ترك برس
قال مركز "ستراتفور" للاستخبارات والأبحاث الدولية الأمريكية، إن تركيا ستكون أهم لاعب سيخطف الأنظار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا خلال عام 2016 الحالي.
وتوقّع المركز في تقرير له حول توقعات 2016، مزيدًا من الاستقرار لتركيا، وإمكانية تبوؤها "زعامة المنطقة"، وقيامها بتحركات أكبر نشاطًا في السياسة الخارجية خلال العام، مشيرًا إلى أن تركيا تواجه تحديات هامة، وستكون أكثر نشاطًا خلال 2016 خارج حدودها، في ظل حكومة قوية سياسيًا، تحت زعامة رئيس الجمهورية "رجب طيب أردوغان".
ولفت ستراتفور إلى أن "الحرب الأهلية السورية ستواصل تحديد أجندة المنطقة للعام المقبل، والمزيد من الدول ستنخرط في الحرب ضد تنظيم الدولة "داعش"، وتوقع أن "ترسل تركيا قوات عسكرية إلى شمالي سوريا، واتخاذ قرارات لمحاربة داعش في كل من العراق، وسوريا، وستعمل على تقييد أنشطة الأكراد شمالي سوريا، وطلب إقامة منطقة آمنة لللاجئين في المنطقة".
وأضاف التقرير، أن "تركيا ستشارك في الغارات الجوية شمال سوريا، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، والتعاون مع العرب والتركمان لمحاربة داعش"، وأن "الحكومة الإسرائيلية ستحاول إقامة علاقات مع مزيد من الدول في المنطقة من أجل الاستعداد (لأسوأ السيناريوهات)، في ظل تحول الحرب في سوريا إلى حالة أكثر تعقيدًا، وستعمل إسرائيل على التقرب من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا أيضًا، كما ستضطر تل أبيب إلى تطوير علاقاتها مع أنقرة، مع تعاظم دور تركيا في المنطقة".
وتابع التقرير قائلًا، "زيادة تأثير دور تركيا في المنطقة سيزيد من المنافسة مع إيران، وفي المقابل قد تلجأ طهران إلى استغلال ورقة الخلافات في إقليم شمال العراق".
وكان ستراتفور أعدّ في وقت سابق، تقريرًا بعنوان "حان الوقت بالنسبة لتركيا"، قيّم من خلاله التوتر التركي الروسي الذي بدأ على خلفية إسقاط تركيا مقاتلة روسية انتهكت مجالها الجوي نهاية الشهر الماضي، عند الحدود مع سوريا، وقال إنه "ينبغي على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن يعي الآن أن تركيا على استعداد للعمل، أكثر من أي وقت مضى، مع الولايات المتحدة ومنافسيها في أوروبا الشرقية والوسطى من أجل تحقيق التوازن في مقابل عدائية موسكو، مشيرًا إلى أنه "ربما تكون أنقرة قد تم تثبيطها لبعض الوقت، ولكن ليس هناك من ينكر ذلك الآن: يبدو أن الوقت قد حان بالنسبة لتركيا".
ووصف المركز أداء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأنه كان "دراميًّا بعض الشيء"، مضيفًا "فإن هناك حقيقة جيوسياسية صعبة وراء صدمته واستيائه تجاه تركيا"، وأن "روسيا تعرف أهمية الحفاظ على تركيا كصديق عندما تكون في مواجهة القوى الأكبر في الغرب، وذلك لأن تركيا تملك مفاتيح مضيقي البوسفور والدردنيل، وهما الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله أن تصل السفن الحربية والتجارية الروسية إلى البحر المتوسط من الموانئ الدافئة لروسيا على البحر الأسود، إضافة إلى أن جميع الحسابات الخاصة ببوتين والمتعلقة بالتعامل مع الولايات المتحدة تصطدم بحقيقة غير مريحة مفادها أن موسكو لا يمكنها أن ترتكن إلى حياد تركيا في واحدة من أكثر المناطق استراتيجية على الخريطة".
وأشار المركز، أن المنافسة الروسية التركية عادت من جديد، ليس لأن كلا الطرفين أو أحدهما قد أراد ذلك، ولكن لأن الجغرافيا السياسية قد أجبرت كل منهما عليه، وأن "بوتين وأردوغان هما ورثة لاثنتين من الإمبراطوريات التاريخية، واللتين خاضتا معا عدة حروب ما بين القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر، ومع الطفرة التي تشهدها البلدان، فقد وجدا نفسيهما رأسا برأس مرة أخرى"، مبينًا أن "أول علامة على ذلك، جاءت خلال شهر آب/ أغسطس من العام 2008، عندما غزت روسيا جورجيا، حيث نبه ذلك تركيا إلى أن موسكو جاهزة ولديها الإرادة لاستخدام قوتها العسكرية لإعادة تشكيل موانع أمنية في فلك الاتحاد السوفيتي السابق لمواجهة الزحف الغربي، في ذلك التوقيت، لم تكن روسيا سعيدة وهي ترى سماح تركيا للسفن الحربية الأمريكية بالمرور عبر البحر الأسود من أجل إيصال المساعدات إلى الموانئ الجورجية، عبرت موسكو عن استيائها عبر إيقاف الآلاف من الشاحنات التركية على الحدود الروسية، ولكن كلا الجانبين قد تزحزح قليلا من أجل تجنب حدوث صدع أكبر".
ولفت إلى أن سياسة (صفر مشاكل مع الجيران) التي اتبعتها أنقرة، "كانت سياسة متوقعة من بلد لا يزال يصحو من سبات جيوسياسي طويل وليس في مزاج مناسب لخلق تقلبات في المنطقة، ولكن كل الدلائل كانت واضحة هناك: كانت هناك التحركات العدوانية الروسية في الخارج، وكان الاتحاد الأوروبي يظهر بوادر الانهيار، كما كانت الحرب الأهلية الروسية قد بدأت للتو".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!