طه أوزهان – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
"تلوح في هذه الأيام فرصة العمر للشعب الكردي حتى يصعد ويعتمر عجلة فيريس، لكن حزب العدالة التنمية يرفض ذلك ويبذل كل جهوده من أجل إفشال الأمر" (عجلة فيريس هي العجلة الهوائية في مدينة الملاهي)، بهذه الكلمات عبر رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش عن قراءته ورؤية حزبه للعراك السياسي القائم. والغريب هنا أن دميرطاش لم يُخطئ في طرحه عندما أكد على وجود عجلة فيريس وتكلم عن جهود حزب العدالة والتنمية في منع الأكراد من صعودها، فمشروع حزب العدالة والتنمية يهدف إلى منع الأكراد وغيرهم كائنا من كان من صعود العجلة.
لو تحدثنا عن عجلة فيريس لوجدنا أن أهم خاصية فيها هو دورانها حول نفسها بشكل مستمر وعودتها إلى نفس المكان في نهاية الأمر، فالأطفال والبالغون يصعدون العجلة ليمرحوا ثم يعودوا وينزلوا من نفس المكان الذي صعدوا منه، ليُطرح السؤال هنا: هل قصد دميرطاش هذه المعاني في مثاله؟ وهل استمرار حرب الخنادق من كوباني إلى أيدولوجيا جبال قنديل يأتي في إطار إعادة الكرّة مرة أخرى من أجل سايكس بيكو جديد؟ وهل تصب جهود حزب العمال الكردستاني في مساعي إرجاعنا إلى النقطة القديمة الجديدة؟ رغم مرور العقود على تحطيم الإمبراطورية العثمانية وما عشناه من آلام إلا أنهم ما فتئوا يعملون جاهدين من أجل إعادتنا إلى نقطة البداية بمشروع تفتيت جديد يفتك بنا ويزيدنا آلاما وأوجاعا.
محور الحديث هنا هو حقيقة المخاوف والآمال المعقودة على اتفاقية سايكس بيكو وما يدور حولها من نقاش ونزاع، فالمتخوفون يرون في الاتفاقية "الهادم والممزق" لأركان المنطقة، ويصل الحال في بعضهم إلى شيطنة الأكراد. أما المتأملون والعاقدون أحلامهم على الاتفاقية فإنهم يقرؤونها بأحلام الأيام الجميلة في العصور الغابرة زمن البابليين، ليربطوا الماضي بالحاضر في صورة رومنسية لا منطقية، ثم يدّعون بأن الأكراد هم أكثر المستفيدين من الاتفاقية، لكنك تراهم كالخُشب المسندة لا يقدرون على كلام إن سألتهم عن المكاسب الحقيقية للأكراد في نظرتهم الرومنسية. تجد نفسك في النهاية أمام تكرار الفاجعة التي بدأت إبان الحرب العالمية الأولى وما تلاها من سنوات صعبة مليئة بالآلام عند متبني هذه العلّاقة المليئة برصيد المبررات.
في سياق حديثنا أورد قصة كتبها مصطفى كوتلو في وصف فاجعة عجلة فيريس، وهي على النحو التالي: "في مدينة ارزينجان كان هنالك حارسان يتجولان في المدينة، فمرا من أمام مدينة الملاهي وأراد أحدهم أن يركب العجلة الهوائية ليجربها، فاقتحما مدينة الملاهي وأدارا العجلة واعتمراها، في بداية الأمر ضحكا وفرحا بركوبها كفرح وضحك الأطفال، لكن سرعان ما بدأت آلام المعدة والراس تأخذ منهم مأخذا فأصبحا يناديان بأن يطفئ أحدهم العجلة، لكن ما من مجيب… في الصباح جاء عمال مدينة الملاهي فوجدا العجلة وما زالت تدور والحارسان وقد وافتهما المنية".
مختصر الكلام هو: أن الأكراد وخلال تاريخهم الطويل الحافل بالمواقف والبطولات امتنعوا ورفضوا ركوب هذه العجلة، لكن اليوم وبقيادتهم الأجنبية الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء يقبلون تذكرة الصعود، بينما نرى وفي نفس الوقت قيادات حزب العمال الكردستاني وهي تصفق مبتهجة وفرحة وهي تنادي بركوب العجلة. فهل سيركبونها؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس