هشام سراي - خاص ترك برس
إذًا أصبح الأمر قاب قوسين أو أدنى كما ذكر العميد أحمد حسن العسيري وأن التدخل العسكري بريا في سوريا أمر لا مفر منه وقرار لا رجعة فيه. هذا القرار لم يكن مفاجئا خاصة وأن تشكيل التحالف الإسلامي الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2015 كان مقدمة لتحرك يليه، رأسا الحربا في التحالف تركيا والسعودية باتت قناعتهم متجذرة أن لا حل للأزمة السورية بالحلول السياسية التي تقترحها القوى الغربية وروسيا والتي كانت آخر محطاتها جنيف 3.
العميد عسيري قال إن قرار التدخل لا رجعة فيه ولكن تبقى التفاصيل والأدوار تحدد في الفترة القادمة، بالتزامن مع هذا القرار صعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من اتهاماته التي وجهها إلى إيران وروسيا والولايات المتحدة كونهما السبب الرئيسي لما يحدث من دمار وشلالات الدماء وعاد الرئيس للطرح الفكرة التي يعتبرها حتمية لا بد منها وهي فكرة المناطق الأمنة وهو الأمر الذي يتناغم مع ما أعلنت عنه السعودية من قرار التدخل البري، السعوديون يكررون في كل مرة أن التدخل البري هو من أجل القضاء على داعش ومساعدة قوات التحالف وهي ربما الرسالة التي تريد الرياض طمئنت روسيا من خلالها.
والسؤال الذي يطرح هل التدخل الإسلامي في سوريا هو لاجتثاث الإرهاب بنوعيه الرسمي والمتطرف؟ أم أن الأمر يتعلق فقط بالقضاء على داعش؟ زيارة ملك البحرين إلى روسيا لم تكن زيارة عادية ولم تكن تعبر عن صورة ناصعة بين الرئيسين والبلدين وهما يتابدلان الهدايا بقدر ما كانت رسائل اطمئنان بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي وكأن بالملك حمد بن عيسى آل خليفة وهو يهدي بوتين سيفا دمشقيا كأني به يقول له: هذا سيف إضافي أكمل مجزرتك صحتين وعافيه على قلبك، ملك البحرين لم يزر موسكو إلا بإيعاز من الرياض ولهذا فإن الحملة الإعلامية التي شنتها روسيا على السعودية في الساعات الأولى لإعلان التدخل تراجعت شدتها وأكثر من ذلك ظهرت تقارير في قناة روسيا اليوم مبررة ومتفهمة لهذا التدخل.
إذا يمكننا القول إن الأمر لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالشعب السوري ونصرته وتخليصه من الاحتلال الروسي والإيراني وكل الأمر له علاقة بالقضاء على داعش، طيب حتى ولو سلمنا بأن داعش خطر داهم يتهدد كل الإنسانية، لماذا تتصدر المملكة مهمة القضاء عليها ولماذا ترسل أبنائها إلى هذا الجحيم، لا شك أن انخراط السعودية في التحالف الذي أنشأته الولايات المتحدة كان خطأ استراتيجيا كون التنظيم لم يكن يستهدف السعودية ولا مصالحها على المدى القريب بل كانت حربه ضروسا مع إيران وميليشياتها وهو الأمر الذي لم تستغله الدول الخليجية المشاركة في عمليات القصف الجوي، ولا بد أن تركيا تعي مدى خطورة الانزلاق في مثل هذه التحالفات خاصة أن داعش تستطيع اختراق الحدود عبر المنتمين إليها والقيام بتفجيرات مدوية مثلما حدث في السعودية واليمن، لماذا يغامر السعوديون في قتال داعش والتمكين لروسيا وإيران في سوريا من خلال القضاء على ألد أعدائهم، هل على تركيا والسعودي إصلاح ما أفسده الأمريكيون والروس، لماذا يجب أن نصدق المسؤولين الأمريكيين ونخدع في كل مرة كما حدث في العراق وأفغانستان واليوم في سوريا.
كان الأولى بالتحالف الإسلامي تزويد المعارضين السوريين بمضادات طائرات وأسلحة ثقيلة ومستشارين عسكريين لتنظيم الصفوف ووضع الاستراتيجية اللازمة وتدريب النواة الأولى لجيش نظامي سوري وهي الطريق التي يجيدها الإيرانيون أي الحرب بالوكالة وحققت نتائج مبهرة ولكنها تحتاج إلى الصبر في الميدان وحراك سياسي قوي يرافقها، تجارب الأمريكيين وتدخلهم في أفغانستان والعراق لم تحقق غير الفشل الذريع وحتى التدخل العربي في اليمن اليوم لا يحقق الشيء الكثير فلماذا استنساخ التجربة في سوريا، وحتى في حالة النجاح الإفتراضي في القضاء على داعش فهل هذا يعني عودة السوريين إلى بيوتهم؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس