد لفت إلى أن "هناك تطابق بين سياسة الدولتين التركية والسعودية وتطابق بين طرق حل العديد من الأزمات في المنطقة، وأن "السعودية لها وزن كبير وثقل في التحكم بأسعار النفط والطاقة وروسيا ممكن أن تتضرر من هذا الأسعار".
وأشار الخبير التركي في الشؤون السياسية بورا بيرقدار، إلى أن المحور التركي السعودي يشكل جبهة قوية أمام المحور الإيراني الروسي، وأن الأخير سيعمل على إضعاف الأول من خلال تحريض المعارضة الداخلية في البلدين.
وكان العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، عقد في قصر اليمامة، بالرياض، أمس الثلاثاء، جلسة مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تناولا خلالها التطورات الإقليمية والدولية. وقالت وكالة الأنباء السعودية إنه جرى خلال جلسة المباحثات استعراض العلاقات الثنائية، وبحث آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، وسبل تطويرها وتعزيزها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تطورات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية.
وتعد هذه هي المباحثات الثانية بين الزعيمين خلال شهرين، بعد المباحثات التي جمعت بينهما الشهر الماضي، على هامش زيارة العاهل السعودي، إلى مدينة أنطاليا التركية، حيث شارك في قمة العشرين حينها.
وكان أردوغان قال في مؤتمر صحفي، بمطار أتاتورك الدولي بمدينة إسطنبول، قبيل مغادرته إلى المملكة العربية السعودية، إن الزيارة تشكل فرصة لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة إلى التطورات في المنطقة، وبين أنه سيتناول خلال الزيارة مع المسؤولين السعوديين مسائل متعلقة بالطاقة توليها تركيا أهمية خاصة، على غرار تنويع مصادر الطاقة، مشيراً إلى أنه سيبحث خلال اللقاءات أيضاً القضايا الحساسة في المنطقة على رأسها التطورات في سوريا والعراق واليمن وليبيا.
وتعد هذه الزيارة هي الثانية لأردوغان خلال 10 شهور بعد الزيارة التي قام بها للسعودية في مارس / آذار الماضي وأجرى خلالها مباحثات مع العاهل السعودي، والثالثة له للبلاد خلال هذا العام، بعد الزيارة التي قام بها في يناير/كانون ثانٍ الماضي لتقديم واجب العزاء في العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
يذكر أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا، مرت بمراحل تطور عديدة على مدى سنوات مضت (بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1929م) وشهدت توافقا في معظم قضايا المنطقة والعالم.
ومثل توقيع اتفاقيات عديدة، منها اتفاقية الصداقة والتعاون بينهما، أسساً متينة لقواعد هذه العلاقة، وتعزيزها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كافة.
واتسمت مواقف البلدين بالتنسيق والتشاور وتبادل الآراء فيما يخص خدمة مصالح الأمة الإسلامية، من خلال الزيارات المتبادلة، أو داخل الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.
وبذل البلدان جهودًا مكثفة لنصرة الشعب الفلسطيني، والوصول إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، كما أن لهما دورهما الفاعل في منظمة المؤتمر الإسلامي.
والتقت مواقف البلدين في مواجهة الإرهاب بصوره وأشكاله كافة، والذي سيكون واحداً من الملفات المهمة التي سيناقشها الرئيس التركي مع مستضيفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!