هشام سراي - خاص ترك برس
ظهر في الأشهر التي تلت انقلاب 30 حزيران/ يونيو مصطلح جديد مستحدث في الإعلام المصري وهو مصطلح "الأيادي المرتعشة"، هذه العبارة التي استعملها الإعلاميون المصريون في تلك الأيام كانت تهدف بالأساس إلى دعم الحكومات المتعاقبة على حسم معاركهم المحمومة مع جماعة الإخوان المسلمين وجزء معتبر من الشعب المصري يوم ذاك، طيب دعونا نستعير هذه العبارة ونحفز بها حلفاء الشعب السوري الذين صدعوا الأذان لحد الآن وملؤوا الصحف والأوراق بالعبارات القوية وفي النهاية نجد أنفسنا أمام أيادٍ مرتعشةٍ وقرارات بطيئة وتصريحات متناقضة في كل يوم والحال هو الحال، شعب يهجر ويقتل ووطن يقتلع من جذوره، حتى المليشيات التي تستهدفها أنقرة بالقصف أصبح توسعها وانتشارها على الأرض منذ بدء القصف أسرع وكأن المسؤولين في أنقرة لا يعرفون أن إيقاف التوغل على الأرض لا يكون إلا بتوغل مماثل، وفي ذات الوقت تجد أن تصريحات رئيس الوزراء داود أوغلو مزلزلة وأقوى مما هو موجود على الأرض، في اللحظة التي صرح فيها داود أوغلو بأن تركيا لن تسمح للمنظمات الكردية بالسيطرة على أعزاز، كانت قوات سوريا الديمقراطية قد تقدمت بشكل كبير في مدينة حلب وحاصرت وحدات الشعب الكردية مدينة أعزاز، صحيح أن تركيا سمحت لمئات المقاتلين بدعم الفصائل المدافعة عن مدينة أعزاز ولكن الأمر ليس كافيا والتدخل البري التركي لتأمين الشمال السوري أصبح ضرورة مؤكدة وهدفا أساسيا، إلا إذا كانت أنقرة تنتظر الموافقة من واشنطن لحماية أمنها القومي.
التفجير الانتحاري الذي استهدف أنقرة والذي أودى بحياة 28 مواطنا تركيا وعشرات الجرحى لم يستغل بالشكل المطلوب لتبرير تدخل تركي ولو جزئي في الشمال السوري وإحداث التوازن العسكري بعد التقدم الحاصل من طرف المحور الروسي الإيراني، الوقوف دائما وراء عباءة الحلف الأطلسي وانتظار الدعم الغربي لن يحمي تركيا ولن يضمن سلامة حدودها بل على العكس من ذلك فهذه القوى هي جزء أصيل من المؤامرة التي تحاك على تركيا و المملكة العربية السعودية على حد سواء.
ولهذا فإن الأيادي المرتعشة وأسلوب التقدم بخطوة والتراجع بخطوتين هو أسلوب يخدم الأعداء، في الضفة الأخرى ستجد أن حلفاء الأسد أكثر حسما يحاولون رأب الصدع وتجاوز الخلافات ويعملون تحت غطاء مشترك وإن تعددت أهدافهم فالمشروع واحد، الهدنة التي أعلنها كيري وبموافقة سيرجي لافروف هي في الحقيقة محاولة جديدة لكسب الوقت وضرب المعارضة المسلحة بعضها البعض من خلال استثناء جبهة النصرة من الهدنة واعتبارها تنظيما إرهابيا لا يختلف عن تنظيم الدولة الإسلامية وأضيف إلى البند الجماعات الإرهابية المساندة له، وهنا نتساءل عن الجماعات الإرهابية، هل المقصود منها أحرار الشام والجبهة الشامية وربما كل الفصائل الإسلامية؟ وبالتالي وكأننا نتكلم على هدنة من طرف واحد، لم يفهم الذين هم في الخط المقابل للنظام السوري من معارضين شرفاء سواء سياسيين أو فصائل مسلحة أنه لا يمكن حسم هذه الملحمة بالسبل السياسية إذا أرادوا إنصاف شعبهم والخروج منتصرين، فالمحور الذي يحاربونه تاريخيا ليس له دروس وعبر في حل الأزمات والحروب بالطرق السلمية سواء روسيا أو إيران وهنا يجب أن نتكلم عن الحليف الذي يجب أن يسندك ويدعمك سياسيا وعسكريا دون تردد، تركيا والمملكة العربية السعودية مدعوتان إلى تفعيل الحزم والحسم في سوريا والابتعاد عن الحسابات الكثيرة والدخول في هذه المعركة بما يحفظ لهما أمنهما القومي وبما يعيد للشعب السوري حقه، الحقيقة الماثلة أمامنا اليوم أنه في اللحظة التي يقدم فيها عادل الجبير أو داود أوغلو تصريحات وانتصارات حوارية على الصحفيين يقابلها في الطرف الآخر تحركات ميدانية وسيطرة على مساحات أكبر من الأرض حكمنا الأولي أن حلفاء الأسد من ذهب وحلفاء الشعب السوري من حطب إلى أن يحدث العكس.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس