جلال سلمي - خاص ترك برس

أعلنت القيادة التركية، عقب تفجير أنقرة الذي حدث في السابع عشر من الشهر الجاري، وعلى لسان أكثر من مسؤول رفيع، أن صبرها على ازدواجية المعايير التي تتعامل بها بعض الدول، قد نفد، مشددةً على ضرورة إبداء هذه الدول مواقف صريحة لاستيضاح بعض الأمور، وبالتالي مساعدة تركيا في وضع محددات للتعاطي مع تلك المواقف.

وأفادت مصادر مطلعة أن الحكومة التركية استدعت سفراء 7 دول، وقدمت لهم رسائل دبلوماسية، مبينةً أن الإطار العام للرسالة كان متعلقًا بالعلاقة الهرمية بين حزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني، وسبل التعاون التي تمت بين الطرفين لتنفيذ انفجار أنقرة.

ونقل الخبير السياسي المقرب من حزب العدالة والتنمية "عبد الله سلفي"، عن مصادر في المكتب الإعلامي التابع لرئاسة الوزراء أن الرسالة التي قُدمت لسفراء الدول المدعوة، كُتبت باللغة الإنجليزية وتكونت من 49 صفحة، وكان على رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي ألحّت مؤخرًا على وصف حزب الاتحاد الديمقراطي بـ"الثوري" والأجدر بالثقة للقضاء على داعش والحد من تحركها في سورية.

وأشار سلفي، في مقاله بعنوان "ما الذي احتوته رسالة الحكومة التركية؟"، المنشور في صحيفة "يني شفق"، 23 شباط/ فبراير 2016، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية صرحت بأنها تعترف بأن حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية ولكنها لا ترى حزب الاتحاد الديمقراطي كذلك، مبينًا أنه في ضوء هذا الادعاء الأمريكي، عملت الحكومة التركية على تجهيز تقرير مفصل لتسليمه لبعض سفراء الدول الكُبرى وعبرهم إلى قيادات هذه الدول.

وألمح سلفي إلى أن فحوى الرسالة كانت شاملة لكافة التفاصيل الخاصة بحزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني، موضحًا أن النقاط أدناه هي النقاط الأساسية التي شملتها الرسالة:

ـ قرارات قضائية واستخباراتية خاصة بـ109 عناصر من حزب العمال الكردستاني انضموا مؤخرًا إلى حزب الاتحاد الديمقراطي كمدربين وإداريين.

ـ الأهداف والأسس التأسيسية التي توحي بالتناغم العضوي للحزبين، لا سيما الهدف الاستراتيجي لكليهما، والذي يؤكد على ضرورة تأسيس دولة كردية مقتطعة من الأراضي السورية والعراقية والتركية والإيرانية.

ـ كشف بأسماء المواطنين الإيرانيين ذوي الأصول الكردية الذين التحقوا بحزب الاتحاد الديمقراطي في الآونة الأخيرة.

ـ قائمة بأعمال التطهير العرقي التي مارسها حزب الاتحاد الديمقراطي ضد المواطنين العرب والتركمان، مزودة بشهادة عدد من تقارير المنظمات الإرهابية المنوطة بذلك الخصوص.

ـ تقارير استخباراتية، مُزودة بالقرائن، عن وجود تحرك عسكري لحزب العمال الكردستاني لافتتاح مخيم تدريبي جديد، على غرار مخيم قنديل في العراق، في المناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني.

وتعقيبًا على هذه النقاط، أكد سلفي أن سفراء هذه الدول وقيادتها تعي تمام الوعي حجم العلاقة والتعاون القويين بين حزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني، ولكن هذه العلاقة تصب في مصالحهم، ولذلك يدعمونها، ولا يرغبون إطلاقًا في فهم هذه العلاقة.

وفي ضوء جهود تركيا المضنية لإثبات أن حزب الاتحاد الديمقراطي تنظيم إرهابي يمارس الأعمال الإرهابية في شمال سورية، أوضح الخبير الاستراتيجي "محمود أوفور"، في مقاله "لماذا تدعم الولايات المتحدة الأمريكية حزب الاتحاد الديموقراطي؟"، الذي نُشر في موقع "خبر 7" الإخباري، 19 فبراير 2016، أن محاولات تركيا في إقناع الولايات المتحدة بالتوقف عن دعمها لحزب الاتحاد الديمقراطي ستبوء بالفشل، ليس لأن تركيا على خطأ وحزب الاتحاد الديمقراطي على صواب، بل لأن حزب الاتحاد الديمقراطي هو الحزب الوحيد الذي يخدم المصالح الأمريكية القاضية بتجزئة سورية وتشتيت القوى الموجودة بها.

وتابع أوفور مبينًا أن اقتناع أمريكا بالخطط التركية الحريصة على وحدة الأراضي السورية والأخذ بيد الثورة السورية، يُعد خيالًا لا يمكن أن يتحقق إطلاقًا، ومضيفًا أن على تركيا تحديد سياسة فاصلة تجاه سورية، بمعني هل تريد بالفعل مساندة الثورة السورية حتى تحقيق النصر على النظام السوري، أم تريد انتهاء الثورة السورية بأقل خسارة ممكنة؟ مع العلم، أن انتهاء الثورة السورية على حالها يعني خسارة استراتيجية كبيرة لتركيا.

وفي إطار رده على التساؤل الذي يطرحه، ألمح أوفور إلى أنه إذا كانت تركيا بالفعل تريد مساندة الثورة السورية، فيجب عليها إبداء تحركات عسكرية جادة وعلى كافة الجبهات، وهذا ما يمكن أن يحسم المعركة في سورية، وليس المفاوضات والتنديدات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع.