أ. د. داود عبد الملك الحدابي - خاص ترك برس

سأبدأ حديثي عن بعض القضايا ذات الأهمية الكبيرة في تشكيل سلوكنا وقراراتنا السلبية والإيجابية والتي عشناها في العام الماضي، إن القرارات والأنماط السلوكية  التي  تمت كانت نتيجة لإعمال العقل والقلب معًا بشكل متكامل أي بتفكير ومشاعر، سواء كان التفكير إيجابي أو سلبي، وسواء كانت المشاعر المصاحبة مشاعر حب أو كره.

ومن الأخطاء الشائعة لدى العديد من الناس أن القرارات أو السلوك يكون نتيجة إما للعقل أو المشاعر كل على حده وهذا أمر غير واقعي بالمطلق.

أما موضوع الحب والكره المصاحب لعملية التفكير والمتكامل معها ينبني في ضوء منظومة قيمية وأخلاقية تحدد ما هو المقبول والمرفوض والصح والخطأ أي أنه يحدد الإطار العام و الموجه لعملية التفكير ومن ثم تكون النتائج المتمثلة بالقرارات والأفعال التي نمارسها مع الآخرين.

إن التفكير العقلي لوحده لا يؤدي إلى فعل وممارسة، إلا إذا غُذي بالمحبة أو الكره في ضوء منظومة القيم والأخلاق لأنها تحفز الفرد وتدفعه لجلب المنافع ودفع المضار عن المجتمع.

وبما أننا قد بدأنا العام الجديد فمن الضرورة بمكان أن يعيد الفرد بغض النظر عن موقعه الوظيفي أو الاجتماعي بتفكيره ومشاعره وقراراته وسلوكه في العام الماضي.

نظرة إلى ما مضى ليستعين بذلك في توجيه عملية التفكير والمشاعر في ضوء القيم والأخلاق الايجابية والكريمة التي ترعرع عليها في مسيرة حياته والتي ساهمت في صياغتها المؤسسات المختلفة في حياته في ضوء ثقافة مجتمعه.

وهذا يتطلب من الفرد مسبقاً شجاعة وثقة بالذات ونظرة إيجابية وتفاؤل نحو المستقبل والقدرة على تغيير ذاته في ضوء عملية التقييم ليكتشف الفجوات في ذاته ويعمل على تصحيحها ليسهم أكثر وبفاعلية في جلب وتحقيق المنافع للآخرين وتجنب المضار بصورة أفضل من العام الماضي وسيسهم في تنمية ذاته بصورة أكثر فاعلية مجتمعية.

ويمكن أن تستعين بالخطوات التالية للقيام بالحديث مع الذات:

1. استحضر قناعات وأحداث ومواقف العام الماضي وفكر بقناعاتك ومشاعرك واتجاهاتك وقراراتك وسلوكك نحو الآخرين.

2. فكر وتأمل مليًا وصارح نفسك واسألها إلى أي مدى كان ذلك التفكير ومشاعر الحب والكره والقرارات والقناعات المتصلة بالأحداث والمواقف سليمة محققة منافع أو جنبت مصار للآخرين.

3. اسأل نفسك " إلى أي مدى كانت القيم والأخلاق والنوايا التي سبقت أفعالك العام الماضي سليمة في ضوء ثقافة وحضارة مجتمعك.

4. اسأل نفسك وتحدث مع ذاتك عن المنافع  التي جلبتها للمجتمع والآخرين من حولك والمضار التي جنبتهم منها.

5. إذا كنت صادقاً وأمينًا فيما سبق ستصل إلى تحديد الفجوات في ذاتك، بغض النظر عن موقعك المهني والاجتماعي...الخ.

إن واقعنا المرير اليوم في عالمنا العربي سواء على مستوى المؤسسات أو المنظمات أو المجتمعات يمكن تفسيره أن القرارات والسلوك الذي أهلكت الحرث والنسل وأوجدت الانفصام النكد بين الافكار والأفعال لدى المسؤولين والقيادات في جميع مؤسسات وقطاعات المجتمع قد أدت إلى  ما نرى من تخلف وفقر ومرض وقتل وفساد بأنواعه...فخسرت المجتمعات بخسارتنا لأسلوب التفكير لأننا لا نمتلك الشجاعة والثقة بمراجعة ما نقوم به على مستوى العقول والقلوب (الأنفس).

فهل أدركنا أهمية الحديث مع الذات والتفكير الصريح مع أنفسنا واستلهمنا الدروس للعام الجديد؟

البداية أنا وأنت قبل هم وهؤلاء.

البداية الوعي والقناعة والإعتراف وعشق التغيير المفضي إلى جلب منافع ودفع مضار على  مؤسساتنا ومجتمعاتنا.

عن الكاتب

أ. د. داود عبد الملك الحدابي

أستاذ بقسم مناهج وطرائق تدريس العلوم، بكلية التربية، جامعة صنعاء


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس