ترك برس
وعد حزب العدالة والتنمية خلال حملته الانتخابية الأخيرة أنه سيسعى جاهدًا لتغيير الدستور العسكري الذي ما زال يحكم تركيا منذ عام 1982 وحتى الآن، وكان وعد حزب العدالة والتنمية الخاص بتغيير الدستور أحد الوعود الرئيسية التي وعد بها الشعب التركي الذي سئم من قواعد الدستور العسكري التي تحد من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للكثير من فئات وأطياف المجتمع التركي.
هذا وكان قد بين رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو"، في أكثر من لقاء تلفزيوني وتصريح صحفي، أنه يتمنى أن يتم التوافق بين أحد أحزاب المعارضة بأسرع وقت ممكن، لكي يتم طرح الدستور للتغيير على البرلمان ومن ثم الاستفتاء الشعبي، ليتم تخليص الشعب التركي من آخر الأثار التي تعود إلى انقلاب 1982 "الدموي".
وتم إعداد الدستور الساري في تركيا الآن، من قبل الجيش التركي الذي انقلب على الحكومة التركية بتاريخ 12 أيلول/ سبتمبر 1980، بتاريخ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 1982، وبعد عرضه على الاستفتاء الشعبي، حصل على نسبة قبول تقدر بـ91,37%، ويُشكك العديد من المواطنين الأتراك في هذه النسبة التي تم الحصول عليها، كما ادعت قيادات الجيش التركي في تلك الفترة، نتيجة للاستفتاء الشعبي، ويرى بعض المواطنين الأتراك أن الجيش تلاعب بشكل واضح بتلك النسبة، إذ لا يُعقل أن يحصل الدستور الذي أعده الانقلابيون الذين أذاقوا الشعب التركي الآمرين بعد انقلابهم، على هذه النسبة الخيالية.
وتنص المادة 175 من الدستور التركي على أن البرلمان التركي يستطيع تغيير الدستور من خلال 367 صوت، فإذا وافق 367 نائب على تغيير الدستور يُعرض الدستور الجديد على رئيس الجمهورية، وفي حين وافق الأخير يُعرض الدستور الجديد على الشعب للاستفتاء.
حصل حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة على 317 مقعد برلماني، وإذ تم استثناء رئيس البرلمان التابع لحزب العدالة والتنمية فإن عدد الأصوات البرلمانية لحزب العدالة والتنمية تُصبح 316، وبمقارنة الأصوات اللازمة لتغيير الدستور مع الأصوات الخاصة بحزب العدالة والتنمية، يتبين أن حزب العدالة والتنمية بحاجة إلى التوافق مع أحد الأحزاب البرلمانية الأخرى للحصول على عدد المقاعد الذي سيمكنه من تغيير الدستور.
وفي إطار سعيه لإرساء التوافق بين حزب العدالة والتنمية والأحزاب البرلمانية السياسية الأخرى، التقى زعيم حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء "أحمد داود أوغلو" بزعيم حزب الشعب الجمهوري "كمال كيليجدار أوغلو" بالأمس 30 كانون الأول/ ديسمبر 2015، على هامش الجلسات التشاورية الجارية في مجلس الشعب التركي.
وفي تصريحاته الصحفية التي تبعت لقاء الطرفين، أكد الناطق الرسمي باسم حزب الشعب الجمهوي "خلوق كوج" أن المحادثات بين الطرفين كانت إيجابية ومُجدية، مبينًا أن حزب الشعب الجمهوري نقل إلى زعيم حزب العدالة والتنمية "أحمد داود أوغلو" استعداده التام للمساعدة في إعداد دستور مدني ديمقراطي يكفل التوافق السياسي بين الأحزاب السياسية ويضمن الحقوق المدنية لكافة فئات وأطياف الشعب التركي دون أي استثناء.
ومن جانبه، يرى المحلل والصحفي السياسي التركي "محرم صاري كايا " أن اللقاء الذي تم بين الطرفين كان إيجابيًا جدًا، وأبدى الطرفان استعدادهما التام للتشاور وتبادل الأفكار ليس فقط في قضية تغيير الدستور، بل في كافة القضايا الأساسية الأخرى التي تحتاج إلى توافق الطرفين".
ويشير صاري كايا، في مقاله التقييمي "التغير الديمقراطي"، إلى أن "ما يظهر حسن النية للتوافق بين الطرفين، هو تأكيدهما على أن الدستور الحالي هو إرث انقلابي عسكري لا يتناغم مع قواعد وقوانين الحكم المدني الذي تهدف جميع الدول الديمقراطية حول العالم الوصول إليه".
ويكشف صاري كايا أن "الاجتماع استمر لمدة ساعتين، وبعد انتهاء الاجتماع اتفق الطرفان على اللقاء مرة أخرى الشهر القادم، ولكن دون تحديد وقت معين للقاء".
هذا ويُذكر أن داود أوغلو قد صرح بأن حزب العدالة والتنمية عازم على تغيير الدستور من خلال التوافق مع جميع الأحزاب البرلمانية دون أي استثناء.
هذا وذكرت وسائل الإعلام التركية أن رئيس الوزراء "أحمد داود أوغلو" كان سيتلقي بقيادة حزب الشعوب الديمقراطي الأسبوع الماضي، للتشاور في قضية تغيير الدستور وغيرها من القضايا الأساسية الأخرى، ولكن تم إلغاء اللقاء من قبل حزب العدالة والتنمية اعتراضًا على التصريحات التي ألقى بها بعض أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي ضد شخص رئيس الوزراء.
ويُتوقع بأن يتلقي زعيم حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو مع زعيم حزب الحركة القومية "دولت باهجلي" الأسبوع القادم، للتشاور في قضية تغيير الدستور وتبادل الآراء مع حزب الحركة القومية فيما يتعلق بذلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!